فتح التوافق “غير المستقر” بين عدد من قادة الكتل العراقية الشيعية الرافضة لتكليف عدنان الزرفي بتشكيل الحكومة، على ترشيح رئيس جهاز المخابرات الحالي مصطفى الكاظمي بديلاً جديداً لرئاسة الحكومة، الباب أمام أزمة سياسية جديدة، في ظل شد وجذب بين أطراف العملية السياسية، وسط غموض بمواقف بعض القوى الفاعلة، والتي من بينها “تحالف سائرون” بزعامة مقتدى الصدر.
وخلال اجتماع استمر حتى ساعة متأخرة من ليلة أمس، ضم قيادات المعسكر المعارض، “تحالف الفتح” بزعامة هادي العامري، و”دولة القانون” بزعامة نوري المالكي، و”تيار الحكمة” بزعامة عمار الحكيم، وقيادات ممثلة عن كتل أخرى، تم اقتراح طرح اسم الكاظمي بديلاً عن رئيس الوزراء المكلف الحالي عدنان الزرفي، مع ترقب لعقد اجتماع جديد عصر اليوم الاثنين مع قوى سياسية أخرى حول الأزمة ذاتها.
ووفقا لمصادر عراقية مطلعة، فإن مبادرة إعادة طرح مصطفى الكاظمي بديلاً عن عدنان الزرفي، ورغم تبنيها من عدة أطراف سياسية، ما تزال في معرض الشد والجذب، إذ إن تحالف “الفتح”، الجناح السياسي لـ”الحشد الشعبي”، يؤيد الترشيح كبديل عن عدنان الزرفي، بينما ترفضه فصائل مسلحة بشدة، أبرزها مليشيا “كتاب حزب الله”، فيما رهن تحالف “دولة القانون”، بزعامة نوري المالكي، القبول به بموافقة باقي الكتل الشيعية.
ووضع تحالف “سائرون” بزعامة مقتدى الصدر شرطين للقبول به، وهما موافقة جميع الأطراف الشيعية عليه، و”الإعلان من قبلها رسمياً أنها تتبناه وهو خيارها وتدعمه حتى لا يكون تنصل بالمستقبل على غرار تنصلهم من دعم رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي”، فيما دعم أيضاً “تيار الحكمة” بزعامة عمار الحكيم هذا الخيار، بينما رفض “تحالف النصر”، بزعامة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، المشاركة في الاجتماعات ليلة أمس.
وبحسب المصادر ذاتها، فإن رئيس جهاز المخابرات مصطفى الكاظمي وضع بدوره شروطاً على تسلمه المنصب، أولها توقيع رؤساء الكتل جميعا على ترشيحه، ثم التوقيع على عدم تدخلهم بتشكيل الحكومة ولا برنامجها، وألا تتدخل أي كتلة أو جهة سياسية في قراراته، مؤكدة أن “الكاظمي يخشى من أن يكون زج اسمه مجرد لعبة سياسية لأجل إسقاط الزرفي، ومن ثم التوافق على مرشح بديل أو الإبقاء على حكومة عبد المهدي”.
وأشارت المصادر إلى أن “المواقف مازالت غير ثابتة، وقد تكون هناك متغيرات لاحقة في غضون الساعات القادمة”.
وكان الكاظمي من الأسماء المطروحة مع اسم الزرفي وآخرين للتكليف بتشكيل الحكومة، إلا أن جهات من الكتل الشيعية رفضته، فيما اتهمته مليشيات تابعة لها بأنه “قريب من واشنطن، وأنه ضالع بقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، ونائب قائد الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس”.
من جهته، قال عضو المكتب السياسي لتيار الحكمة، فادي الشمري، إن “الاتفاق السياسي على ترشيح الكاظمي لرئاسة الحكومة وتوقيع القوى الفاعلة على وثيقة الترشيح ينهي جدلاً طويلاً من المهاترات والتشتت والفوضى السياسية”، مبينا، في تغريدة له، أن “الكاظمي يمتاز بحسن التدبير والإيمان بمنطق الدولة الواحدة، وضرورة حصر السلاح بيد الدولة، وإنهاء التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي”.
وقال النائب المنشق عن “دولة القانون”، كاظم الصيادي، إن “القوى السياسية الشيعية تحركها المصالح والسفارات، وأن القادة الشيعة لا يريدون تكليف مرشح قوي”، مبينا، في تصريح متلفز، أن “الكاظمي وقع بين حيرة القوى الشيعية بين نعم أو لا، وأن أغلب فصائل المقاومة اتهمته بالضلوع بقتل الشهداء (سليماني والمهندس)”.
وأشار إلى أن “الكتلة الكبرى لم يحترمها أحد منذ الجلسة الأولى للبرلمان، وأن هناك جهات تريد التوافق والمحاصصة ولا تريد الحزم والقوة”.
وينتقد مراقبون المواقف المتناقضة داخل المعسكر الرافض للزرفي.
وقال الخبير السياسي هشام الهاشمي: “في كل مرة يحمل البيت السياسي الشيعي معوله لصراع نفسه، التنافس بين أطرافه أصبح لا يطاق بالنسبة لجمهورهم وتنظيماتهم”، مبيناً، في تغريدة له، أنهم “ماهرون في صناعة الأعداء من بينهم، وفي مواجهة صديق قديم، هذه الصراعات أفسدت عليهم لذة السلطة والثروة التي يتحكمون بها، قد تكون هذه لحظة النهاية للكثير منهم!”.
أكثم سيف الدين
العربي الجديد