في وقت انهمكت القاهرة بافتتاح قناة السويس الجديدة،، انطلق حوار أمريكي مصري، وُصِف بالاستراتيجي، إلّا أن وجهة نظر الطرفين المتباينة من قضايا كثيرة تعم المنطقة، تجعل هذا الحوار ضمن سقف الحوارات «التكتية»، وفي الواقع يمثل لحظة الضرورة للطرفين بهدف إعادة ترميم العلاقات بين البلدين التي شهدت فتوراً ملحوظاً مقارنة بفترات سابقة.
فالحوارات التي تجريها، عادة، واشنطن مع دول وازنة في إقليم معين، تتم في أطر وجداول محددة، يكون الهدف منها إعادة تكوين وتموضع لبيئات وسياسات إقليمية تهدف إلى حفظ مصالح مشتركة بين الطرفين. وفي السياق نفسه، أجرت واشنطن حوارات عدة مع القاهرة كان آخرها في العام 2009، وسبقها حوار 1998 و1999 في عهد الرئيس بيل كلينتون على قاعدة متابعات اتفاق أوسلو، وقضايا السلام بين العرب وإسرائيل، ثم جولة حوار أخرى في العام 2006، إبان حكم جورج بوش الابن، والذي تزامن مع عدوان «إسرائيل» على لبنان. وفي الواقع تعكس هذه الحوارات وجدواها مستوى العلاقات بين القاهرة وواشنطن، وفي قراءة سريعة يلاحظ فتور العلاقة بعد فشل الرئيس باراك أوباما في رهانه على الإخوان المسلمين، إذ زاد منسوب التوتر بين الطرفين بعد خلع الرئيس الأسبق محمد مرسي، وانتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسي.
والحوار الأخير يمثل مصلحة للطرفين، بعد تحسن نسبي ناجم عن لقاء أوباما السيسي في الأمم المتحدة العام 2014، والمرونة الأمريكية لقضية المساعدات العسكرية والمالية، التي تبلغ 1.3 مليار دولار، والتي أوقفتها واشنطن سابقاً. وقد ارتكز الحوار على قواعد محددة من بينها دور مصر في عملية السلام، والتسهيلات المصرية للإدارة الأمريكية في إطار عملياتها في المنطقة كحرب الخليج الثانية 1991، واحتلال العراق 2003، إلّا أن مجمل المتغيرات الحاصلة في الإقليم وتغير أولويات واشنطن في المنطقة، وبخاصة بعد توقيع الاتفاق النووي، ربما سينعكسان سلباً على دور مصر الإقليمي وبالتالي نظرة واشنطن في الاعتماد عليها كلاعب إقليمي فاعل. فالقاهرة لديها ملفات حيوية تسعى إلى بناء قواعد صلبة لحلها، أو على الأقل إدارتها بأقل الخسائر الممكنة، ومن بينها مثلاً القضية الليبية التي تشكل الخاصرة الرخوة من الغرب، ومياه النيل والعلاقات مع إثيوبيا في الجنوب، إضافة إلى قضايا الثروات النفطية وأنابيبها في المنطقة شمالاً، علاوة على قضية القوة العربية المشتركة، والتي تحاول القاهرة أن تكون جسر عبور بواسطتها إلى القضايا العربية.
إن الأولويات المصرية تبدو متعارضة بل متصادمة في بعض الأحيان مع السياسات الأمريكية، التي تحاول تحجيم دور مصر وإبقاءها ضمن قضايا محلية وإقليمية ودولية عامة كمحاربة الإرهاب والتصدي لتداعياته، أي بمعنى آخر لا تهتم واشنطن حالياً بإعادة تركيب أدوار فاعلة، وبخاصة لمصر في وقت يشهد الإقليم إعادة تموضع وترتيب لموازين القوى تبدأ من طهران مروراً بالرياض وأنقرة وتل أبيب، ولا يبدو أن واشنطن مستعجلة لحجز دور ما للقاهرة في هذه التركيبة الجديدة.
في المحصلة، وإن كان هذا الحوار هو الخامس من نوعه بين البلدين، والأول بعد موجات الحراك العربي، ينبغي على القاهرة إعادة قراءة وتقييم لمجمل سياساتها الخارجية وبخاصة مع واشنطن، إذ إن هذه الأخيرة لم تكن يوماً من الأيام صاحبة مبادئ، بل تعكس سياساتها براغماتية واضحة في العلاقات مع غيرها، وبخاصة مع العرب. وبذلك يعكس الحوار الحالي مستويات «تكتية» لا استراتيجية من وجهة نظر الطرفين، باعتبار أن الأولويات المطروحة الآن، لا تعدو كونها الحفاظ على ما تبقى من علاقات دافئة، على أمل شراء الوقت وتقطيعه، ريثما تنجلي الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، كما ظهور تداعيات الاتفاق النووي الإيراني في المنطقة، والذي سيستتبع خرائط قوة سياسية وعسكرية إن لم تكن جغرافية.
فالحوارات التي تجريها، عادة، واشنطن مع دول وازنة في إقليم معين، تتم في أطر وجداول محددة، يكون الهدف منها إعادة تكوين وتموضع لبيئات وسياسات إقليمية تهدف إلى حفظ مصالح مشتركة بين الطرفين. وفي السياق نفسه، أجرت واشنطن حوارات عدة مع القاهرة كان آخرها في العام 2009، وسبقها حوار 1998 و1999 في عهد الرئيس بيل كلينتون على قاعدة متابعات اتفاق أوسلو، وقضايا السلام بين العرب وإسرائيل، ثم جولة حوار أخرى في العام 2006، إبان حكم جورج بوش الابن، والذي تزامن مع عدوان «إسرائيل» على لبنان. وفي الواقع تعكس هذه الحوارات وجدواها مستوى العلاقات بين القاهرة وواشنطن، وفي قراءة سريعة يلاحظ فتور العلاقة بعد فشل الرئيس باراك أوباما في رهانه على الإخوان المسلمين، إذ زاد منسوب التوتر بين الطرفين بعد خلع الرئيس الأسبق محمد مرسي، وانتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسي.
والحوار الأخير يمثل مصلحة للطرفين، بعد تحسن نسبي ناجم عن لقاء أوباما السيسي في الأمم المتحدة العام 2014، والمرونة الأمريكية لقضية المساعدات العسكرية والمالية، التي تبلغ 1.3 مليار دولار، والتي أوقفتها واشنطن سابقاً. وقد ارتكز الحوار على قواعد محددة من بينها دور مصر في عملية السلام، والتسهيلات المصرية للإدارة الأمريكية في إطار عملياتها في المنطقة كحرب الخليج الثانية 1991، واحتلال العراق 2003، إلّا أن مجمل المتغيرات الحاصلة في الإقليم وتغير أولويات واشنطن في المنطقة، وبخاصة بعد توقيع الاتفاق النووي، ربما سينعكسان سلباً على دور مصر الإقليمي وبالتالي نظرة واشنطن في الاعتماد عليها كلاعب إقليمي فاعل. فالقاهرة لديها ملفات حيوية تسعى إلى بناء قواعد صلبة لحلها، أو على الأقل إدارتها بأقل الخسائر الممكنة، ومن بينها مثلاً القضية الليبية التي تشكل الخاصرة الرخوة من الغرب، ومياه النيل والعلاقات مع إثيوبيا في الجنوب، إضافة إلى قضايا الثروات النفطية وأنابيبها في المنطقة شمالاً، علاوة على قضية القوة العربية المشتركة، والتي تحاول القاهرة أن تكون جسر عبور بواسطتها إلى القضايا العربية.
إن الأولويات المصرية تبدو متعارضة بل متصادمة في بعض الأحيان مع السياسات الأمريكية، التي تحاول تحجيم دور مصر وإبقاءها ضمن قضايا محلية وإقليمية ودولية عامة كمحاربة الإرهاب والتصدي لتداعياته، أي بمعنى آخر لا تهتم واشنطن حالياً بإعادة تركيب أدوار فاعلة، وبخاصة لمصر في وقت يشهد الإقليم إعادة تموضع وترتيب لموازين القوى تبدأ من طهران مروراً بالرياض وأنقرة وتل أبيب، ولا يبدو أن واشنطن مستعجلة لحجز دور ما للقاهرة في هذه التركيبة الجديدة.
في المحصلة، وإن كان هذا الحوار هو الخامس من نوعه بين البلدين، والأول بعد موجات الحراك العربي، ينبغي على القاهرة إعادة قراءة وتقييم لمجمل سياساتها الخارجية وبخاصة مع واشنطن، إذ إن هذه الأخيرة لم تكن يوماً من الأيام صاحبة مبادئ، بل تعكس سياساتها براغماتية واضحة في العلاقات مع غيرها، وبخاصة مع العرب. وبذلك يعكس الحوار الحالي مستويات «تكتية» لا استراتيجية من وجهة نظر الطرفين، باعتبار أن الأولويات المطروحة الآن، لا تعدو كونها الحفاظ على ما تبقى من علاقات دافئة، على أمل شراء الوقت وتقطيعه، ريثما تنجلي الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، كما ظهور تداعيات الاتفاق النووي الإيراني في المنطقة، والذي سيستتبع خرائط قوة سياسية وعسكرية إن لم تكن جغرافية.
د.خليل حسين
صحيفة الخليج