“انهيار أسعار النفط “. إذا قرأت هذا العنوان عن أسواق النفط يوم الاثنين، فهذا خطأ. ما كان يجب أن يكون هو: “انهيار أسعار النفط في الولايات المتحدة”. نعم، كانت أسعار النفط ضعيفة في بقية أنحاء العالم، ولكن في الولايات المتحدة، انعكس سوق النفط وكان البائعون على استعداد للدفع للمشترين لكي يقوموا بأخد الشحنات. السبب؟ هناك الكثير من النفط المتاح لدرجة نفاد أماكن تخزينه في الولايات المتحدة.
وبالطبع، فإن السبب الأساسي هو أن جائحة فيروس كورونا قد قللت فجأة من الطلب للنفط بنحو 30 في المائة لأن الناس – في الولايات المتحدة وفي معظم أنحاء العالم – لا يقودون السيارات، ولا يذهبون إلى أماكن عملهم، ولا يقومون بتصنيع سلعهم في معظم المصانع. وطغى تعقيد قصة أسعار النفط على قيمة الاستطلاع عنه، لذلك كانت الأخبار الرئيسية في العشرين من نيسان/أبريل لا محالة هو تجاوز العدد الإجمالي المروع للوفيات الناجمة عن مرض “كوفيد-19” في الولايات المتحدة 42,000 حالة.
ولكن ربما ما كان ذات يوم مجرد مثال نظري من بعض دورات “الاقتصاد 201” في الكلية، فله الآن عواقب واقعية على العديد من الأمريكيين. ومن المحتمل أن يكون مسماراً آخر في نعش إنتاج النفط الصخري الأمريكي وصفعة على وجه الرئيس ترامب، الذي اعتقد قبل أسبوع فقط أنه قد أنقذ اتفاق تسوية لخفض الإنتاج مع منظمة “أوبك” بقيادة السعودية ومع دول من خارج “أوبك” بقيادة روسيا – المعروفة مجتمعة باسم “أوبك +” – عندما كانتا كلا المجموعتين على خلاف.
وبدا الرئيس ترامب متكتّماً في إبداء الكثير من التعليقات حول الوضع أثناء الإحاطة التي قدمها باسم قوة المهام الخاصة بفيروس كورونا في البيت الأبيض مساء الاثنين. فقد قال: “لم يسمع أحد عن النفط السلبي من قبل، ولكن أمده قصير”، مضيفاً أن بعض المستثمرين تعرضوا “للضغط” على نحو خطير، مشيراً إلى كّوْن أسعار التسليم لشهر حزيران/يونيو أعلى قيمة. ولدى سؤاله عما إذا كان يرغب في أن تقوم “أوبك +” بإجراء المزيد من التخفيضات، قال: “لقد قمنا [بطلب] ذلك بالفعل”. وقال أيضاً إنه يعتبر هذه فرصة لشراء النفط بسعر منخفض بشكل كبير وتخزينه للمستقبل.
وبالطبع، ربما ستكون موسكو سعيدة بالأخبار السيئة لمنتجي النفط الصخري الأمريكي. فشركاتها النفطية تَعتبر نظيراتها في تكساس كشركات استغلالية في السوق العالمية. لكن من المحتمل أن يكون غضب الصناعة الأمريكية موجهاً إلى المملكة العربية السعودية، خاصة في أعقاب الأخبار التي أفادت قبل ثلاثة أيام بأن المملكة ستقوم بتسليم ما معدله 600,000 برميل يومياً إلى الولايات المتحدة خلال شهر نيسان/أبريل. وإلى أن تَدخّل الرئيس ترامب، كانت الرياض تلعب “لعبة الدجاجة” مع موسكو حول أي منهما يمكنها أن تقاوم انخفاض أسعار النفط لفترة أطول. وكان دَوْر الرئيس الأمريكي، ونجاحه على المدى القصير للغاية، مطابقان لالتواء الذراع الدبلوماسية مع تحقيق نصر سياسي محلي.
وسيصاب الجمهوريون في تكساس بخيبة أمل وغضب، إن لم يكن بغضب سريع، في مطلع الأحداث، وربما يكون ذلك موجهاً نحو الرياض. وكما أشار السياسيون وشركات النفط إلى السفيرة السعودية في واشنطن الأميرة ريما بنت بندر آل سعود في مؤتمر عبر الهاتف لمدة ساعتين قبل أسبوعين، “لماذا نرسل أفراد الخدمة الأمريكية للدفاع عنكم من هجوم إيراني إذا تقومون بعد ذلك بمهاجمة اقتصادنا النفطي المحلي؟” وقال الرئيس الأمريكي يوم الاثنين إنه يُفكر فيما إذا كان سيوقف شحنات النفط الخام السعودية القادمة إلى الولايات المتحدة.
وغالباً ما تكون أسعار النفط مُشكلة معقدة مع العديد من الأجزاء المؤثرة – كالمخاوف في الشرق الأوسط، والقلق المحلي الأمريكي، وكذلك فيروس كورونا، وغيرها. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل ستستمر معركة السكين بين الرئيس بوتين وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان؟ إن ما يمكن استنتاجه بصورة أكثر عمومية هو تضرر الاقتصاد العالمي إلى درجة كبيرة ولا نعلم إلى أي حد سيصل إليه، أو متى سيحدث ذلك. وفي مثل هذه الظروف، يجب أن نُصلّي من أجل [حدوث] “متغيّرات خارجية” أقل [سلبية] واتخاذ قرارات أكثر حذراً. ولكن لا يجب أن نعتمد على ذلك.
سايمون هندرسون
معهد واشنطن