قال رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب إن تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية يتسارع بشكل مريب في السوق السوداء، مضيفا أن ثمة معضلة تتمثل في غموض في أداء حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إزاء تدهور هذه الأزمة.
وأكد دياب في كلمة له بعد جلسة للحكومة أنه لن يسمح بسلب الناس أموالهم مرة أخرى من خلال رفع سعر صرف الدولار، كما شدد على أن الحكومة لن تتهاون في قمع كل عبث بالاستقرار المالي، وأن “الدولة ستضرب بحزم”.
ووجه دياب انتقادا شديدا على غير المعتاد إلى حاكم المصرف المركزي، مشككا في أدائه بعد هبوط حاد لليرة، ودعاه إلى تقديم توضيح للبنانيين.
ورسم دياب صورة قاتمة لمالية المصرف المركزي، لافتا إلى بيانات تشير إلى خسائر “متسارعة”، إذ فُقدت سبعة مليارات دولار منذ بداية العام، منها ثلاثة مليارات في الأسابيع الأربعة الأخيرة وحدها.
وحذر رئيس الحكومة من أن السيولة لدى البنوك التي تعاني أزمة سيولة أصلا “بدأت في النفاد”، إذ تخارجت ودائع لبنانية بقيمة 5.7 مليارات دولار من النظام في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط، رغم القيود المشددة على السحب بالعملة الخضراء والتحويل إلى الخارج وسط أزمة سيولة حادة.
وقال إن هناك فجوات كبرى في مصرف لبنان “فجوة في الأداء وفجوة في الإستراتيجيات وفجوة في الصراحة والوضوح وفجوة في السياسة النقدية وفجوة في الحسابات”.
وأضاف “فليخرج حاكم مصرف لبنان وليعلن للبنانيين الحقائق بصراحة، ولماذا يحصل ما يحصل؟ وما هو أفق المعالجة؟ وما هو سقف ارتفاع الدولار؟”.
اعلان
وفي تعليقه على هذه التصريحات، قال رئيس الحكومة السابق سعد الحريري إن ما وصفه بالعقل الانقلابي يحمل مسؤولية الانهيار لحاكم مصرف لبنان وجهات سياسية محددة، مضيفا أن كلام دياب يؤكد انخراط الحكومة في النهج الانتقامي الذي ساد منذ أواخر التسعينيات.
من جهتها، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر مقرب من الحكومة أن الجزء الأكبر تم تحويله إلى الخارج. وقال “جزء منه تمّ سحبه وادخاره على الأرجح داخل المنازل، وبهدف الاستخدام اليومي والاستهلاك”.
وأضاف المصدر “نظرا لكون عمليات السحب عبر الصندوق كانت محدودة بمبالغ صغيرة نسبيا خلال تلك الفترة، يمكن أن يستنتج منطقيا أن جزءا كبيرا من الـ 5,7 مليارات دولار غادر البلاد”.
تشغيل الفيديو
ماذا يحدث؟
بحسب تقديرات رسمية سابقة، تمّ تحويل 2,3 مليار دولار خلال آخر شهرين من عام 2019 للخارج، بعد اندلاع احتجاج شعبي غير مسبوق ضد الطبقة السياسية المتهمة بالفساد وتدهور الوضع الاقتصادي. وتمت العمليات حينها رغم منع التحويل إلى الخارج.
وفي الشهر الماضي، تعثر لبنان في التزامات ديونه الخارجية الثقيلة، معلنا أنه لم يعد بإمكانه السداد للمودعين في الوقت الذي يحافظ فيه على السيولة من أجل الواردات الضرورية.
وتحمّل قوى سياسية عدة، على رأسها حزب الله، سلامة مسؤولية تدهور الوضع المالي، وكرر الحزب مؤخرا مطالبة الحكومة بالتدقيق المالي والمحاسبي لمصرف لبنان.
وسلامة، الذي نال جوائز إقليمية ودولية تقديرا لجهوده في منصبه، كان يعد بمثابة عراب استقرار الليرة ومهندس السياسات المالية في مرحلة ما بعد الحرب الأهلية (1975-1990). ولطالما عرف بسياساته النقدية الحذرة.
اعلان
وتراجع سعر صرف الليرة اللبنانية بشكل حاد مقابل الدولار الذي لامس في السوق الموازية عتبة أربعة آلاف ليرة للمرة الأولى على الإطلاق.
يأتي هذا في حين ما زال السعر الرسمي الذي يحدده المصرف المركزي للدولار عند 1500 ليرة. وقد أدى هذا التدهور الكبير في العملة اللبنانية إلى ارتفاع كبير في أسعار السلع.
الجزيرة