كشف قائد القوات البحرية في الحرس الثوري الأميرال علي رضا تنغسيري لأول مرة عن عزم بلاده تنفيذ مشروع للتوطين في عدد من الجزر في المياه الخليجية.
وأكد تنغسيري أن الأوامر بوجوب توطين السكان في هذه الجزر صدرت من المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، مضيفا في تصريح صحفي أنه تم إنشاء مطار دولي في جزيرة طنب الكبرى، ومطار آخر في جزيرة طنب الصغرى، فضلا عن بناء وتطوير 50 كاسرا للأمواج على سواحل هذه الجزر التي وصفها بأنها إستراتيجية.
وترى أوساط إيرانية أن القرار بتأهيل هذه الجزر خطوة في الاتجاه الصحيح ولو جاء متأخرا، في وقت طالب فيه آخرون بتسريع وتيرته لضمان الأمن والاستقرار فيها، وقطع الطريق على الوجود العسكري الأجنبي قربها.
وجزيرتا طنب الكبرى وطنب الصغرى وجزيرة أبو موسى متنازع على ملكيتها مع الإمارات، إذ تطالب الأخيرة إيران بإرجاعها، في حين تؤكد طهران أن ملكيتها للجزر “غير قابلة للنقاش”.
أهمية اقتصادية
ورغم صغر مساحة الجزر الثلاث، فإن أهميتها الإستراتيجية والاقتصادية كبيرة جدا، وهي سبب النزاع عليها، فهي تقع في منطقة حساسة من المياه الخليجية بالقرب من الممرات الآمنة للملاحة البحرية.
ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة طهران محمد مرندي أن تأهيل المناطق الحدودية من أهم عوامل ضمان الأمن والاستقرار فيها، ويعتبر قرار بلاده سدا منيعا أمام نفوذ أعدائها في المياه الخليجية، وأعرب عن أمنيته لو جاء القرار قبل أعوام.
وأوضح في تصريح للجزيرة نت أن قرار خامنئي كان قد صدر منذ فترة، وأن تزامن الإعلان عنه مع التحركات الأميركية الأخيرة في مياه الخليج يؤكد عزم طهران المضي قدما في سياسة ضمان أمن المياه الإقليمية وعدم الحاجة لحضور أي قوات أجنبية فيها.
ولدى إشارته إلى الحضور العسكري الأميركي في مياه المنطقة، أردف مرندي أنه خلافا للحضور الأجنبي فإن تأهيل هذه الجزر يأتي في إطار سياسة إيران لإحلال الأمن في المنطقة، مما يؤكد زيف ادعاء التحالف الأميركي حماية الملاحة البحرية لأنه لا أمن لهذه المنطقة سوى بيد سكانها.
أهمية إستراتيجية
من جانبه، يرى الباحث في الشؤون السياسية الإيرانية مهدي شكيبائي أن الجزر الإيرانية في مياه الخليج تتمتع بأهمية إستراتيجية على الصعد العسكرية والأمنية والاقتصادية، مؤكدا أن بلاده تعتمد بشكل كبير على المياه الخليجية لتصدير نفطها للخارج، مما يرفع من أهمية هذه الجزر بالنسبة لطهران.
وقال شكيبائي للجزيرة نت إن الجزر الإيرانية في المياه الخليجية البالغ عددها 41 جزيرة تضطلع بدور حيوي في ضمان أمن المنطقة لا سيما أمن مضيق هرمز وإيران عموما، مضيفا أن نحو 20 جزيرة منها لا تزال خالية من السكان، معتبرا أن جزيرتي قشم وكيش تشكلان نموذجا ناجحا لتوفير البنى التحتية اللازمة للتوطين في سائر الجزر الإيرانية.
وأشار إلى أن الوجود العسكري الأميركي قد زعزع أمن المنطقة الخليجية خلال السنوات الأخيرة، وشدد على أن من حق بلاده أن تستثمر جميع طاقاتها للحد من العبث الأجنبي بالمنطقة لا سيما تأهيل جزرها لتكون صالحة لتوطين السكان فيها.
وأوضح شكيبائي أن القرار الإيراني بتأهيل الجزر للتوطين يشمل عددا كبيرا منها في المياه الخليجية، مستبعدا أن يقابل القرار الإيراني بمعارضة عربية لا سيما وأن طهران لم تنشئ جزرا صناعية على غرار بعض جاراتها الجنوبية، وإنما هذه جزرها ولها الحق في تأهيلها.
التدخلات الأجنبية
ورفض الباحث الإيراني أن تكون هذه الجزر متنازعا عليها، مضيفا أن إيران تمد يد الصداقة إلى جميع جاراتها الجنوبية طيلة 40 عاما، وتؤكد ضرورة مشاركتها في إحلال الأمن والاستقرار بالمنطقة لقطع الطريق على التدخلات الأجنبية.
وخلص إلى القول إن من شأن هذا القرار أن يعزز أمن المنطقة لا سيما أمن الدول العربية المطلة على الشواطئ الجنوبية لمياه الخليج، وبالتالي “سينعكس إيجابا على الاستقرار الإقليمي”، نافيا احتمال معارضة بعض الدول العربية لهذا القرار.
ويرى مراقبون في إيران أن بعض هذه الجزر تشرف على مضيق هرمز الذي يمر عبره يوميا حوالي 40% من الإنتاج العالمي من النفط، وبحكم موقعها الجغرافي فإنها صالحة للاستخدام العسكري، مما يجعلها مركزا ملائما للرقابة العسكرية على السفن التي تعبر المضيق.
ومن الناحية الاقتصادية فإن هذه الجزر تزخر ببعض الثروات الطبيعية المهمة مثل البترول، وأكسيد الحديد الأحمر، وكبريتات الحديد، والكبريت.
المصدر : الجزيرة