الصين.. كيف تحولت إلى وقود سباق ترامب الرئاسي؟

الصين.. كيف تحولت إلى وقود سباق ترامب الرئاسي؟

غيرت أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) داخل الولايات المتحدة الأميركية طبيعة وديناميكية الإستراتيجيات الانتخابية للمرشحين الجمهوري دونالد ترامب والديمقراطي جو بايدن.

وبعدما توقع خبراء أن تركز الانتخابات على سجل ترامب في سنوات حكمه الأربع أصبحت قضيتا كورونا والتعامل مع الصين مركز الحملات الدعائية لكلا المرشحين كما يظهر في الحملات الدعائية، سواء على شاشات التلفزيونات الأميركية أو في وسائط منصات التواصل الاجتماعي المختلفة.

واعتبر ترامب أن الانتخابات الرئاسية المقبلة لن تكون استفتاء على أدائه في التعامل مع فيروس كورونا، وربط الصين بقضية الانتخابات بعدما أكد لوكالة رويترز أن “الصين ستفعل كل ما في وسعها كي يخسر انتخابات الرئاسة”.

وبعد فترة من المديح المتكرر للصين ولطريقة تعاملها لوقف انتشار الفيروس اتخذ ترامب موقفا عدائيا علنيا ضدها، ولا يمر يوم إلا ويغرد أو يتحدث منتقدا الصين.

ويدفع ترامب وكبار مستشاريه إلى مسؤولية الصين المباشرة عن إصابة أكثر من مليون أميركي بالفيروس ووفاة ما يقارب 70 ألفا آخرين، بسبب فشلها في إغلاق حدودها والسماح بالسفر منها رغم معرفتها بالمخاطر الناجمة عن ذلك.
اعلان

وحاول ترامب استغلال هذا الاتجاه العدائي ضد الصين من خلال وصفه كورونا بـ”الفيروس الصيني” أو “فيروس ووهان”، واتهام السلطات الصينية بالكذب والتستر على انتشار الفيروس خارج الحدود الصينية، مع تعهده عدة مرات بعقاب الصين.

وأكد في حوار مع شبكة “فوكس” مساء أول أمس الأحد أن “الصين ارتكبت خطأ وحاولت إخفاءه ومنعت دخولنا، وسنعلن عن التفاصيل الحاسمة في الوقت المناسب”.وتمثل تصريحات ترامب تغيرا في إستراتيجيته الانتخابية، إذ يتجه وكبار أعضاء إدارته لمهاجمة الصين وعدم الاعتراف بارتكاب أي أخطاء أو تقصير في مواجهة تفشي الفيروس في الولايات المتحدة.

وتتسق هذه الإستراتيجية مع ما كشفه استطلاع للرأي أجراه مركز “بيو” للأبحاث على ألف ناخب أميركي خلال مارس/آذار الماضي، وكشف أن ثلثي الأميركيين (66%) يملكون رأيا هو الأكثر سلبية تجاه الصين خلال العقدين الأخيرين.

وارتفعت نسبة العداء للصين أكثر من 20 نقطة بين الأميركيين منذ وصول ترامب لسدة الحكم في يناير/كانون الثاني 2017.

وعبر 72% من الجمهوريين عن رؤيتهم السلبية للصين، وانخفضت النسبة بين الديمقراطيين لتصل إلى 62%، وأظهر الاستطلاع كذلك انعدام ثقة 71% من الأميركيين في الرئيس الصيني شي جين بينغ، في حين بلغت هذه النسبة 50% منتصف 2019.

عقوبات قادمة
ويحاول ترامب استغلال خطاب شعبوي يطالب بعودة التصنيع للداخل الأميركي بعدما تم الاعتماد على الصين في توفير الكثير من المنتجات الاستهلاكية البسيطة والضرورية للمواطن الأميركي.
اعلان

وفي حديثه للجزيرة نت، قال مارك ماكينزي -وهو من أنصار ترامب- “كي نجعل أميركا عظمية مرة أخرى علينا وقف الاعتماد على الصين في توفير أغلب المنتجات الاستهلاكية”.

وأضاف ماكينزي -الذي يعيش في مقاطعة مونتغمري بولاية ميريلاند- “لقد بدأت في تجنب شراء المنتجات الصينية التي يوجد لها بديل مصنّع في دول أخرى، يجب ألا يستمر اعتمادنا على الصين”.

من ناحيته، أبلغ كيث كراتس مساعد وزير الخارجية للتنمية الاقتصادية وكالة رويترز أن بلاده تعمل لتقليل الاعتماد على سلاسل التوريد الصينية في عملية التصنيع الأميركية.

غير أن جيم كريمر الخبير الاقتصادي في شبكة “سي إن بي سي” شكك في جدوى السياسات الاقتصادية لإدارة ترامب.

وقال كريمر “إنه من الصعب أن تقدم واشنطن على فرض عقوبات أميركية على الصين في ظل تدهور الاقتصاد الأميركي مع إضافة أكثر من ثلاثين مليون شخص جديد لأعداد العاطلين في سوق العمل الأميركية”.

وشهدت ولاية ويسكونسن تقدم سيناتور محلي بمشروع قرار يتهم الصين بالإهمال والقيام بأعمال عدائية، في حين أصبحت ولاية ميزروي ومن بعدها ولاية مسيسيبي (صوتتا عام 2016 لصالح ترامب) أول ولايتين ترفعان قضية تعويضات ضد الصين أمام محكمة فدرالية، بسبب مسؤوليتها عن انتشار جائحة كورونا.

ويرى جون فريدريكس الإذاعي الجمهوري الشهير المناصر للرئيس ترامب أن مستمعي برامجه من الجمهوريين في الضواحي والمناطق الريفية يثقون في الرئيس ترامب كقائد قادر على مواجهة الصين، مضيفا خلال برنامجه الإذاعي قبل أيام أن “أيدي الصين ملطخة بدماء أميركيين”.

وجاء في أحد الإعلانات الممولة من حملة ترامب بمنصة فيسبوك “على العكس من جو بايدن النعسان وبقية الديمقراطيين الملتوين يحفظ الرئيس ترامب عهوده التي من أهمها عدم السماح للصين باستغلال أميركا وجعلها كبش فداء”.

كما قام تجمع “حركة أميركا أولا” المؤيد لترامب بتمويل إعلانات تتهم جو بايدن وتظهر علاقاته السابقة وعلاقات ابنه هانتر بالصين، وبث الإعلان في عدة ولايات متأرجحة، بينها بنسلفانيا وميشيغان وويسكونسن.

من جهة ثانية، يعتقد الديمقراطيون أن التركيز على الصين سيزيد حظوظ فوزهم في انتخابات نوفمبر/تشرين الأول المقبل.

ويركز الديمقراطيون على انتقاد سجل الرئيس ترامب في التعامل مع انتشار كورونا، خاصة إقدامه على مدحه الصين ورئيسها شي جين بينغ، واهتمامه بالصفقات التجارية معها على حساب صحة وحياة الأميركيين.

ونشرت جماعة “الجسر الأميركي” التابعة للحزب الديمقراطي إعلانا تلفزيونيا يركز على ثقة ترامب الكبيرة في الصين ورئيسها من خلال عرض مقتطفات من تصريحات لترامب بهذا السياق.

انتخابات على المحك
وقبل انتشار كورونا ركزت حملة ترامب على النجاحات الاقتصادية والمالية لسياسات ترامب.

ولم يعد من الممكن التركيز على النجاح الاقتصادي الذي تلاشي كنتيجة للوباء، ومع توقف أوجهة الأنشطة الاقتصادية سجل أكثر من 30 مليون أميركي للحصول على إعانات البطالة خلال الأسابيع الأخيرة، وهي نسبة لم تشهدها الولايات المتحدة حتى خلال أزمة الكساد الكبير التي ضربتها في ثلاثينيات القرن الماضي.

وأشار استطلاع للرأي أجرته جامعة سوفولك بالاشتراك مع صحيفة “يو إس أي توداي” بين الفترة من 21 إلى 25 أبريل/نيسان الماضي على عينة من 1007 ناخبين أميركيين إلى تقدم المرشح الديمقراطي جو لايدن بنسبة 44% على الرئيس ترامب الذي حصل على 38%.

الجزيرة