أولى قرارات الكاظمي: تهدئة الشارع أم الابتعاد عن إيران

أولى قرارات الكاظمي: تهدئة الشارع أم الابتعاد عن إيران

بغداد – أظهرت أولى قرارات اتخذها رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي ملامح خارطة الطريق التي ستسلكها حكومته بعد نيل ثقة البرلمان حيث تمثلت في التصالح مع المنتفضين والابتعاد أكثر عن المحور الإيراني الذي دفع نحو تأزيم الوضع الداخلي طوال الأشهر الماضية وجعل البلد ساحة لتصفية الحسابات الإيرانية مع الولايات المتحدة.

وشكلت قرارات الكاظمي، رئيس جهاز المخابرات السابق والذي يحظى بدعم سياسي واسع، بادرة “حسن نية” للتخلص من إرث الحكومة السابقة التي تسببت في توتير الأوضاع الداخلية ودفعت نحو تقوية الميليشيات واتبعت الحلول الأمنية لكبح جماح المتظاهرين.

وأمر الكاظمي في أولى جلسات حكومته بإطلاق سراح المتظاهرين وتشكيل لجنة لتقصي الحقائق “في كل الأحداث التي حصلت منذ الأول من أكتوبر العام 2019 وحتى اليوم”، أي منذ اندلاع شرارة الانتفاضة ضد السلطة الحاكمة. كما نصت قراراته بضرورة “عدم التساهل مع جرائم الخطف وملاحقة مرتكبيها، وحماية المتظاهرين السلميين ومنع العنف بكافة أشكاله”. ولقيت قرارات الكاظمي ترحيبا واسعا من الحراك الشعبي.

واستأنف آلاف المتظاهرين العراقيين الأحد، احتجاجاتهم في محافظات وسط البلاد وجنوبها، بعد أكثر من شهر ونصف من توقفها جراء جائحة كورونا.

وشهدت ساحة التحرير وجسر الجمهورية وسط بغداد تجمعا لمئات المحتجين الذين طالبوا بالإصلاح ومحاسبة الذين تسببوا بقتل المتظاهرين في الاحتجاجات التي شهدتها بغداد وتسع مدن عراقية منذ بداية شهر أكتوبر الماضي.

وأغلقت قوات الأمن جسر الجمهورية المؤدي من ساحة التحرير إلى المنطقة الخضراء، ومنعت عبور المدنيين منه تحسبا لأي طارئ.

وفي محافظات ذي قار والمثنى وواسط والديوانية (جنوب)، خرج مئات المتظاهرين إلى الشوارع معلنين استئناف النشاط الاحتجاجي، وسط إجراءات أمنية مشددة، بحسب شهود عيان ومحتجين.

وأكد الكاظمي أن من أولويات حكومته تأمين الظروف السليمة لإجراء الانتخابات وهو من ضمن مطالب الحراك الشعبي المتواصل في البلاد على الرغم من انتشار فايروس كورونا.

وكان رئيس الحكومة العراقية أكثر وضوحا في رسالته لإيران خلال استقباله سفيرها ببغداد إيرج مسجدي الذي أكد له أن “العراق لن يكون ممرا أو مقرا للإرهاب أو منطلقا للاعتداء على أية دولة أو ساحة لتصفية الحسابات”، الكلام نفسه الذي نقله أيضا إلى السفير الأميركي ماثيو تولر.

وعدّ قرار الكاظمي الأكثر تحولا في المشهد الجديد هو إعادته لعبدالوهاب الساعدي إلى منصبه والذي أقاله رئيس الحكومة المستقيل عادل عبدالمهدي لإرضاء إيران وميليشياتها في العراق.

وقال الكاظمي إنه قرر “إعادة الأخ البطل الفريق أول عبدالوهاب الساعدي إلى منصبه رئيسا لجهاز مكافحة الإرهاب”.

وتعتبر قوات مكافحة الإرهاب، قوات نخبة في الجيش العراقي، حيث دربتها وسلحتها القوات الأميركية، وكانت بمثابة رأس الحربة في الحرب ضد تنظيم “داعش” على مدى ثلاث سنوات (2014-2017)، إضافة إلى أنها القوة التي تعمل الميليشيات الموالية لإيران على إضعافها والسيطرة عليها.

وفي سبتمبر الماضي، أقال عبدالمهدي، الساعدي من رئاسة جهاز مكافحة الإرهاب، بعد أن اتهمه بارتياد سفارات دول أجنبية، ووقتها رفض الأخير القرار معتبرا إياه “إهانة” لتاريخه.

والساعدي كان له الدور الكبير مع قادة جهاز مكافحة الإرهاب في تجنيب المدنيين خطر المعارك التي وقعت في مدينة الموصل شمالي البلاد ضد مسلحي “داعش” عام 2017، حسب تقارير محلية وشهادات أهلية.

وأثار قرار عبدالمهدي إقالة الساعدي من منصبه غضباً شعبياً واسعاً دفع الحراك الشعبي في العراق إلى ترشيح الساعدي لمنصب رئيس الوزراء خلفا لعبدالمهدي.

وأجبر الحراك الشعبي حكومة عبدالمهدي، على تقديم استقالتها مطلع ديسمبر الماضي، ويُصر المتظاهرون على رحيل ومحاسبة كل النخبة السياسية المتهمة بالفساد وهدر أموال الدولة، والتي تحكم منذ العام 2003.

العرب