الباحثة شذى خليل*
بعد خمسة أشهر من الاختلافات.. وافق البرلمان العراقي على تشكيل الحكومة الجديدة لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، القادم من منصبه الأمني الدولي الرفيع على قيادة المخابرات العراقية، بعدما أحدث ترشيحه انقساماً بين الكتل الشيعية المهيمنة منذ عام 2003، مع رفض بعض الوزارات وتأجيل التصويت على أخرى.
أدى الكاظمي اليمين الدستوري وسط ترحيب أميركي وإيراني وأممي، وتنتظر حكومته تحديات اقتصادية واجتماعية وسياسية، حيث طلب الكاظمي تأجيل التصويت على حقيبتي الخارجية والنفط وسيتم تقديم المرشحين خلال الأسبوعين المقبلين.
وقدم الكاظمي تعهدات جديدة، ابرزها:
اجراء انتخابات مبكرة.
إمكانيات الدولة لمحاربة جانحة كورونا.
حصر السلاح بيد المؤسسات الحكومية والعسكرية.
إعادة مشروع قانون موازنة استثنائية.
فتح حوار وطني شامل.
حماية سيادة العراق وامنه.
معالجة الفساد وتفعيل الملفات المعطلة.
إعادة النازحين.
فهل يجتاز الكاظمي كل هذه التحديات، بعد اجتيازه عقبة البرلمان ؟ وكيف سترتب الحكومة الجديدة أولوياتها.. وكيف ستعامل مع التجاذبات الدولية الامريكية والإيرانية.
هذه التحديات المعقدة، تتمحور حول الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يواجهها العراق، فضلاً عن الحراك السياسي، الذي وإن خفت حدته في الشارع بفعل أزمة «كورونا»، فإن مطالبه ما زالت قائمة.
وبطبيعة الحال، فإن العراق يواجه أزمة جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، وهذه الأزمة تتطلب الكثير من الجهد للحيلولة دون تحول العراق، إلى بؤرة لتفشي الوباء، وخاصة أنه جار لإيران، التي تمثل بؤرة لهذه الجائحة في منطقة الشرق الأوسط، ومن ثم فلم يكن غريباً أن يعلن الكاظمي بعد حصول حكومته على الثقة البرلمانية من أنه سيعطي الأولوية للتصدي لتلك الجائحة، ووفقاً للتقديرات الرسمية، فإن الفيروس أصاب أكثر من 2000 عراقي وأودى بحياة أكثر من 100.
والتحديات الأمنية، حيث بدأ «داعش» يعاود نشاطه من جديد، ويكثف هجماته على القوات الحكومية من مخابئ في مناطق نائية بشمال البلاد، ويندرج ضمن التحديات الأمنية أيضاً تحدي الميليشيات المسلحة العاملة في الساحة العراقية، التي لا تخضع لهيمنة السلطة الحاكمة.
جملة من المشاكل والتحديات لا يكاد العراق يفيق من واحدة حتى يغرق في أخرى، وكأنها دوامة اختطفت البلاد وجعلتها رهينة لفوضى لم تفلح الحكومات المتعاقبة في وضع حد لها منذ عام 2003 حتى اليوم، ويعاد الامل مع بداية تشكيل حكومة الكاظمي .
ومن جملة المشاكل الاقتصادية التي يجب ان تعالج لأن لها مساس بحياة المواطن والوضع لاقتصادي والبطلة و….. الخ من انعكاسات:
حيث تمتلئ الأسواق العراقية ببضائع من مختلف دول العالم، خاصة دول الجوار، في حين تكاد تغيب بشكل شبه كامل منتجات الصناعة المحلية، بالإضافة إلى المحاصيل الزراعية التي بات العراق -الذي اشتهر بخصوبة أراضيه وكثرة مياهه- يستوردها من الخارج أيضا، الاستثمار داخل البلد وتنمية الصناعة والزراعة أساس إعادة الحياة الطبيعية للبلد، حيث يجب معالجة ضعف التخصيصات المتعلقة بالاستثمار وإعادة إعمار المدن، وإعادة تقوية مستوى الخدمات والبنى التحتية، لجميع القطاعات خاصة في قطاع الكهرباء، لا سيما أنه يستورد الكهرباء من إيران وكذلك الغاز لتجهيز محطات التوليد، مما سيجعله أبرز المتضررين من توقف ذلك بعد ان دخلت العقوبات الأميركية على طهران حيز التنفيذ.
أزمة المياه، والتي لا تزال تطل برأسها لعدم استثمار الإمدادات المائية القادمة من تركيا أو بناء سدود جديدة وغياب إجراءات فعالة لمعالجة هذا الملف.
الاستثمارات، فما زالت الدولة عاجزة عن استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية بسبب الظروف الاجتماعية والأمنية غير الملائمة واستشراء الفساد في مفاصل الدولة، وما لم تتخذ إجراءات رادعة بحق الفاسدين فإن العراق لن ينجح في إقناع الشركات الأجنبية بالدخول والعمل في أراضيه.
ريعية الاقتصاد، على الحكومة أن تسعى للتحول من الاقتصاد الريعي إلى الإنتاجي، حيث تعاني الموازنة من مشاكل حقيقية نتيجة الترهل الوظيفي والإنفاق الحكومي الهائل.
تغيير البرامج والخطط الاقتصادية من خلال تعديل السياسة المالية مع تحريك الإنتاج والاعتماد على سياسات عادلة وكفؤة للرواتب والضرائب.
وعلى الرغم من حدوث تطور صناعي طفيف خلال عام 2018 مع تحريك عدد من الشركات التابعة للدولة وقيام الحكومة بهيكلة وخصخصة 32 شركة منها وتسليمها للقطاع الخاص، إلا أن النسب المنجزة ما زالت ضعيفة، بحسب تقديرات الاقتصاديين.
مديونية وعجز، وفقا للعديد من المصادر الحكومية والبرلمانية، فإن مديونية العراق الخارجية بلغت أكثر من 130 مليار دولار، والرقم مرشح للزيادة.
إن أهم تحدٍ تواجهه الحكومة يتمثل في تنفيذ برنامجها الاقتصادي وخطة التنمية، بحيث تكون آثارها واضحة في قطاعات الخدمات والصحة والتعليم والحد من نسب الفقر المرتفعة والبطالة.
ومن أبرز المشاكل البنيوية التي يعانيها العراق أن اقتصاده لا يزال معتمدا على النفط بشكل رئيس، إلى جانب غياب تنوع في الإيرادات مثل الصناعة والزراعة، مستبعدا حدوث تغييرات جوهرية على يد الحكومة الجديدة .
وفي الجانب الآخر يحظى الكاظمي، بمباركة الجانب الأمريكي، وهذا ما وضحه بيان وزارة الخارجية الأمريكية الذي قالت فيه إن الوزير مايك بومبيو رحب بالحكومة الجديدة في اتصال مع الكاظمي، وأضاف أن واشنطن ستمدد لأجل 120 يوماً إعفاء يسمح للعراق باستيراد الكهرباء من إيران للمساعدة في تهيئة الظروف المناسبة للنجاح للحكومة الجديدة، ويقول مسؤولون عراقيون إن الكاظمي شخصية مقبولة لدى كل من الولايات المتحدة وإيران، اللتين تحول الصراع بينهما على النفوذ في العراق إلى مواجهة مفتوحة في العام الماضي… هل هذا يساعده على عمل التوازنات الإقليمية المطلوبة لخدمة استقرار العراق؟
قد يكون الكاظمي أول سياسي عراقي شيعي من خارج الأحزاب الشيعية الأصولية – وهو كما يوصف – رجل وطني عراقي مستقل وحريص على استقلال العراق وسياده وامنه ، وله علاقات متوازنة مع الأميركيين والدول العربية ولا بأس بها مع إيران، وهي لخدمة العراق وهذا ما كان يفتقده العراق التوازن بالعراق لخدمة مصلحة البلد .
وأكد الكاظمي أن حكومته ستكون حكومة حل، لا حكومة أزمات، فيما شدد على أن “المرحلة صعبة والتحديات كبيرة”، نجاح العهد الكاظمي من أجل عراق مستقر مستقل مطمئن، عراق ذا سيادة.. فإن مستقبل الاستقرار الاقتصادي في العراق مرهون بما تقدمة حكومة الكاظمي وفي المقابل ما تقدمه الوزارات ومجلس النواب من دعم وتكاتف وتعاون بين جميع الوزرات من اجل عراق جديدة…
وحدة الدراسات الاقتصادية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية