بعد خمس سنوات دامية في سوريا.. روسيا تنقلب على إيران والأسد

بعد خمس سنوات دامية في سوريا.. روسيا تنقلب على إيران والأسد

بعد خمس سنوات من القتال من أجل الحفاظ على نظام بشار الأسد في سوريا، يبدو أن روسيا تميل الآن إلى التخلص من عميلها “السيئ السمعة، بعد أن ازداد إمعانا في الوحشية والفساد، وبعد أن أثبت عدم قدرته -ولو شكليا- على التظاهر بإقامة دولة جادة، مما حوله إلى عبء تفضل موسكو التخلص منه”.

بهذه السطور لخص موقع ذي ديلي بيست ‏الأميركي، في مقال بقلم جيريمي هودج آخر ما وصلت إليه العلاقات بين روسيا ونظام الأسد، مع شعور موسكو أن علاقة الأسد وأسرته مع طهران ومليشياتها في سوريا، تقوض مهمتها الأساسية.

ورأى الموقع أن ما تسعى إليه موسكو من إعادة تأهيل نظام الأسد كرمزٍ للاستقرار قادرٍ على جذب مئات المليارات من الدولارات التي تستعد الشركات الروسية لاستقبالها، في إطار إعادة الإعمار، لن يكون ممكنا بسبب عمل أقارب الأسد كمافيا، ودعمهم للقوات الإيرانية، مما يمنع وصول الأموال من الدول الأوروبية والخليجية التي ينتظر منها دفع فاتورة إعادة إعمار سوريا.

وفي هذا السياق، قال جيمس جيفري المبعوث الأميركي الخاص للتحالف من أجل هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية، “إن الأسد لم يفعل شيئا لمساعدة الروس على تسويق النظام، لا في العالم العربي ولا في أوروبا. وقد سمعنا مرارا وتكرارا من الروس ما يدل على أنهم يفهمون مدى سوء الأسد”.

جنون إعلامي ​​
وتأتي تصريحات جيفري بعد أسبوع واحد من إطلاق وسائل الإعلام الروسية العنان لعدد كبير من التقارير والافتتاحيات التي تستهدف الأسد، وتصوره على أنه فاسد بشكل ميؤوس منه وغير صالح للحكم، مشيرة إلى أن الوقت قد حان لتغييره بزعيم جديد.

وسلط الكاتب الضوء على مقالات نشرت يوم 11 أبريل/نيسان على وكالة يفغيني بريغوزين، وقال إنها إشارة روسية لا يمكن للأسد تفويتها، خاصة أن مصدرها رئيس مجموعة فاغنر التي قاتل مرتزقتها إلى جانب قوات الأسد منذ 2015، والتي يراها الأميركيون “أداة للحكومة الروسية يستخدمها الكرملين باعتبارها منخفضة التكلفة ومنخفضة المخاطر لدعم أهدافه”.

وأشار الكاتب إلى ما شاع من أن موسكو تدرس خيارات أخرى غير الأسد لحكم سوريا، إذ قالت وكالة تاس في افتتاحية لها إن “روسيا تعتقد أن الأسد لم يعد قادرا على قيادة البلاد بعد الآن، وأنه يجر موسكو نحو السيناريو الأفغاني”.
اعلان

وسط هذه التغطية، وجهت تاس ضربات سريعة إلى إيران، مشيرة إلى أن الجمهورية الإسلامية “ليست لديها مصلحة في تحقيق الاستقرار بالمنطقة، لأنها تعتبرها ساحة معركة ضد واشنطن”.

وبالتزامن مع ذلك، نشر رامي مخلوف ابن خال بشار الأسد، الذي جمدت أصوله قبل خمسة أشهر، مقطع فيديو على صفحته الشخصية بفيسبوك يتهم فيه نظام الأسد بالفساد، علما أنه أغنى رجل في سوريا وتربطه علاقات ممتازة بروسيا، وسبق أن انتقد بشدة وجود إيران بسوريا.

العائلة الحاكمة
وفي الوقت الذي يرتمي فيه مخلوف وموالوه في أحضان روسيا، يبدو للكاتب أن أعضاء رئيسيين في عائلة الأسد المباشرة قد أصبحوا من أبرز قادة المليشيات المدعومة إيرانيا في سوريا، حتى إنهم تورطوا في اشتباكات مسلحة مع الوحدات المدعومة من قِبَل روسيا.

وقال الكاتب إن هذه المليشيات تشرف على شبكات واسعة من الفساد، وهي تحت إمرة ماهر الأسد الأخ الأصغر لبشار الذي يقود الفرقة المدرعة الرابعة التابعة للجيش السوري التي تعتبر واحدا من أقدم الألوية في البلاد وأكثرها تجهيزا.

ونبه الكاتب إلى أن ميناء اللاذقية تم تأجيره لإيران منذ مطلع أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، ليصبح واحدا من أكبر مراكز تصدير المخدرات إلى أسواق أوروبا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وأشار الكاتب إلى أن طهران بدأت مشروع بناء خط سكة حديد شلمشة الذي يربط طهران باللاذقية من خلال محطات في البصرة والبوكمال ودمشق، وهو ما سيعزل حميميم عن القوات الروسية في وسط وجنوب سوريا، ويمكّن طهران من إيصال الأسلحة بسرعة إلى وكلائها في اللاذقية التي تشارك بالفعل في اشتباكات ضد الجماعات المدعومة من روسيا.

مفارقة
ويبدو أن روسيا الغاضبة من المليشيات المدعومة إيرانيا، ليست اللاعب الوحيد على الأرض الذي يريد تصفية حساباته مع تلك المليشيات، ولذلك تجاهلت الضربات الإسرائيلية على القوات الإيرانية إن لم تكن تشجعها إلى حد كبير، حسب الكاتب.

وقد لا يكون من قبيل المصادفة -كما يقول جيريمي هودج- أن تزداد الهجمات الإسرائيلية منذ أبريل/نيسان، بعد المقالات الروسية التي تهاجم الأسد ونظامه، لتقول إسرائيل إنها انتقلت من منع ترسخ إيران في سوريا إلى إجبارها على الخروج، ولن تتوقف.
اعلان

ويقول الكاتب إنه دون روسيا، ستكون إيران هي الطرف الحاسم في سوريا، حيث لا تزال تسعى لمواصلة الحرب في وقت يتعب فيه معظم اللاعبين الدوليين الآخرين، وأصبحوا لا يريدون أكثر من إعادة توحيد سوريا، حتى إن الراعي الأخير للجيش السوري الحر، قبل بصنع السلام مع موسكو.

ومن المفارقات -حسب الكاتب- أن طرد الأسد من السلطة، لن يكون كما كان متوقعا على يد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي طالما سعى لذلك، بل على يد روسيا نفسها التي طالما سعت لحمايته.

الجزيرة