منع تركيا من الأسلحة غير قابل للتأجيل في جنوب أفريقيا

منع تركيا من الأسلحة غير قابل للتأجيل في جنوب أفريقيا

أنقرة – تزايدت الضغوط الدولية لمنع بيع الأسلحة إلى تركيا التي توظف ذلك لتزويد المرتزقة في السنوات الأخيرة في سوريا ومن بعدها في ليبيا لفرض نفوذها في المنطقة.

وبعدما أقدمت دول أوروبية وغربية عدة في موفى 2019 على اتخاذ قرار حظر بيع الأسلحة لتركيا بعد إطلاقها ما سمي بعملية “نبع السلام” في سوريا، تتصاعد الأصوات اليوم في جنوب أفريقيا لمزيد تضييق الخناق على أنقرة بعدما ثبتت أنشطة تركيا في القارة الأفريقية وخاصة في ليبيا.

وتطالب جنوب أفريقيا بحظر تزويد تركيا بالأسلحة والكف عن ذلك بعدما ثبت دعم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للجماعات المتطرفة في ليبيا وسوريا بالسلاح والمرتزقة.

ووفق موقع “أحوال تركية” أفادت وسائل إعلام محلية أن جنوب أفريقيا تضغط في اجتماعات مجلس الأمن لفرض الالتزام بالقرار الأممي حول حظر الأسلحة لأطراف النزاع في ليبيا.

وكانت جنوب أفريقيا من بين الأصوات الأكثر حسما بضرورة الالتزام بقرار حظر السلاح على ليبيا وذلك في مؤتمر برلين حول الحرب الليبية في وقت حذر فيه الرئيس الجنوب الأفريقي سيريل رامافوزا، مرارا تركيا من إرسال أسلحة وقوات إلى ليبيا.

وتورطت تركيا في دعم المجموعات المتشددة والميليشيات الموالية لحكومة الوفاق وذلك عبر نقل أسلحة ومرتزقة إلى مطارات تحت سيطرتها كما شنت هجمات بواسطة الطائرات المسيرة التركية.

وكشفت قبل أسبوعين صحيفة “ديلي مافريك” الجنوب أفريقية، وصول ست طائرات عسكرية تركية سافرت من أنقرة إلى العاصمة كيب تاون تحمل شحنة متواضعة من الإمدادات الطبية على متن طائرة واحدة، فيما وصلت البقية فارغة.

وبينما وصلت أغلب الطائرات إلى جنوب أفريقيا فارغة، عادت بعد ذلك الطائرات الست محملة بالمعدات العسكرية التي تم شراؤها من الشركة المنتجة للذخيرة “راينميتال دينل مونيتيون” (RDM)، وفق ما أفادت به الصحيفة.

تتصاعد الأصوات في جنوب أفريقيا لمزيد تضييق الخناق على أنقرة بعدما ثبتت أنشطة تركيا في القارة الأفريقية وخاصة في ليبيا

وتكشف هذه الخطوة زيف الدعاية التركية في تقديم المساعدات الطبية للعشرات من الدول ودعم الجهود الدولية لوقف انتشار فايروس كورونا، فيما تستغل أنقرة ذلك لأهدافها الضيقة، ساعية لتسليح ميليشياتها في سوريا وليبيا وإيصال الإمدادات العسكرية للمقاتلين الموالين لها في مناطق تدخلها بعد أن تقطعت بهم الأسباب.

وأكد ذات المصدر أن الطائرات التركية التي حلقت نحو جنوب أفريقيا بحجة تقديم المساعدات الطبية لم تكن تحمل سوى مستلزمات طبية قليلة وبعضها حطت فارغة لتعود بمعدات عسكرية، في خطوة تشير إلى انتهاك تركيا لوائح الحظر المحلية التي تسمح فقط بنقل إمدادات الغذاء والدواء.

ويعكس ذلك مدى استغلال تركيا لجائحة كورونا لتبادل شحن الأسلحة والمعدات العسكرية مع عدة دول بحاجة ملحة للمستلزمات الطبية، حيث كشفت تقارير إعلامية أن كثيرا من الطائرات التركية تسافر محملة بالأسلحة لعدة دول أو تذهب فارغة لتعود محملة بمعدات عسكرية من دول أخرى.

وبينما يتبجح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على عادته بإرسال المساعدات الطبية للعشرات من الدول، كشفت ديلي مافريك أن تركيا أرسلت مستلزمات طبية إلى دولة ليسوتو التي لم تسجل أي حالة إصابة بالفايروس.

ويرجح شانون إبراهيم المحلل السياسي في صحيفة “ذا ستار” التي تصدر في جنوب أفريقيا وصول الأسلحة التي اشترتها تركيا من بلاده إلى سوريا وليبيا، محذرا من أن تلك المعدات العسكرية سوف تنتهي بنتائج مدمرة على الأراضي التي تشهد نزاعا داميا منذ سنوات.

بدوره تحدث الخبير العسكري هالمود رومار في حوار لصحيفة ديلي مافريك، عن إمكانية احتواء المعدات العسكرية التي تسلمتها تركيا من جنوب أفريقيا على محركات ورؤوس صواريخ، مضيفا أن تركيا تمتلك في جنوب أفريقيا مكتب تصميم صواريخ.

وتعليقا على هذه التحركات التركية قال الصحافي التركي لفانت أوزجول في تدوينة نشرها على تويتر، “باعتبار أن الجيش التركي ليس بحاجة إلى صواريخ من هذا الطراز، ربما اشترت تركيا مثل هذه الصواريخ من أجل إعطائها لحكومة الوفاق في ليبيا”.

وتمنع كيب تاون وفقا لقانون مراقبة الأسلحة التقليدية الجنوب أفريقي بيع المعدات العسكرية لأي بلد يشارك في نزاع مسلح، ما يطرح تساؤلات بشأن بيعها أسلحة إلى تركيا المعروفة بتدخلها العسكري غير القانوني في كل من سوريا وليبيا.

وتساءل إبراهيم عمّا إذا كان لدى القانون المذكور آلية رقابة موثوقة لضمان الامتثال لبنوده، في ظل أنباء تؤكد تسلم ست طائرات شحن عسكرية تركية أسلحة ومعدات عسكرية من جنوب أفريقيا هذا الأسبوع.

وقال إنه “من غير المعقول أن توافق جنوب أفريقيا على تصدير العتاد العسكري إلى تركيا منذ أن نص قانون (NCACC) على أن جنوب أفريقيا لا تبيع المعدات والأسلحة العسكرية لأي بلد يشارك في نزاع مسلح”.

وكانت دول أوروبية عدة قد فرضت في موفى عام 2019 تعليق بيع الأسلحة إلى تركيا عقب إطلاق أنقرة عملية “نبع السلام” العسكرية في سوريا.

وأدان الاتحاد الأوروبي آنذاك في بيان الهجوم العسكري التركي واعتبر أنه يقوض، وبشدة، استقرار وأمن المنطقة بأكملها، ويزيد من معاناة المدنيين على خلفية تفاقم عمليات النزوح وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية.

وفرضت فرنسا وألمانيا وإيطاليا والسويد والنرويج وفنلندا وهولندا وتشيكيا قيودا على تصدير السلاح لتركيا، دون فرض حظر شامل على الدولة العضو في منظمة حلف الأطلسي. ويتماشى قرار هذه الدول مع التعهد الأوروبي القائم بمنع تصدير السلع العسكرية التي من شأنها أن تساهم في عدم الاستقرار الإقليمي.

العرب