حرب مختلفة تدور هذه الأيام بين إسرائيل وإيران لا تقل قساوة عن تلك الجارية في الميدان وهي الحرب الإلكترونية، التي يبدو أنها خرجت عن ضوابطها من خلال الهجمات والهجمات المضادة بانتظار من سيحسمها، وإن كانت الكفة تميل لإسرائيل.
القدس – تتعدد ساحات المواجهة بين إيران وإسرائيل، ولعل أبرزها الفضاء الإلكتروني، حيث يسعى كل طرف إلى استعراض قوته السيبرانية محاولا تكبيد الطرف الآخر أكبر قدر من الخسائر.
وتعرضت المئات من المواقع الإسرائيلية صباح الخميس، لهجوم إلكتروني أدى إلى توقف بعضها عن العمل، في حدث وصفته شركة الخوادم الإسرائيلية بـ“الصعب جدا”.
وتحدثت تقارير إسرائيلية عن أن الهجوم عطل عمل المئات من المواقع المستهدفة وغير صفحاتها الرئيسية بصور ومقاطع فيديو تظهر فيها مدن إسرائيلية مدمرة، وتم بث رسالة باللغتين العبرية والإنجليزية، جاء فيها “بدأ العد التنازلي لتدمير دولة إسرائيل منذ فترة طويلة”.
وتزامن الهجوم الإلكتروني مع “يوم القدس” وهو اليوم الذي تحتفل فيه إسرائيل باحتلال القدس الشرقية قبل 53 عاما وفق التقويم العبري. وعلى مدار السنوات الماضية يحاول مخترقون يعتقد أنهم تابعون للحركات الفلسطينية القيام بهجمات سيبرانية في هذه الذكرى كخطوة انتقامية، بيد أن التقديرات الإسرائيلية تشير إلى وقوف إيران هذه المرة خلف الهجوم الأخير ردا على عملية اختراق يشتبه في كونها إسرائيلية لميناء “الشهيد رجائي” قبل أيام.
وذكرت هيئة الإنترنت الإسرائيلية أنه يشتبه في أن الهجوم الذي جرى إيراني. وطالبت الهيئة الإسرائيليين بعدم النقر على أي روابط إذا ما تصادف دخولهم إلى مواقع تم اختراقها. وكتب المخترقون شعارات من قبيل “استعدوا للمفاجأة الكبرى”، فيما طُلب من رواد المواقع التقاط صور شخصية لأنفسهم وتحميلها إلى الموقع المستهدف أو النقر على روابط خارجية. وذكرت هيئة الإنترنت الإسرائيلية أنها تعمل على “إحباط الهجوم”.
ونقلت صحيفة “إسرائيل اليوم” عن مسؤول كبير في الهيئة قوله إن الهجوم “غير محكم، وغير منظم، لكنه واسع النطاق”، ويهدف فقط إلى إحداث صدى إعلامي. وجاء الهجوم على المواقع الإسرائيلية بعد عملية اختراق تعرضت لها كمبيوترات ميناء “الشهيد رجائي” في مدينة بندر عباس الإيرانية في وقت سابق من هذا الشهر.
هجوم على المئات من المواقع الإسرائيلية بعد أيام من اختراق ناجح لكمبيوترات ميناء رجائي في مدينة بندر عباس الإيرانية
وكشفت صحيفة واشنطن بوست قبل أيام أن الهجوم الذي استهدف ميناء حركة الشحن البحري “شهيد رجائي” وعطل الميناء لعدة أيام، تقف وراءه إسرائيل للانتقام من محاولة إيرانية لاختراق أجهزة أنظمة توزيع المياه في إسرائيل في أبريل الماضي.
وكانت إيران اعترفت بنجاح مخترقين في تعطيل أجهزة الكمبيوتر لميناء “رجائي” لفترة وجيزة. ونقلت وكالة “إيلنا” الإيرانية عن المدير التنفيذي لمنظمة الموانئ والملاحة البحرية، محمد رستاد قوله إن “هجوما إلكترونيا وقع مؤخرا فشل في اختراق أنظمة منظمة الموانئ والملاحة البحرية وتمكن فقط من التسلل وإلحاق أضرار بعدد من أنظمة التشغيل الخاصة في الموانئ”.
ونقلت واشنطن بوست عن المسؤولين قولهم إن الهجوم على ميناء رجائي نُفذ كما يبدو ردا على هجوم إلكتروني إيراني استهدف شبكة المياه الإسرائيلية.
ولفتت الصحيفة إلى ما أوردته قناة 13 الإسرائيلية في 7 مايو، عن انعقاد جلسة هي الأولى منذ أشهر للمجلس الوزاري الأمني المصغر (الكابينيت) ناقشت الهجوم الإيراني على البنى التحتية للمياه في إسرائيل، والذي اعتبر تصعيدا كبيرا من جانب طهران وتجاوزا للخطوط الحمراء. ونقلت حينها القناة عن مسؤول إسرائيلي قوله “هذا هجوم يتعارض مع جميع قواعد الحرب. حتى من الإيرانيين لا نتوقع شيئا كهذا”.
وتخوض إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة من جهة، وإيران من جهة ثانية حربا سيبرانية منذ نحو عقد، كان أشدها وقعا هجوم جرى في العام 2009 بفايروس “ستكسنت” استهدف المنشآت النووية الإيرانية وأدى حينها إلى تعطيل عدد كبير من أجهزة الطرد المركزي التي تستخدم في تخصيب اليورانيوم، ما عرقل تطوير المشروع النووي الإيراني.
ويرى محللون أن الهجمات والهجمات المضادة في الأسابيع الأخيرة تشي بأن ضوابط الحرب الإلكترونية بين الطرفين تنهار، وسط ترجيحات بأن ترد إسرائيل بقوة على الهجوم الأخير، لافتين إلى أن المعركة الجارية غير متكافئة لجهة التفوق الإسرائيلي في هذا المجال. وتتزامن المعركة الإلكترونية مع أخرى لا تقل صخبا على الأرض السورية، حيث صعدت إسرائيل في الأشهر الأخيرة من غاراتها الجوية التي تستهدف مواقع للقوات الإيرانية والميليشيات الموالية لها، وطالت الغارات العمق السوري وصولا إلى الحدود العراقية.
وكانت إسرائيل قد توعدت في أكثر من مناسبة باستمرار استهداف إيران في الداخل السوري إلى حين رحيل آخر عناصرها. ووجّه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأربعاء تحذيرا شديد اللهجة إلى إيران بعد تغريدات للمرشد الأعلى علي خامنئي دعا فيها إلى “استئصال النظام الصهيوني”. وكتب نتنياهو على حسابه الرسمي في تويتر بالعبرية “يجب عليه أن يعلم بأنّ أيّ نظام يهدّد إسرائيل بالإزالة سيجد نفسه في خطر مماثل”.
العرب