بيروت – حارت الأوساط السياسية اللبنانية في تفسير الانتقادات التي بدأت عناصر من التيار الوطني الحر، وهو حزب رئيس الجمهورية ميشال عون الذي يرأسه صهره الوزير السابق جبران باسيل، في توجيهها إلى حزب الله.
وتعتبر هذه الانتقادات الأولى من نوعها منذ عام 2006 تاريخ توقيع مذكرة تفاهم بين الجانبين كانت نتيجته توفير غطاء مسيحي لسلاح الحزب.
وصدر أعنف هذه الانتقادات عن النائب زياد الأسود الذي ينتمي إلى التيّار الوطني الحر. وكان الأسود، الذي يمثّل قضاء جزّين القريب من مدينة صيدا الجنوبية، مباشرا في دعوة حزب الله إلى التخلّي عن سلاحه.
والأسود شخص معروف بسلاطة لسانه، إذ يصفه الناس العاديون في لبنان بأنّه “شتام العونيين”.
وقال في مداخلة تلفزيونية إنّ على حزب الله أن يختار بين سلاحه ورغيف الخبز، موضحا “لا يمكنك أن تستمر في رفع البندقية بينما شعبك جائع”.
وكان أغرب ما في الكلام الصادر عن النائب اللبناني أنه أذيع عبر شاشة “أو. تي. في” التي يمتلكها التيّار الوطني الحر.
وذهب عنصر آخر عبر شاشة “أو. تي. في” أيضا إلى الحديث عن منع مسلحي حزب الله رجالَ الجمارك اللبنانية من مصادرة كمية من الثياب المهرّبة على طريق مطار بيروت، فيما تحدث مذيع في “أو. تي. في” عن تهريب حزب الله الدولار من لبنان إلى سوريا.
وأعطت مصادر سياسية لبنانية تفسيرات مختلفة لهذه الحملة المفاجئة التي يشنّها “التيار العوني” على حزب الله الذي كان وراء وصول ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية.
وقالت هذه المصادر في تصريح لـ “العرب” إنه لا بدّ من البحث أولا عن الضغوط الأميركية والأوروبية والدولية التي تمارس على باسيل في وقت يرفض فيه حزب الله التعهد صراحة بتأييد وصول صهر رئيس الجمهورية الحالي إلى موقع رئيس الجمهورية في السنة 2022 التي تنتهي فيها ولاية عون.
وكشفت أنّه سبق للسفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا أن أجبرت باسيل على التراجع في سياق حملته الهادفة إلى التخلّص من رياض سلامة حاكم مصرف لبنان (البنك المركزي) بغية إحلال أحد “أزلامه” مكانه.
وجاء منع التخلّص من رياض سلامة في وقت كتب فيه السفير الأميركي السابق في لبنان جيفري فلتمان مقالا اعتبر فيه أن “كلّ الأسباب متوافرة” من أجل فرض عقوبات أميركية على جبران باسيل.
وزادت الضغوط الدولية والأوروبية، بعد الأميركية، على التيّار الوطني الحر في ضوء الإجراءات التي اتخذتها ألمانيا بحقّ حزب الله وتوقيف نحو ألف لبناني محسوبين عليه في ألمانيا واعتبار الحزب بجناحيه العسكري والسياسي “مجموعة إرهابية”.
وتوقعت الأوساط السياسية أن تترك المواقف الأخيرة لـ”العونيين” انعكاسات على العلاقة بين الحليفين اللذين يشكلان العمود الفقري للحكومة اللبنانية، خصوصا أن باسيل شكا أخيرا من المعابر غير الشرعية التي يسيطر عليها حزب الله والتي يسهل عبرها التهريب من سوريا إلى لبنان ومن لبنان إلى سوريا.
وحرص باسيل على عدم ذكر حزب الله في تصريحاته المتعلّقة بالمعابر غير الشرعية بين سوريا ولبنان.
على صعيد آخر، كان لافتا الخميس إعلان رئيس مجلس الوزراء حسّان دياب عن وعد تلقاه من حاكم مصرف لبنان بهدف دعم الليرة اللبنانية.
وقالت المصادر السياسية نفسها إنّ حاكم مصرف لبنان لن يستطيع تثبيت سعر الليرة لأسباب عدّة. وفي مقدّمة هذه الأسباب عدم توافر ما يكفي من الاحتياط بالعملات الصعبة للدفاع عن العملة الوطنية لدى مصرف لبنان من جهة وغياب الاتفاق بين لبنان وصندوق النقد الدولي من جهة أخرى.
واعتبرت أن رئيس الحكومة اللبنانية “يعيش في عالم خاص به منفصل عن الواقع”.
وأعطت دليلين على ذلك، أولهما قوله الخميس إن “حكومته نفذت 97 في المئة مما وعدت به” في المئة يوم الأولى من وجودها في السلطة. أمّا الدليل الآخر، فكان مقالا لدياب صدر في صحيفة “واشنطن بوست” حذر فيه من أن “اللبناني سيجوع” وأن “السفينة تغرق”، مسديا نصائح وتوجيهات إلى مجموعة العشرين (G20) بشأن كيفية تعاطيها مع الأزمة الاقتصادية العالمية ومواجهة وباء كورونا!
العرب