سيطرت المخاوف من تصعيد سياسي واقتصادي أميركي ضد الصين على المستثمرين في الأسواق الأميركية ومن خلفها الأوروبية والآسيوية مع إغلاق البورصات العالمية أمس.
فقد هدد البيت الأبيض بكين بإلحاق الضرر بالاقتصاد الصيني بعد أن انتشرت معلومات بشأن تمرير الصين قانوناً أمنياً جديداً على هونغ كونغ بسبب مظاهرات الحرية والديموقراطية التي شهدتها الأخيرة في العام الماضي.
وحذر المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض كيفن هاسيت من أن “واشنطن قد تتخذ موقفاً للرد على مثل هذه الخطوة”.
وفي السياق نفسه، تتجه وزارة التجارة الأميركية إلى إضافة 33 شركة ومؤسسة صينية إلى قائمة اقتصادية سوداء على خلفية انتهاكات حقوق الإنسان المتعلقة بتواطؤ أو مساعدة هذه الشركات في حملة القمع والمراقبة التقنية ضد مسلمي الإيغور في الصين.
حملة على الصين
وفسرت هذه الأخبار على أنها حملة من الحكومة الأميركية على الصين، حيث أعادت سيناريوهات مقلقة واجهها المستثمرون في العام الماضي عندما اشتدت الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين بالعالم، وأدت إلى انهيارات في البورصات الأميركية والعالمية.
وهبطت “وول ستريت” عقب هذه الأنباء حيث انخفض مؤشر “داو جونز” الصناعي بما يعادل 0.04 في المئة، بينما أغلق مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” على شبه استقرار عند 0.24 في المئة، وأنهى مؤشر “ناسداك” الجلسة بزيادة طفيفة عند 0.43 في المئة.
فتح تحقيق في كورونا
ومحت أخبار الصراع الأميركي-الصيني كل التفاؤل الذي ظهر هذا الأسبوع بعد إعلان شركة “موديرنا” لصناعة الأدوية عن لقاح تجريبي للقضاء على فيروس كورونا وإظهاره نتائج مبشرة في تجربة صغيرة في مرحلة أولية.
وزادت الترجيحات بوجود حملة أميركية على الصين بعد أن دعت واشنطن منظمة الصحة العالمية أمس إلى بدء العمل فوراً في التحقيق في مصدر فيروس كورونا، وكذلك في رد فعل المنظمة إزاء الوباء، حيث يوجه الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاتهامات للمنظمة بعدم إبلاغ العالم مبكراً بخطر الوباء ووجود تحيز وتعتيم من مسؤولين في المنظمة لمصلحة بكين، علماً أن ترمب كان قد أوقف تمويل الولايات المتحدة للمنظمة في 15 أبريل (نيسان) الماضي.
بكين تهدئ وتتعاون
لكن بكين حاولت بدورها أن ترسل إشارات أنها متعاونة مع الولايات المتحدة، حيث قال رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ، أمس، في افتتاح الاجتماع السنوي للبرلمان، إن بلاده ستعمل مع الولايات المتحدة لتنفيذ المرحلة واحد من الاتفاق الاقتصادي والتجاري بين البلدين. وكان الاقتصادان الأكبر في العالم قد توصلا إلى هذا الاتفاق بعد نحو عام من الحرب التجارية على خلفية انتهاكات بكين لحقوق الملكية للشركات الأميركية.
وإضافة إلى هذه المخاوف، لا تزال الأرقام التي تصدر عن الاقتصاد الأميركي مخيفة، حيث قالت وزارة العمل الأميركية أمس، إن معدلات البطالة ارتفعت وتراجع إجمالي التوظيف في ولايات البلاد الخمسين ومقاطعة كولومبيا في أبريل.
وقال مكتب إحصاءات العمل بالوزارة إن 43 ولاية سجلت مستويات قياسية مرتفعة من البطالة الشهر الماضي، إذ كان أعلاها في نيفادا، وهي الولاية الأكثر اعتماداً على خدمات الطعام وقطاع الفندقة اللذين تضررا بشدة، علماً بأن البطالة بلغت على المستوى الوطني في أبريل الماضي 14.7 في المئة، وهو الأعلى منذ الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي.
هل يتفكك الاتحاد الأوروبي؟
وفي أوروبا، كانت تأثير الصراع الأميركي-الصيني واضحاً على مسار التداولات، حيث شهدت البورصات جلسة متقلبة أمس، خصوصاً بعد أن اعتبر ملياردير المراهنات جورج سوروس أن الاتحاد الأوروبي ربما يتفكك في أعقاب جائحة فيروس كورونا، “ما لم يصدر التكتل سندات دائمة لمساعدة الأعضاء الضعفاء مثل إيطاليا”.
وقال سوروس، الذي نال شهرته من الرهان على انخفاض الجنيه الإسترليني في 1992، إن الضرر الذي لحق باقتصاد منطقة اليورو من الفيروس سيستمر “لفترة أطول مما يعتقد معظم الناس”، مضيفاً أن التطور السريع للفيروس يعني أنه سيكون من الصعب تطوير لقاح يُعول عليه.
النفط ينخفض والذهب يرتفع
وفي أسواق النفط، كان التوتر الصيني الأميركي العامل الأساس في هبوط أسعار النفط بنحو اثنين في المئة أمس.
وتراجعت العقود الآجلة لخام برنت 93 سنتاً، أو 2.6 في المئة، لتجري تسويتها عند 35.13 دولار للبرميل. وأغلق خام غرب تكساس الوسيط الأميركي على انخفاض 67 سنتاً، أو اثنين في المئة، عند 33.25 دولار للبرميل.
وعلى أساس أسبوعي، ربح برنت وغرب تكساس الوسيط ثمانية في المئة و13 في المئة تباعاً.
في المقابل، انعكس التصعيد الأميركي- الصيني إيجاباً على أسواق الذهب التي يلجأ إليها المستثمرون عند الأزمات، حيث ارتفع الذهب أمس 0.6 في المئة إلى 1735.08 دولار للأوقية (الأونصة)، بينما جرت تسوية عقود الذهب الأميركية الآجلة بزيادة 0.8 في المئة عند 1735.50 دولار.