أكد محافظ بنك إنجلترا هذا الأسبوع أن المصرف ينظر في جعل معدل الفائدة الرئيس لديه سلبياً للمرة الأولى في تاريخه البالغ 326 سنة، ويُعد الأمر بعيداً عن الحتمية، ولا يزال محللون كثر يظنون بأنه غير محتمل. لكن ما الهدف منه؟ وماذا ستعني المعدلات السلبية للأوضاع المالية للناس العاديين في حال تطبيقها؟
ماذا قال المحافظ؟
قال أندرو بايلي، خلال جلسة استماع أمام لجنة المالية التابعة لمجلس العموم الأربعاء الماضي، إن المعدلات السلبية قيد “المراجعة الفاعلة” من قِبل المصرف المركزي. وأضاف “ننظر بدقة شديدة في تجربة المصارف المركزية التي استخدمت المعدلات السلبية”.
ما الهدف؟
المنطق الأساسي الذي يكمن وراء جعل معدلات الفائدة سلبية من جهة، وخلف خفض المعدلات في الأوقات الطبيعية من جهة أخرى هو نفسه، ويتمثل في تشجيع اقتراض الأسر والشركات وإنفاقها في مختلف القطاعات الاقتصادية.
ولو حفّز خفض المعدلات من أربعة في المئة إلى اثنين في المئة الاقتصاد، يجب أن يفعل خفضها من صفر في المئة إلى سالب اثنين في المئة الأمر نفسه. وثمة مشكلة واضحة تتعلق بالخطوة في الظروف الحالية، لأن معظم الناس والمؤسسات لا يزالون غير قادرين فعلياً على الإنفاق كما يفعلون عادة، بسبب الإغلاق الحالي.
لكن، البعض يجادلون بأن المعدلات السلبية ستكون مفيدة في وقت لاحق من هذا العام حين يُخفّف الإغلاق في المملكة المتحدة، ويصبح انتشار الحفز النقدي في مختلف أرجاء الاقتصاد ممكناً.
هل ستنجح الخطوة؟
جعل المصرف المركزي الدنماركي معدل فائدته سلبياً في عام 2012، وتلاه المصرف المركزي الأوروبي بعد سنتين وبنك اليابان في عام 2016. ولم تكن النتائج الاقتصادية الإجمالية في منطقة اليورو واليابان مذهلة، رغم قول المؤيدين للخطوة إن الأداء كان سيسوء من دونها.
وتشير بحوث إلى أن المعدلات السلبية ذات نتائج عكسية، لأنها تضر بربحية المصارف التجارية الخاصة (من أمثال “لويدز”، و”رويال بنك أوف سكوتلاند”، و”باركليز”)، وتدفعها إلى الحد من الائتمان بدلاً من توسيعه.
ولطالما رفض بنك إنجلترا في السنوات الأخيرة مقترحات بجعل المعدلات سلبية، بدعوى أنها تلحق الضرر بربحية المصارف الخاصة وبناء المجتمعات، لكن من المنصف القول إن الأدلة الاقتصادية موضع خلاف بين المتخصصين الاقتصاديين.
ما الأثر الذي سيشعر به المدخرون العاديون؟
تعني المعدلات السلبية أن رسماً سيُفرَض على ودائع المصارف لدى المصرف المركزي (بدلاً من دفع فائدة عليها) بهدف تشجيع المصارف على إقراض هذه الأموال للاقتصاد الأوسع. ويمكن نظرياً للمصارف التجارية أن تنقل بعض تكاليف هذه المعدلات السلبية إلى المودعين العاديين، ما يعني أن الناس لن يحصلوا على فائدة على مدخراتهم، بل سيدفعون عليها رسماً، وهذا ما حدث للمودعين الكبار في “بنك جايسك” بالدنمارك.
لكن، معظم الأدلة المستقاة من أوروبا واليابان تشير إلى أن المصارف التجارية لا تفعل ذلك، ربما خوفاً من أن يسحب عملاؤها أموالهم منها، ويبقونها بدلاً من ذلك في بيوتهم نقداً في الخزنات أو تحت الفراش.
ويشير بعض المتخصصين الاقتصاديين بالفعل إلى أن المعدلات السلبية لن تكون فاعلة تماماً حتى إلغاء النقد المادي وإنهاء خيار انسحاب الناس من النظام المصرفي.
ماذا عن المقترضين؟
لأن المعدلات السلبية المرجعية تنتشر في المصارف الخاصة، تملك هذه المصارف سلطة اتخاذ القرار حول إيصالها إلى المقترضين وكيفية إيصالها إذا حدث ذلك فعلاً. وهذا يعني أن من المستبعد أن تعطي حسماً على الرهون العقارية الحالية للمقترضين.
وكشف “بنك جايسك” العام الماضي بالفعل خطة عشرية للمعدلات السلبية للفائدة على الرهون العقارية، لكن الرسوم التي فرضها أدّت إلى عدم قبض الناس أي مال في الواقع لقاء الاقتراض.
لكن، المعدلات السلبية ستشجّع المصارف على تقديم مزيد من الرهون للناس مقارنة بالمعدلات الإيجابية. ويمكنها أيضاً تخفيض معدل الفائدة المفروضة على أي ائتمان جديد مقدم.
بن تشو
اندبندت عربي