مقتل فلويد يضع ترامب في دائرة الاتهام

مقتل فلويد يضع ترامب في دائرة الاتهام

يواجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب عصيانا مدنيا هو الأخطر في ولايته مع احتجاج الآلاف من الأميركيين على العنف الذي تمارسه الشرطة إضافة إلى مظاهر العنصرية، وكذلك سوء إدارة أزمة كورونا. وفي خضم الضغوط التي يتعرض إليها ترامب استغل خصمه المرشح الديمقراطي جو بايدن حالة الغليان الشعبي لتسجيل نقاط سياسية والترويج لحملته الانتخابية.

واشنطن – تعرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى انتقادات محلية ودولية واسعة على خلفية تعاطيه مع الاحتجاجات العنيفة التي تشهدها مدن أميركية تنديدا بمقتل رجل أسود أعزل أثناء احتجازه من قبل الشرطة.

وذكرت الشرطة ووسائل إعلام، الثلاثاء، أن ما لا يقل عن خمسة من أفراد الشرطة الأميركية تعرضوا لإطلاق نار خلال الاحتجاجات، بعد ساعات من تعهد ترامب باللجوء إلى الجيش لوقف الاضطرابات.

ووعد ترامب، الاثنين، بإعادة فرض الأمن في الولايات المتحدة التي تشهد موجة غضب تاريخية أثارتها وفاة جورج فلويد أثناء قيام الشرطة بتوقيفه، مهددا بنشر الجيش لوقف أعمال العنف.

وعمّق ترامب حالة الغضب في البلاد، الاثنين، بظهوره في كنيسة حاملا نسخة من الإنجيل، بعد أن استخدم ضباط إنفاذ القانون الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي لفتح الطريق أمامه للسير إلى هناك عقب إدلائه بتصريحات في حديقة الزهور بالبيت الأبيض.

وأضرم المتظاهرون النار في مركز تسوق في لوس أنجلس، كما تعرضت متاجر في مدينة نيويورك لأعمال سلب ووقعت اشتباكات مع الشرطة في سانت لويس بولاية ميزوري حيث نقل أربعة ضباط هناك إلى المستشفى بجروح لا تهدد حياتهم.

وكتبت شرطة سانت لويس على تويتر “لا يزال أفراد الشرطة يتعرضون لإطلاق نار في وسط المدينة وسننشر المزيد من المعلومات عند إتاحتها”.

ونقلت وكالة أسوشيتد برس للأنباء عن الشرطة القول إن أحد أفرادها أصيب بطلق ناري في احتجاجات شهدتها منطقة مركز تسوق لاس فيغاس، وأشارت الوكالة دون تفاصيل إلى أن ضابطا آخر “شارك في إطلاق نار” في المنطقة نفسها. وقال حاكم ولاية نيفادا ستيف سيسولاك في تغريدة على تويتر إن مكتبه أبلغ بحادثين منفصلين في لاس فيغاس، وقال إن “الولاية على اتصال بالهيئات المحلية لإنفاذ القانون وتواصل مراقبة الوضع”.

وعلى خلفية تواصل الاحتجاجات، أعلن بيل دي بلاسيو رئيس بلدية نيويورك، الثلاثاء، أن حظر التجول الذي أعلن في المدينة بعد تظاهرات عنيفة وعمليات سرقة سيبقى ساريا حتى الأحد القادم.

وكان ترامب قد أدان مقتل جورج فلويد (46 عاما)، وهو أميركي من أصول أفريقية لفظ أنفاسه في 25 مايو في منيابوليس بعد أن بقي شرطي جاثما بركبته على رقبته لما يقرب من تسع دقائق، ووعد بتحقيق العدالة.

إلا أنه ومع تحول المسيرات والمظاهرات المنددة بوحشية الشرطة إلى أعمال عنف في المساء من كل يوم خلال الأسبوع الماضي، قال ترامب إن الاحتجاجات المشروعة لا يمكن أن تطغى عليها أعمال من قبل “مجموعة من الغوغاء الغاضبين”.

وقال ترامب “يجب على الحكام ورؤساء البلديات أن يكونوا موجودين بقوة لإنفاذ القانون إلى أن يتم إخماد أعمال العنف”. وأضاف “إذا رفضت مدينة أو ولاية اتخاذ الإجراءات الضرورية للدفاع عن حياة سكانها وممتلكاتهم، فسأقوم بنشر الجيش الأميركي وأسارع بحل مشكلتهم”.

واستغل الخصم الديمقراطي للرئيس الأميركي جو بايدن حالة الغضب الشعبي التي تفاقمت مع تهديدات ترامب باستخدام الجيش لتقويض الاحتجاجات، لتسجيل نقاط سياسية والترويج لحملته الانتخابية.

وبعدما كان بايدن غائبا عن وسائل الإعلام التي ركزت تغطيتها على فايروس كورونا المستجد وتعامل الرئيس دونالد ترامب مع الأزمة الصحية، ضاعف بايدن تصريحاته ولقاءاته بعد مقتل الرجل الأسود الأعزل اختناقا بأيدي شرطيين لدى توقيفه، في حادث أشعل تظاهرات واحتجاجات تخللتها أعمال عنف وتخريب في جميع أنحاء الولايات المتحدة.

واتهم بايدن الرئيس الجمهوري دونالد ترامب بأنّه “يستخدم الجيش الأميركي ضدّ الشعب الأميركي” ويستخدم الغاز المسيّل للدموع ضدّ “متظاهرين سلميين” وكل هذا لمجرّد الترويج لنفسه، وذلك بعيد زيارة مفاجئة قام بها ترامب إلى كنيسة مجاورة للبيت الأبيض.

وقال بايدن في تغريدة على تويتر إنّ ترامب “يستخدم الجيش الأميركي ضدّ الشعب الأميركي. إنّه يطلق الغاز المسيل للدموع على متظاهرين سلميين ويطلق عليهم الرصاص المطّاطي. من أجل صورة”.

ووجّه بايدن (77 عاما) انتقادات قاسية إلى ترامب، متحدثا أمام عدد من المسؤولين الدينيين والسياسيين معظمهم من السود في كنيسة ويلمينغتون. وأشار بايدن الذي يتقدم على الرئيس في استطلاعات الرأي إلى أن “الكراهية تختبئ، هذا كل ما في الأمر. إنها لا تختفي. وحين يقوم شخص في السلطة بإذكاء نار الكراهية، فهي تخرج إلى العلن”، مضيفا “ما يقوله الرئيس مهم، إنه يشجع الناس على إخراج ما لديهم من حقد”. وقال لاحقا خلال لقاء عبر الفيديو لجمع تبرعات إن شقيق الضحية فيلونيز فلويد قال له في اتصال هاتفي “عدني بأنه سيتم إحقاق العدالة. عدني بأن الناس سيحاسبون. عليك أن تعدني بذلك”.

ويحظى جو بايدن الذي كان نائبا للرئيس على مدى ثماني سنوات في عهد باراك أوباما، بشعبية واسعة بين الأميركيين السود الذين تعتبر أصواتهم أساسية لأي ديمقراطي يأمل في الفوز بالرئاسة.

وعلى صعيد دولي، تصاعدت الانتقادات ضد طريقة تعاطي ترامب مع أزمة مقتل فلويد، حيث لم تفوّت الصين وإيران فرصة انتقاد واشنطن على خلفية هذه المسألة. كما اتهمت رئيسة السلطة التنفيذية في هونغ كونغ كاري لام الثلاثاء واشنطن باعتماد سياسة “الكيل بمكيالين” لأنّها انتقدت طريقة تعامل حكومتها مع الاحتجاجات العنيفة في المقاطعة، في حين أنّ طريقة تعامل الولايات المتحدة مع الاحتجاجات الراهنة فيها لا تختلف كثيراً.

من جهتها، أعربت منظمة الأمم المتحدة عن اعتقادها بأن الاضطرابات التي وقعت في أعقاب مقتل المواطن الأميركي جورج فلويد على يد الشرطة الأميركية، سلطت الضوء على ظلم السود في الولايات المتحدة.

وقالت ميشيل باتشيليت، مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف الثلاثاء إن ظلم السود يسري على مجالات مثل الصحة والتعليم والعمل ويظهر أن الناس يتعرضون هناك للتمييز بسبب أصلهم أو لون بشرتهم.

وجاءت تصريحات باتشيليت عن الاحتجاجات في الولايات المتحدة في إطار بيان نددت فيه بعدم المساواة في العديد من الدول، مشيرة إلى أن جائحة كورونا كشفت عن هذا الأمر، ولفتت إلى أن الإصابة بالعدوى بين أفراد الأقليات كانت في الكثير من الأنحاء أعلى من المتوسط.

بدورها أبدت دول الاتحاد الأوروبي قلقها من تصاعد العنصرية وأحداث العنف بالولايات المتحدة. وأشار جوزيب بوريل، المسؤول البارز للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء، إلى أن أوروبا تشعر بـ”الصدمة والرعب” إزاء القتل المشتبه به لرجل من ذوي البشرة السمراء على أيدي عنصر شرطة في الولايات المتحدة، وذلك في الوقت الذي تستمر فيه موجة الاحتجاجات في الولايات المتحدة.

العرب