تقييد الإعلام التركي يهدد مستقبل أردوغان السياسي

تقييد الإعلام التركي يهدد مستقبل أردوغان السياسي

تشير دراسة حديثة إلى أن مراقبة وسائل الإعلام في تركيا والتضييق عليها تسببا بنتائج عكسية لأهداف حزب العدالة والتنمية الحاكم. إذ مع انعدام الثقة بالإعلام المحلي يزداد توجه الجمهور نحو الإنترنت لمتابعة الأخبار باعتبار أنها لا تخضع لسيطرة الحكومة والتي غالبا ما تكون أكثر انتقادا ومعارضة لتوجهاتها ولديها مساحة واسعة لنشر المعلومات الكاذبة.

واشنطن- كشفت دراسة حديثة لـ“مركز التقدم الأميركي” “سنتر أوف أميركان بروغرس – كاب” أن غالبية الجمهور التركي لا تثق في وسائل إعلام بلادها بالرغم من زيادة متابعتها لوسائل الإعلام عبر الإنترنت في الفترة الأخيرة.

والمفارقة التي كشفت عنها الدراسة أن ممارسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتقييد الإعلام ومحاصرة المنافذ الإخبارية قد تأتي بنتائج معاكسة وتأثير سلبي على مستقبل أردوغان السياسي.

وذكر المركز الأميركي في تقرير نشر الأربعاء على موقعه الإلكتروني، أن الاتجاهات الجديدة في متابعة الأتراك لوسائل الإعلام خلقت نقاط ضعف سياسية لأردوغان، من خلال هجرة الجمهور المتزايدة نحو مصادر الأخبار عبر الإنترنت التي تكون الحكومة أقل قدرة على السيطرة عليها، فقد يتعرضون لمحتوى أكثر انتقادا وبالتالي يصبحون أكثر عرضة لمعارضة الرئيس.

ومن المحتمل أن تعزز الاتجاهات الحالية في الإعلام الإلكتروني والتقليدي من قدرة الجهات الأجنبية على نشر المعلومات الخاطئة، وزيادة الانقسام السياسي وإضعاف المحاسبة داخل البلاد. واستندت الدراسة التي جاءت بعنوان “الشكل المتغير للإعلام في تركيا” على استطلاع رأي لمؤسسة “متروبول” التركية للأبحاث، وخلصت إلى أن 70 في المئة من المواطنين الأتراك لا يثقون في الإعلام التركي، ويرون أنه منحاز وغير محايد، بينما يرى 30 في المئة من المشاركين في الاستطلاع أن الإعلام التركي موثوق.

وقال الكاتب أندرو أودونوهو، الزميل الباحث في مركز إسطنبول للسياسات “يبدو أن انعدام الثقة المتزايد في وسائل الإعلام المحلية دفع الأتراك إلى الاعتماد على منافذ أخرى للحصول على الأخبار”.

وأكد ماكس هوفمان المدير المساعد للأمن القومي والسياسة الدولية في “مركز التقدم الأميركي” هذا الرأي أيضا.

وأظهر التقرير أن الأتراك الذين يعتقدون أن وسائل الإعلام في البلاد غير موثوقة، عزفوا عن القنوات التلفزيونية وباتوا يعتمدون على وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار.

وبحسب التقرير، فإن انعدام الثقة عموما في وسائل الإعلام يدفع المواطنين نحو “مصادر إعلامية عبر الإنترنت تميل إلى أن تكون أكثر استقلالية عن الحكومة”. وأضاف أن الجانب الأكثر إثارة للقلق في المشهد الإعلامي المنقسم في تركيا، هو عدم وجود منفذ إخباري رئيسي واحد يمكن أن ينأى بنفسه عن المصالح الحزبية.

وتشكل استجابة الحكومة لوباء كورونا أحد العوامل المهمة في هذا الإطار، حيث يشكك العديد من الأتراك في تغطية وسائل الإعلام التقليدية الوردية لاستجابة تركيا للوباء، فتحولوا إلى وسائل التواصل الاجتماعي لرصد الحقيقة.

والمفاجأة أن الدراسة كشفت أن نحو 50 في المئة من أنصار ومؤيدي حزب العدالة والتنمية الحاكم يرون أن الإعلام في البلاد منحاز وغير محايد ولا يمكن الوثوق فيه، مشيرة إلى أن النسبة ترتفع بين أنصار حزب الحركة القومية المتحالف مع حزب العدالة والتنمية لتصل إلى 63 في المئة.

وأشارت إلى أن نسبة عدم الوثوق في الإعلام ترتفع أكثر بين أنصار ومؤيدي أحزاب المعارضة، حيث تصل إلى 87 في المئة بين أنصار حزب المعارضة الرئيسي حزب شعب الجمهوري، ونحو 94 في المئة بين أنصار حزب الشعوب الديمقراطية الكردي، وتصل إلى 82 في المئة بين أنصار حزب الخير.

وأكدت الدراسة أن 56 في المئة من المشاركين يرون أن الإعلام في البلاد غير حر وأنه يخضع لسيطرة الحكومة، بينما يرى نحو 40 في المئة من المشاركين أن الإعلام في البلاد حر.

50 في المئة من أنصار ومؤيدي حزب العدالة والتنمية الحاكم يرون أن الإعلام في البلاد منحاز

أما نسبة المؤكدين على عدم حرية الإعلام وخضوعه لسيطرة الحكومة بين حزب الشعب الجمهوري، فقد بلغت 80 في المئة، وبلغت 78 في المئة بين حزب الخير و92 في المئة بين حزب الشعوب الديمقراطي الكردي.

وتؤكد التقارير المتنوعة التي خرجت من تركيا في السنوات الأخيرة على توجه أردوغان لتعزيز سيطرته على وسائل الإعلام الإخبارية. ففي أعقاب محاولة الانقلاب في يوليو 2016، أطلقت الحكومة حملة غير مسبوقة على الشخصيات المعارضة والنقاد، بما في ذلك وسائل الإعلام.

وتوثق العديد من تقارير حقوق الإنسان كيف سعت الحكومة التركية إلى تكميم أفواه الصحافيين، سواء من خلال سجنهم أو إغلاق المنافذ الإخبارية حيث تم إغلاق أكثر من 200 منفذ إعلامي، أو توجيه الشركات الاقتصادية الموالية للحكومة لشراء المؤسسات الإعلامية، وتضييق الخناق على وسائل الإعلام المستقلة المتبقية على قلتها وإجبارها على الرقابة الذاتية. وتصف التقارير الدولية تركيا بأنها واحدة من أكبر السجون للصحافيين في العالم.

العرب