تواجه الولايات المتحدة وإيران معركة لا يستهان بها لمواجهة جائحة كورونا، ولكنهما في الوقت نفسه تتنافسان على النفوذ في العراق؛ حيث تسعيان لكسب ود حكومة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمى والشعب العراقي بوجه عام.
ويقول تشارلز بينا كبير الزملاء في مؤسسة “ديفنس برايوريتز” الأمريكية، إن إيران سعت في حقيقة الأمر إلى زيادة نفوذها في العراق منذ اختارت الولايات المتحدة الإطاحة بنظام صدام حسين في عام 2003، وأنه مما يدعو للسخرية أن صدام حسين كان يمثل ثقلا موازنا لإيران في المنطقة.
وإيران باعتبارها دولة اسلامية شيعية مجاورة للعراق، سوف تربطهما دائما علاقات جغرافية، وعرقية، وثقافية، ودينية واقتصادية، حيث يقدر حجم التجارة بين الدولتين بـ12 مليار دولار مع وجود خطط ليصل إلى 20 مليار دولار.
إيران سعت إلى زيادة نفوذها في العراق منذ اختارت الولايات المتحدة الإطاحة بنظام صدام حسين
ويقول تشارلز بينا، في تقرير نشرته مجلة “ناشونال إنتريست” الأمريكية، إن السؤال المهم الذي يتعين طرحه: هو هل نفوذ إيران في العراق يقوض الأمن القومي الأمريكي؟ ويرى أن الإجابة هى: لا. وفي تبريره لإجابته، قال تشارلز الذي يتمتع بخبرة أكثر من 25 سنة في دعم وزارتي الدفاع والأمن الأمريكيتين كمحلل سياسات وبرامج، إن إيران ليست تهديدا عسكريا مباشرا للولايات المتحدة. فميزانية البنتاغون للعام المالي 2020 هي738 مليار دولار، وهو ما يعادل حجم الاقتصاد الإجمالي الإيراني مرة ونصف. كما أن نسبة الإنفاق العسكري الأمريكي إلى الإنفاق العسكري الإيراني 50 إلى واحد.
وفيما يتعلق بالإمكانيات العسكرية الفعلية، تتضاءل إيران كثيرا مقارنة بالولايات المتحدة. فلدى الولايات المتحدة 3ر1 مليون من العسكريين في الخدمة الفعلية، مقارنة بالعسكريين في إيران، الذين لا يزيد عددهم كثيرا عن 500 ألف. كما أن السلاح الجوي الأمريكي يمتلك أكثر من 1400 طائرة مقاتلة، بالمقارنة بعدد 350 لدى إيران. أما البحرية الأمريكية فإنها تضم أكثر من 400 سفينة، من بينها حاملات طائرات، وطرادات، ومدمرات. وتمتلك إيران أيضا حوالي 400 سفينة، لكن هناك فارق كبير بين نوعيات هذه السفن، فليس من بين السفن الإيرانية حاملة طائرات. وغالبية السفن في البحرية الإيرانية سفن دورية صغيرة.
ميزانية البنتاغون للعام المالي 2020، هي738 مليار دولار، وهو ما يعادل حجم الاقتصاد الإجمالي الإيراني مرة ونصف
و يقول تشارلز إن الأمر لا يتعلق كثيرا بالاختلافات في الأعداد، لكن في الواقع يعتبر الجيش الأمريكي أحدث جيش في العالم، وهو الأكثر تقدما وتطورا تكنولوجياً. وعلى سبيل المثال، من بين كثير من الطائرات الإيرانية مقاتلات مضى عليها عقود وترجع إلى عهد الاتحاد السوفييتي السابق، وكذلك طائرات أمريكية ترجع إلى سبعينات القرن الماضي.
ويقول تشارلز إنه بينما تستطيع البحرية الأمريكية العمل في أي مكان في العالم، لا تستطيع البحرية الإيرانية العمل سوى على النطاق الإقليمي. وهذا يعني أن الجيش الأمريكي متفوق كثيرا على الجيش الإيراني. وبالإضافة إلى ذلك، لا تمتلك إيران القدرة على وصول جيشها إلى أمريكا.
ويتساءل تشارلز قائلا: “ولكن ماذا إذا أصبحت إيران قوة نووية؟”.
ويرد على هذا التساؤل بقوله إنه على الرغم من أن إيران أطلقت قمرا اصطناعيا عسكريا في المدار، وتحقق تقدما بالنسبة لامتلاك قدرة صواريخ باليستية عابرة للقارات، فإن الصاروخ الباليستى الأطول مدى لديها هو شهاب 3، ويبلغ مداه حوالى 800 ميل -وهي مسافة أقصر بكثير من مسافة الأكثر من ثلاثة آلاف ميل المطلوبة لمدى الصاروخ الباليستي العابر للقارات.
كما أنه حتى إذا أصبحت إيران قادرة في نهاية المطاف على إنتاج رأس حربية نووية يمكن تحميلها على صاروخ باليستى عابر للقارات، لن يعني هذا أنه سيكون تهديدا لوجود أمريكا، وذلك لعدم امتلاكها مثل هذا الصاروخ. ويضيف تشارلز أن إيران تدرك أن استخدام أي سلاح نووي ضد الولايات المتحدة سيواجه على الأرجح بانتقام مدمر.
ليس هناك سبب ضروري لبقاء حوالي خمسة آلاف جندي أمريكي في العراق. فقد أنجزت الولايات المتحدة المهمة الرئيسية بعد غزوها للعراق وهي حرمان تنظيم “الدولة” من إقامة خلافة هناك.
ورداً على تساؤل آخر يطرحه تشارلز وهو: “أليست إيران تهديدا إرهابيا؟” يقول إن إيران تدعم حزب الله، وهو منظمة شيعية إرهابية تهدد إسرائيل، ولكنها ليست تهديدا مباشرا للولايات المتحدة، فحزب الله لم يهاجم أهدافا أمريكية منذ ثمانينيات القرن الماضي، عندما فجر السفارة الأمريكية وثكنات مشاة البحرية في لبنان انتقاما من التواجد الأمريكي هناك. ولكن حزب الله ليس حليفا للقاعدة أو داعش، وهما منظمتان متطرفتان سنيتان”.
ويضيف أنه لم يكن لإيران علاقات قوية مع القاعدة في أي وقت من الأوقات، ولم تدعم هجمات القاعدة ضد الولايات المتحدة وعملت بالفعل على طرد تنظيم “الدولة” من العراق.
و يخلص تشارلز إلى أنه إذا لم تكن إيران تمثل تهديدا للأمن القومي الأمريكي، حينئذ فإن نفوذها أيضا في العراق لا يهدد الأمن القومي الأمريكي. وعلى هذا الأساس، فإنه ليس هناك سبب ضروري لبقاء حوالي خمسة آلاف من العسكريين الأمريكيين في العراق. فقد أنجزت الولايات المتحدة المهمة الرئيسية بعد غزوها للعراق وهي حرمان تنظيم “الدولة” من إقامة خلافة هناك.
وأشار تشارلز إلى أنه حتى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يرى أنه حان الوقت لتسليم عملية القتال ضد تنظيم “الدولة” لإيران، والعراق، وسوريا.
القدس العربي