يبدو أن ارتفاع أسعار النفط قد وصل إلى نهايته مع “الموجة الثانية” من عدوى فيروس كورونا التي طال أمدها، مما يفرض تهديدات متجددة على الاقتصاد العالمي.
وفي تقرير نشره موقع “أويل برايس” الأميركي، قال الكاتب نيك كننغهام إن مسؤولا صينيا صرّح بأن تفشي العدوى من جديد في بكين دفع الحكومة إلى استجابة “زمن الحرب” لتشهد بذلك المدارس والملاعب الرياضية ومراكز التسوق والمحلات التجارية الكبرى جولة جديدة من تدابير المراقبة والغلق.
ويضيف الموقع في التقرير أن معدل الإصابات في جميع أنحاء الولايات المتحدة بصدد الارتفاع، وذلك مع عزوف الأميركيين عن ارتداء الأقنعة والتقاعس في الالتزام بإرشادات التباعد الاجتماعي، على عكس مارس/آذار وأبريل/نيسان الماضيين، حيث كانت نيويورك بؤرة تفشي الوباء، وتركزت الانفجارات الجديدة لحالات الإصابة في الجنوب.
موجة ثانية
وقال بيورنار تونهوغن رئيس أبحاث سوق النفط في مؤسسة “ريستاد إنرجي” في بيان له إن “المخاوف من مواجهة موجة ثانية من الوباء تسيطر على أسس التجارة في جميع أنحاء العالم، بدءا من بكين وصولا إلى فلوريدا، الأسواق تتخبط في موجات من الخوف والجشع، وبدأت تشعر بالتهديد مرة أخرى”.
يشار إلى أن أسعار خام برنت زادت أمس الجمعة فوق 42 دولارا للبرميل بعد امتثال الدول لاتفاق تخفيضات الإنتاج، لكنها تراجعت بشكل كبير عن مستويات بلغتها في وقت سابق من الجلسة، وذلك على خلفية مخاوف من أن استمرار انتشار فيروس كورونا المستجد قد يقوض التعافي الاقتصادي للولايات المتحدة.
ومن المتوقع أن يخفّض صندوق النقد الدولي توقعاته الاقتصادية عندما يصدر بيانات جديدة في 24 يونيو/حزيران، وكان قد أعلن في أبريل/نيسان الماضي أن الناتج المحلي الإجمالي العالمي قد ينكمش بنسبة 3% هذا العام.
وصرحت المديرة التنفيذية للصندوق كريستينا جورجيفا السبت الماضي بأن هذا الوباء كان ولا يزال ينتقل إلى البلدان بشكل تسلسلي ومستمر، مع إدراك أن الوباء لن يختفي تماما “حتى نضمن خلو جميع البلدان منه”.
يشار إلى أن الناتج الصناعي الصيني ارتفع في مايو/أيار بنسبة 4.4% مقارنة بالعام الماضي، وهو ما يعتبر مكسبا أقل من المتوقع أدى بدوره إلى تنامي القلق بشأن الانتعاش الاقتصادي.
ويرى روبرت كابلان رئيس نظام الاحتياطي الفدرالي في دالاس أن صحة الاقتصاد لا تعتمد فقط على التحفيز الفدرالي وإعادة فتح المشاريع التجارية، وإنما أيضا الالتزام بتدابير الصحة العامة، بما في ذلك ارتداء الأقنعة على نطاق واسع وغير ذلك من تدابير الاحتواء، وفق ما يذكر التقرير نفسه.
كما اعتبر في تصريح لشبكة “سي بي إس” بأن حسن التقيد بهذه التدابير سيحدد مدى سرعة التعافي “وسوف ننجح في التعافي بسرعة في حال التزمنا بهذه الأمور بشكل جيد، وفي الوقت الحالي يعتبر مدى الالتزام متفاوتا نسبيا”.
اضطراب أسواق النفط
وعاد الكاتب منبها إلى أن النفط المُخزن من الأشهر القليلة الماضية يعد أمرا محيرا، ووفقا لمؤشر “آي إتش إس ماركت” من المقرر أن تضيف الصين وحدها ما يعادل 440 مليون برميل إلى قدرة التخزين الأشهر الستة الأولى من العام، وهو ما يعتبر أضخم زيادة تسجلها أي دولة على الإطلاق.
وأدى هذا التراكم في الصين إلى تعزيز أسعار النفط، حيث وفر مصدرا للطلب خلال أوج فترة الانكماش، ولكن من غير الواضح ما إذا كان ضخ النفط إلى محطات التخزين يمكن أن يستمر بالمعدل ذاته، كما يقول التقرير.
ويُضاف إلى مشاكل سوق النفط، حقيقة أن الأسعار قد تكون ارتفعت كثيرا في البداية، حتى قبل أن تُعلن البيانات الأخيرة عن ارتفاع في حالات الإصابة بفيروس كوفيد-19، وقد كتب البنك التجاري الألماني في مذكرة الاثنين الماضي في إشارة إلى رهانات المضاربة على ارتفاع أسعار النفط أنه “بوسعنا أن نفسر حجم البيع بالتفاؤل المفرط السابق لأوانه”.
وأضاف البنك الألماني أن أسواق النفط مضطربة بسبب تركيزها فقط على الأخبار الإيجابية مثل انخفاض إنتاج النفط الصخري بالولايات المتحدة، وقرار تحالف أوبك بلس خفض الإنتاج، متجاهلة إشارات التحذير.
وبحسب موقع أويل برايس، حذر التجاري الألماني من أنه من المرجح أن تصبح التوقعات المستقبلية لسوق النفط أكثر قتامة مرة أخرى بسبب البيانات الاقتصادية الضعيفة والمخاوف بشأن مواجهة موجة ثانية من جائحة كوفيد-19.
واختتم التقرير بالقول “عموما لا يزال الطلب خارج الصين ضعيفا، لهذا من المتوقع انخفاض الأسعار بشكل أكبر على المدى القصير”.
المصدر : رويترز + مواقع إلكترونية