أكد تحليل لتاجرين أجنبيَّين بالعملات أن الجنيه الإسترليني اقترب من جهة الأداء من عملة متقلبة لبلد نام خلال السنوات الأربع الماضية منذ التصويت في استفتاء عام لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
فمنذ أدلى البريطانيون بأصواتهم في استفتاء بريكسيت في 23 يونيو (حزيران) 2016، شهد الجنيه تراجعاً قياسياً أمام الدولار، ثم مكاسب سريعة، ثم هبوطاً شديداً وصل به إلى أضعف مستوياته في 35 سنة.
وكانت تقلبات سعر الصرف ملحوظة، بيد أن كمال شارما وماريا كيرياكو من بنك أوف أميركا يلفتان أيضاً إلى أن “سيولة” العملة – أي الفارق بين المعدلات التي يرغب التجار في البيع والشراء عندها – تبدو أسوأ منها لدى عملات رئيسية أخرى وأن التجار يحدّدون الأسعار وفق تقلب مستقبلي ذي مخاطر أعلى.
ويشير بحثهما أيضاً إلى أن الريال البرازيلي، فقط شهد خلال أزمة فيروس كورونا تقلبات على صعيد أسعار الصرف المستقبلية أكثر من الجنيه الإسترليني.
ودفعهما ذلك إلى القول إن عملة المملكة المتحدة يُفضَّل أن تُعتبَر عملة من عملات الأسواق الناشئة – مثل الراند الجنوب إفريقي أو الليرة التركية – بدلاً من مقارنتها بعملات نظيرة تقليدية كالدولار الأميركي أو اليورو أو عملات أعضاء آخرين في مجموعة العشر المؤلفة من اقتصادات صناعية.
وقالا في ملحوظة للمستثمرين: “لا يمكن إجراء تحليل [للجنيه الإسترليني] ضمن الإطار التقليدي لعملات دول مجموعة العشر.
ويشير محللا بنك أوف أميركا بوضوح إلى أن تقلب الجنيه الإسترليني في السنوات الأخيرة يعود، إلى حد كبير، إلى نتيجة التصويت على بريكست ويحذران من أن الوضع من المرجح أن يتفاقم بدلاً من أن يتراجع، مع خروج المملكة المتحدة رسمياً من الاتحاد الأوروبي في العام المقبل مع اتفاق تجاري أو من دونه.
ويقولان: “من المحتمل أن يغير بريكست في شكل دائم نظرة المستثمرين إلى الجنيه”.
ويعتبر الخبيران أن التداعيات على صعيد المالية العامة والاقتصاد لأزمة فيروس كورونا تؤثر في تجارة العملة.
ويحددان عجز المالية العامة للحكومة عند ستة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2021 وعجز الحساب الجاري – المبلغ الذي تقترضه البلاد ككل من الخارج – عند أربعة في المئة. وهذا يجعل “العجز الثنائي” للمملكة المتحدة – أي مجموع العجزين – أعلى من المتوسط المماثل الخاص بمجموعة العشرين وأوسع حتى منه لدى جنوب إفريقيا وتركيا.
وكتب محللا العملات في بنك أوف أميركا يقولان: “نعتقد بأن الجنيه الإسترليني في طور التحول إلى عملة تشبه الحقيقة الأساسية للاقتصاد البريطاني: إنه اقتصاد صغير ومتقلص مع مشكلة متزايدة على صعيد العجز الثنائي شبيهة بالمشكلة المقابلة التي تعاني منها عملات أكثر سيولة [تخص أسواقاً ناشئة]”.
وقال بيتر كرابتا، وهو محلل عملات لدى المصرف الهولندي “آي إن جي”، إنه “موافق تماماً” على أن الغموض الذي يكتنف بريكست أدى إلى زيادة دائمة في تقلب الجنيه الإسترليني.
وأضاف أن مستوى الجنيه قد يتراجع أكثر إذا تعثرت المحادثات التجارية مع الاتحاد الأوروبي.
وقال: “في غياب اتفاق تجاري بريطاني أوروبي بحلول نهاية العام وعدم تمديد المدة الانتقالية، نتوقع أن يتجه [اليورو والإسترليني] نحو التساوي”.
وسجل الجنيه الإسترليني تراجعاً قياسياً في مقابل الدولار يوم 23 يونيو 2016 حين صوتت أغلبية البريطانيين في شكل مفاجئ لصالح مغادرة الاتحاد الأوروبي.
وقبل التصويت كان السعر 1.45 دولار للجنيه، لكن العملة البريطانية تقلبت وصولاً إلى 1.22 دولار بحلول نهاية ذلك العام.
وعزت أغلبية المحللين هذا التغير الكبير في السعر إلى توقعات تجار العملة والمستثمرين بأن الاقتصاد البريطاني سيبقى أصغر حجماً في شكل دائم نتيجة مغادرة السوق الموحدة والاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي.
وفي الأعوام اللاحقة ارتد الجنيه الإسترليني صعوداً إلى ذروة بلغت 1.42 دولار في عام 2018 مع تنامي توقعات تجار العملة بحصول مغادرة بريطانية سلسة للاتحاد الأوروبي، وساعد في ذلك أيضاً الضعف النسبي للدولار.
لكنه تراجع في شكل كبير بعد ذلك، مقترباً من 1.15 دولار – وهو أدنى مستوى له منذ عام 1985 – خلال ذروة ذعر الأسواق بسبب فيروس كورونا.
ويقول محللا بنك أوف أميركا إن تحركات الجنيه الإسترليني “عصابية في أفضل الأحوال وخارجة على التوقعات في أسوأها”.
بن تشو
اندبندت عربي