مفاوضات مؤتمر المناخ على شفير الهاوية

مفاوضات مؤتمر المناخ على شفير الهاوية

شرم الشيخ (مصر) – طالت المباحثات الليلية التي اتسمت بالتوتر، في مفاوضات مؤتمر الأطراف حول تغيرات المناخ ”كوب 27“ الذي عقد في شرم شيخ بمصر، مع إعلان الاتحاد الأوروبي المفاجئ استعداده للمغادرة من دون اتفاق حول التزامات الدول المشاركة بخفض انبعاثات غازات الدفيئة. فيما اعتبرت رئاسة المؤتمر المصرية أن معظم الدول المشاركة ترى أن الاقتراحات متوازنة، ما يضيف ضغوطاً على الدول الغنية التي لا تريد تقديم تعهدات ملزمة.

وقال نائب رئيسة المفوضية الأوروبية فرانس تيمرمانس السبت “نفضّل عدم التوصل إلى نتيجة من التوصل إلى نتيجة سيئة”.

وأوضح أمام الصحافيين “نحن قلقون من أشياء رأيناها وسمعناها في الساعات الـ12 الأخيرة” مضيفا أن الأوروبيين يريدون إبقاء هدف حصر الاحترار في 1.5 درجة مئوية “حيّا”، وهو أكثر أهداف اتفاق باريس للمناخ طموحا.

وقال مسؤول في وزارة الطاقة الفرنسية إن «الرئاسة المصرية، تتراجع عن المكاسب التي تحققت في غلاسكو بشأن خفض الانبعاثات”، في إشارة إلى نتائج مؤتمر الأطراف حول المناخ “كوب 26” العام الماضي، مؤكدا أن “هذا أمر غير مقبول بالنسبة إلى فرنسا ودول الاتحاد الأوروبي”.

في المقابل اعتبرت الرئاسة المصرية للمؤتمر أن “الغالبية العظمى” من الدول تجد الاقتراحات “متوازنة”. وأوضح وزير الخارجية المصري سامح شكري للصحافيين، إثر تمديد المؤتمر في شرم الشيخ أن “الغالبية العظمى من الأطراف أبلغتني أنها تعتبر النص متوازنا وقد يؤدي إلى اختراق محتمل توصلا إلى توافق”. وتابع “على الأطراف أن تظهر تصميمها وأن تتوصل إلى توافق”.

وأكد شكري أن النص المقترح “يبقي على هدف 1.5 درجة مئوية حيا”. إلا أن النص لم ينشر بعد من جانب رئاسة المؤتمر.

ونص اتفاق باريس حول المناخ الذي يشكل الحجر الأساس في مكافحة التغير المناخي، على هدف حصر الاحترار دون الدرجتين المئويتين وإن أمكن في حدود 1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية. وأعيد تأكيد هذا الهدف خلال “كوب 26” في غلاسكو العام الماضي.

جدير بالذكر أن المؤتمر مُدِّد ليوم واحد على الأقل في ظل غياب الاتفاق على نقاط خلافيّة عدّة. وعقد مفاوضو حوالي 200 دولة مجتمعين في شرم الشيخ اجتماعات ومباحثات ثنائية طوال ليل الجمعة – السبت في محاولة للتقدّم على صعيد النقاط الشائكة مثل مصير الطاقة الأحفورية أو التعويض عن الأضرار الحاصلة جراء التغير المناخي فيما بات يعرف بملف “الخسائر والأضرار”.

وأكّد مانويل بولغار- فيدال من الصندوق العالمي للطبيعة “لا يمكن ترك هذا العدد من مواضيع التفاوض من دون نتيجة حتى المؤتمر المقبل”.

وإلى جانب المواجهة الليلية حول هدف الحد من الاحترار العالمي، تبقى مسألة “الخسائر والأضرار” من أكثر المواضيع تعقيدا في المفاوضات. فقد بات موضوع الأضرار الناجمة عن التغير المناخي أكثر من أيّ وقت مضى في صلب النقاشات بعد الفيضانات غير المسبوقة التي شهدتها باكستان ونيجيريا. حيث تطالب دول الجنوب بإنشاء صندوق خاص لتعويض هذه الأضرار.

وقد عرض “المسيّرون” الرسميّون لهذا الملف الذي تتواجه فيه دول الجنوب والشمال مسوّدة قرار حول هذه المسألة اقترحت ثلاثة خيارات أحدها يشير إلى إنشاء صندوق تُحدّد آليّات عمله في وقت لاحق.

وقالت وزيرة التغير المناخي الباكستانية شيري رحمن باسم مجموعة ”77 + الصين“ التي ترأسها بلادها وتضم 130 دولة إن هذا الخيار مقبول “مع بعض التعديلات القليلة التي اقترحناها”.

الدول الغنية تتحفظ على فكرة إنشاء آلية خاصة لتمويل الأضرار خشية أن تفتح الباب أمام تعويضات لا تنتهي

وتتحفظ الدول الغنية منذ سنوات على فكرة إنشاء آلية خاصة لتمويل هذه الأضرار خشية أن تواجه مسؤولية قانونية قد تفتح الباب أمام تعويضات لا تنتهي.

وكان الاتحاد الأوروبي سعى إلى حلحلة هذه العقدة بقبوله بشكل مفاجئ الخميس مبدأ إنشاء “صندوق استجابة للخسائر والأضرار”. إلا أن هذا الصندوق يجب أن يموّل من جانب “قاعدة واسعة من المانحين”، في إشارة إلى الصين حليفة الدول النامية في هذا الملف.

وقد رحب سيفيه باينيو وزير المال في أرخبيل توفالو المهدد بارتفاع مستوى مياه البحر، بالعرض الأوروبي معتبرا أنه يمثل “تنازلًا واختراقًا كبيرين”.

ولم تكشف الولايات المتحدة ولا الصين عن موقفهما من الاقتراح، فيما شخصت إصابة المبعوث الأميركي الخاص للمناخ جون كيري بكوفيد – 19 في خضم المفاوضات.

ويبقى مصير الطاقة الأحفورية التي تتحمل المسؤولية الأكبر في الاحترار المناخي منذ الثورة الصناعية، محور مناقشات مكثفة في المؤتمر.

ونشرت الرئاسة المصرية للمؤتمر مسودة وثيقة نهائية لا تلحظ إحراز تقدم حول هذه النقطة، لكنها تشير للمرة الأولى إلى ضرورة تسريع اعتماد الطاقة المتجددة.

العرب