أعلنت وزارة الدفاع العراقية، اليوم الأربعاء، إجراء سلسلة تغييرات هامة في مديرية الاستخبارات وبعض القيادات العسكرية الرئيسة فيها، وذلك ضمن إجراءات لرئيس الوزراء الجديد مصطفى الكاظمي، تستهدف المؤسستين العسكرية والأمنية في البلاد.
وقال مراقبون إنّ التغييرات تستهدف منح المؤسستين العسكرية والأمنية استقلالية أكثر عن تأثير الفصائل المسلحة التابعة لإيران، التي تغلغلت كثيراً في الجيش والشرطة خلال حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي، الذي قدّم استقالته بفعل تفجّر الاحتجاجات الشعبية، مطلع أكتوبر/ تشرين الأول العام الماضي.
وشملت حزمة قرارات التغيير الجديدة، التي يتوقع أن تتبعها قرارات مماثلة أخرى، إقالة مدير مديرية الاستخبارات العسكرية سعد العلاق، وقائد عمليات محافظة ذي قار الفريق الركن جميل الشمري، المتهم بقمع المتظاهرين والتسبب بقتل العشرات منهم، وطاولت أيضاً قيادات عسكرية أخرى في بغداد برتب لواء وعقيد، بحسب مصادر عسكرية عراقية قالت إنّ الإجراءات الجديدة تصنفها الحكومة “إصلاحية”.
وأكد المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة، العميد يحيى رسول، في بيان، أنه “تقرر نقل الفريق الركن جميل الشمري إلى إمرة (دائرة الاحتياط) وزارة الدفاع”، موضحاً أنه “تم نقل الفريق الركن سعد العلاق (مدير الاستخبارات العسكرية) إلى رئاسة جامعة الدفاع”.
وأضاف أنه “تم تكليف اللواء الركن فائز المعموري بإدارة مديرية الاستخبارات العسكرية، بينما تم تكليف العميد حمد الجبوري بإدارة مديرية الوثائق العسكرية”.
نائب في البرلمان العراقي طلب عدم ذكر اسمه، قال لـ”العربي الجديد” إنه ستصدر في وقت لاحق من هذا اليوم قرارات أخرى أيضاً عن الحكومة، من بينها إقالة رئيس صندوق إعادة إعمار المناطق المحررة مصطفى الهيتي، وتسمية آخر بدلاً منه، كذلك ستُصدَر قرارات تتعلق بقيادات الشرطة الاتحادية في بغداد، وأخرى في نينوى، لافتاً إلى أنّ “القرارات مدروسة وتهدف إلى إحداث تغيير إيجابي”.
ويرى مراقبون أنّ القرارات الجديدة في وزارة الدفاع قد تكون مرتبطة بالتحقيق في ملف قمع التظاهرات وقتل نحو 700 متظاهر واختطاف آخرين، إذ تشير تقارير إلى تورط قيادات عسكرية في إعطاء أوامر قمع التظاهرات، أو التستر على دخول مليشيات مسلحة على خط مواجهة المتظاهرين، لكن ناشطين يتخوفون من أنّ قرار إقالة قائد عمليات محافظة ذي قار من منصبه وإبقائه ضمن هيكل وزارة الدفاع، قد يعني حمايته من المحاكمة القضائية.وفي منتصف الشهر الماضي، أعلن نائب محافظ ذي قار حازم الكناني، إصدار محكمة استئناف ذي قار أمراً بتجديد أمر القبض بحق الشمري، ومنعه من السفر، ومصادرة أمواله المنقولة وغير المنقولة.
ناشطون يتخوفون من أنّ قرار إقالة قائد عمليات محافظة ذي قار من منصبه وإبقائه ضمن هيكل وزارة الدفاع، قد يعني حمايته من المحاكمة القضائية
وقال الخبير بالشأن السياسي والأمني العراقي أحمد الحمداني، إنّ القرارات المتوالية للكاظمي “تبدو ذكية، ولا يمكن البرلمان أو القوى السياسية تسجيل اعتراضات عليها، لأن أغلبها كانت من خلال الوزراء وضمن صلاحيتهم الدستورية”.
وأضاف، في حديث لـ”العربي الجديد”، أنّ “الكاظمي يبدو أنه شكّل فريقاً مصغراً داخل حكومته يتألف من وزير الدفاع جمعة عناد، والداخلية عثمان الغانمي، والمالية علي علاوي، والخارجية فؤاد معصوم، متفقين فيه على أهمية استعادة هيبة الدولة، وهذا مهم للغاية، وقد يكون حدثاً جديداً يطرأ على العمل الحكومي في العراق”.
ورأى الحمداني أنّ “التغييرات الجديدة جزء واضح منها مرتبط بخلفية مدير الاستخبارات وقائد الجيش في ذي قار بملف التظاهرات وخطف الناشطين، وقمع العديد من التظاهرات والفعاليات التي أدت إلى سقوط ضحايا خلال الأشهر التي سبقت جائحة كورونا”.
أكثم سيف الدين
العربي الجديد