أبدى مساعد قائد الجيش الإيراني، حبيب الله سياري، خلال مقابلة بثتها وكالة إرنا للأنباء انتقادات شديدة اللهجة لتورط الحرس الثوري الإيراني في الشؤون السياسية والاقتصادية، والدعاية الواسعة التي يحظى بها مقابل التقليل من دور الجيش، لكن سرعان ما حذفت المقابلة وأقيل مدير الوكالة، وتحدثت مصادر إعلامية عن مقاضاة خمسة صحافيين مع نفي الحرس الثوري لمنع إثارة ضجة حول المقابلة.
طهران – يحاول الحرس الثوري الإيراني التكتم على شكوى ضد وكالة الأنباء الرسمية “إرنا”، بسبب بثها مقابلة لمساعد قائد الجيش الإيراني، حبيب الله سياري، في مايو الماضي، انتقد فيها إهمال دور الجيش في الحرب والدعاية واسعة النطاق عن الحرس الثوري.
وذكرت وسائل إعلام محلية، أنه بعد أسبوع من بث المقابلة قامت وزارة الإرشاد بإقالة الرئيس التنفيذي للوكالة، وتعيين محمد رضا نوروزبور، الذي كان ناشطا في العلاقات العامة، مديرا للوكالة، ورفع الحرس الثوري ووزارة المخابرات دعوى ضد خمسة من صحافيي الوكالة.
وبحسب إذاعة راديو فرنسا، تمت إزالة المقابلة من موقع وكالة الأنباء الإيرانية بعد وقت قصير من نشرها دون أي تفسير. لكن الحرس الثوري يحاول التكتم والتستر على هذه القضية بسبب حساسيتها التي قد تفضح استياء قادة الجيش من تهميشهم لصالح الحرس الثوري.
وذكرت قناة “إيران إنترناشيونال” الناطقة بالفارسية وتبث من لندن، أن المتحدث باسم الحرس الثوري، رمضان شريف، قال إنه لم يتم تقديم أي شكوى ضد وكالة “إرنا”.
وأضاف “إن الحرس الثوري الإيراني لم يتقدم بأي شكوى ضد وكالة أنباء إرنا، والأخبار المنشورة في هذا الصدد كاذبة وستتم مقاضاة المروجين لها”.
وفي المقابلة مع سياري، أشار إلى تورط الحرس الثوري الإيراني في الشؤون السياسية والاقتصادية، والتقليل من دور الجيش خلال الحرب، والتشهير بالجيش في الإذاعة والتلفزيون.
ووصف سياري هيئة الإذاعة والتلفزيون بأنها “عديمة الضمير”. وتخضع هيئة الإذاعة والتلفزيون لسلطات المرشد الإيراني علي خامنئي.
وشدد على أن الجيش وفقا للمبادئ لا يتدخل في الأنشطة السياسية والاقتصادية، متسائلا “هل يعني هذا أننا لا نفهم في السياسة؟ هذا ليس صحيحا. نحن نفهم السياسة جيدا، فنحن متيقظون ونقوم بتحليل جيد، لكننا لا نتدخل في السياسة؛ لأن التسييس ضرر للقوات المسلحة”.
حرية التعبير تدنت إلى مستوى لا يستطيع معه الرجل الثاني في الجيش التحدث للإعلام دون إذن من الحرس الثوري
وأشار إلى أنه على عكس الحرس الثوري الإيراني والباسيج، لم يسع الجيش على الإطلاق إلى استغلال واجباته لأغراض الدعاية، ولم يرغب الجيش أبدا في أن يكون لأعماله جانب دعائي.
ونشرت وكالة “إرنا” التابعة للحكومة، الجزء الأول من مقابلة سياري في 31 مايو الماضي، بعد أسابيع قليلة من مقتل ما لا يقل عن 19 من أفراد البحرية، في ما وصف بأنه “إطلاق نار خاطئ لسفينة جماران على سفينة كنارك”، ولكن تم حذف هذا الجزء من المقابلة لاحقا دون تفسير، ولم يتم نشر الأجزاء الأخرى. لكن بعض المواقع الإيرانية أعادت نشر نحو 14 دقيقة من الفيديو المحذوف.
وأصدرت العلاقات العامة في الجيش الإيراني بيانا عسكريا لاحقا قالت فيه إن “قادة الجيش مخلصون لولاية الفقيه وأوامر المرشد علي خامنئي”. وزعم البيان أن من نعتهم بـ”الأعداء” قاموا بتفسير وتحليل ونشر مقابلة حبيب الله سياري بشكل منحاز.
وذكر مهدي محموديان، الصحافي الإصلاحي والناشط السياسي، في صفحته على “تويتر” أن الحرس الثوري ووزارة المخابرات، رفعا دعوى قضائية ضد خمسة مديرين ومراسلين من وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية “إرنا”، لنشرهم مقابلة مع مساعد قائد الجيش حبيب الله سياري.
ولم يذكر محموديان أسماء الصحافيين الخمسة ومدير وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية، لكنه قال إن “بعض أجهزة الاتصال الخاصة بهم صودرت”.
وقال الناشط السياسي الإصلاحي إن المقابلة مع حبيب الله سياري “لم تسجل فقط بناء على طلب من الجيش وفي الاستوديوهات الخاصة به، وبحضور مديري العلاقات العامة بالجيش، ولكن الأسئلة أیضا تم وضعها من قبل نفس المؤسسة ومراجعتها من قبل الجيش، وبعد تسجيل المحادثة، تم تسليمها إلى وكالة إرنا”.
وأكد محموديان في تغريداته أن “حرية التعبير تدنت إلى مستوى لا يستطيع معه الرجل الثاني في الجيش الإيراني، التحدث لوسائل الإعلام دون إذن من الحرس الثوري”.
كما أشار محموديان ضمنيا إلى ملاحقة أفراد العلاقات العامة في الجيش، قائلا “آمل ألّا تكون الأخبار المتعلقة بوضع أفراد العلاقات العامة في الجيش صحيحة، على الأقل لقد اعتاد الصحافيون على هذا الوضع”.
يشار إلى أنّ مسألة التمييز ضد الجيش الإيراني ومنعه من إظهار قوته أمام الحرس الثوري تمت إثارتها عدة مرات من قبل. ويقول أنصار النظام الإيراني أن واجب الجيش هو “الدفاع عن الوطن”، في حين يتمثل واجب الحرس الثوري الإيراني في “الدفاع عن النظام”.
العرب