الأهمية الاقتصادية من المياه المحصودة وبناء السدود العراقية

الأهمية الاقتصادية من المياه المحصودة وبناء السدود العراقية

 

الباحثة شذى خليل*

للتدهور البيئي الذي صاحب دورات الجفاف المتعاقبة على الكرة الأرضية، وتزايد عدد السكان واحتياجاتهم للماء، والضغط الشديد على الموارد المائية المتاحة مع صعوبة استغلالها في بعض الأحيان لارتفاع التكلفة, وللحفاظ على منسوب المياه الجوفية, فقد أخذت تقنيات حصاد مياه الأمطار (Water Harvesting) نصيبا وافرا من الاهتمام وبخاصة في المناطق الجافة وشبه الجافة, والتي تعد الهضبة العراقية جزءا منها.

والتذبذب الشديد في هطول الأمطار, وهطولها بغزارة لفترات قصيرة تسيل على اثرها الاودية والشعاب بعد ان يفقد جزءا كبيرا منها بالتسرب الى داخل التربة او يفقد بالتبخر فلا يستفاد منه.
وهذا يعد محفزا للتوسع في مجال الحصاد المائي. وتختلف أساليب حصاد مياه الأمطار والسيول بدرجة كبيرة, باختلاف المناخ السائد, إذ يجب اختيار الاسلوب الأمثل اقتصاديا عن طريق إقامة السدود على الوديان والاستفادة من المياه المحصودة في مجالات اقتصادية واسعة لرفد ميزانية الدولة.

السدود، من حيث قيمتها الاقتصادية لا تقل أهمية عن النفط؛ وتنشأ السدود سواء أكانت في الصحراء الغربية او إقليم كردستان او على عمودي دجلة والفرات والجهة الشرقية والباديتين الوسطى والجنوبية وتساهم جميعها في تحسين الاستخدام الامثل للمياه في العراق ولا يمكن النظر اليها بأنها تخدم منطقة معينة لكنها في الحقيقة تخدم مناطق عموم البلد بلا استثناء.
ويكون بناء السدود على اكتاف النهر وتكون خلفها مساحة مناسبة لخزن المياه، وعموماً يتحقق هذا في العراق في اقليم كردستان وفي القسم الشمالي منه وخاصة للسدود الكبيرة، كما يصلح بناء السدود في الجزء الغربي في مناطق حديثة وعنه وراوه للسدود الكبيرة والصغيرة معاً وفي منطقة الصحراء الغربية للسدود الصغيرة وكذلك في المناطق الوسطى والجنوبية والشرقية.
سدود العراق على نهر الفرات:
سد حديثة أحد سدود العراق.. يقع على نهر الفرات مقدم مدينة حديثة بـ7 كيلو متر بسعة خزن أولية 8,28 مليار متر مكعب، والغرض منه تنظيم وإرواء المساحات المزروعة في حوض الفرات الأوسط والاسفل إضافة إلى الوقاية من الفيضانات وتوليد الطاقة الكهربائية وهو ثاني أكبر السدود في العراق والشرق الأوسط من حيث مساهمته في توليد الطاقة الكهربائية بعد سد الموصل (سد صدام سابقا) ذو طاقة إنتاج قصوى 1050 ميجا واط. ويحوي على ستة محطات توليد كهرومائية بطاقة قصوى 660 ميجا واط.

سدة الفلوجة.. هي سدة تقع على نهر الفرات جنوب مدينة الفلوجة بنحو 5 كم تتكون من عشر فتحات لها بوابات هلالية ابعاد كل منها 16 م عرضا و8.50 متر ارتفاعا وتمرر تصريفا في نهر الفرات قدره 3600 م 3/ثا بأعلى منسوب في النهر عند مقدمتها وقدره 44.79 م فوق سطح البحر.
سدة الرمادي.. هي سدة تقع في الرمادي في العراق على بعد 2 كم غرب مدينة الرمادي على نهر الفرات جنوب مدخل بحيرة الحبانية ويبلغ طولها 209 م وتتكون من بناء من الخرسانة فيه 24 فتحة عرض كل منها ستة امتار مجهزة بأبواب حديدية ترفع وتغلق يدويا وكهربائيا وذلك بعد أن دمرت غرفة السيطرة المركزية عام 1991، تحتوي السدة على ممر للسفن هويس عرضه 6 أمتار وطوله 40 مترا كما تحتوي السدة على سلم للأسماك وقد انشئ فوق السدة جسر بعرض 7 أمتار لمرور وسائط النقل الثقيلة عبر نهر الفرات .
سدة الكوفة ..هي سدة تقع في بابل في العراق وهي جزء من مشروع ري كفل – شنافية المتضمن تنظيم الري والبزل للأراضي المروية من شط الكوفة وشط العباسية البالغ مساحتها 550 الف دونم.
سدة الهندية.. تقع على نهر الفرات جنوب مدينة المسيب ضمن محافظة بابل، العراق.[1] صممها ونفذها المهندس البريطاني وليام ويلكوكس لرفع منسوب نهر الحلة من المياه. بدأ البناء بها عام 1911 وأنتهى عام 1913 . وقد بني سد جديد بين عامي 1984 و 1989 على بعد بضعة كيلو مترات شمال السدة القديمة.
سدة الشامية.. وتقع في محافظة الديوانية على شط الشامية عند مقدم مدينة الشامية بحدود(3) كيلو مترات يبلغ تصريف ناظم شط الشامية التصميمي 1100 م 3/ثا بمنسوب المقدم 25.70 م فوق سطح البحر.

اما السدود على نهر دجلة:
سد دوكان.. يقع على نهر الزاب الصغير ضمن محافظة السليمانية في شمال العراق، على بعد 60 كيلومترا شمال غرب مدينة السليمانية وعلى بعد 100 كيلومتر من مدينة كركوك وهو سد خرساني مقوس نصف قطره 120 متر وطول قمته 360 متر.[1][2] بدأ في بناء السد عام 1954 وأنجز عام 1959 وهو أول سد في العراق.
سد دربندخان بالكردية: (بە نداوی دەربە ندیخان) وهو سد يضم محطة لإنتاج الطاقة الكهرومائية يقع بالقرب من مدينة دربندخان في محافظة السليمانية بإقليم كردستان العراق أنشئ السد على نهر ديالى في سنة 1956 م وبدأ التشغيل فيه رسميا في سنة 1961 م . حيث يشكل السد بحيرة تعرف باسم بحيرة دربندخان.
سد حمرين.. يقع على مجرى نهر الوند في محافظة ديالى شمال شرقي العراق.[1] افتتح في حزيران من عام 1981 م. يهدف السد إلى تنظيم مجرى نهر حلوان والسيطرة على الفيضانات كما أنه يعتبر أحد مصادر تأمين مياه الري لأكثر من ربع مليون هكتار في العراق. يقع السد على بعد 120 كليو متر شمال شرقي بغداد، كما أنه يوفر 50 ميغا واط من الطاقة الكهربائية.
سد الموصل (سد صدام سابقاً)، هو سد يبعد حوالي 50 كم شمال مدينة الموصل في محافظة نينوى شمالي العراق على مجرى نهر دجلة. افتتح عام 1986، يبلغ طوله 3.2 كيلو متر.. وارتفاعه 131 مترا، يعتبر السد أكبر سد في العراق ورابع أكبر سد في الشرق الأوسط ويقع السد بالقرب من اسكي موصل.
سد دهوك.. هو سد يقع في دهوك في العراق على بعد 2 كم شمالي مدينة دهوك على نهر دهوك، نوع السد ترابي املائي يبلغ ارتفاعه 60.5 م عن الأرض الطبيعية و64 م من خندق الأساس وطول قمة السد 613 مترا وعرضها 9 أمتار بمنسوب 619.73 م فوق سطح البحر في حين يبلغ عرض قاعدته 200 متر.. سعة الخزن الحي للسد 47.51 مليون متر مكعب، في حين تبلغ سعة الخزن الميت 4.39 مليون متر مكعب، يتضمن العمل به إنشاء قناة مبطنة بطول 14.650 كيلو متر وذلك لإرواء اراضي تقدر مساحتها بـ 16000 دونم والغرض من إنشاء القناة هو اخذ مياه الإرواء من مؤخر نفق الري في سد دهوك لتغذية 27 مأخذا انبوبيا متفرعا لإرواء أراضي المشروع..
سد العظيم.. هو سد يقع على نهر العظيم 133 كلم شمال شرقي بغداد ضمن محافظة ديالى في العراق وهو من مشاريع الري للسيطرة على فيضان نهر العظيم، وتأمين كميات المياه اللازمة لري المساحات المزروعة في حوض العظيم، وكذلك يستفاد منه في توليد الطاقة الكهربائية. وتبلغ سعته التخزينية حوالي 1,5 مليار متر مكعب.
سد الوند.. يقع على نهر الوند جنوب شرقي خانقين ويبعد عن الحدود العراقية الإيرانية مسافة 6 كم. وهو سد املائي ترابي ذو لب طيني بطول 1342 متر وارتفاع السد 24 متر، وكميات الخزن في بحيرة السد 38 مليون متر مكعب والمساحة السطحية للبحيرة 6,200,000 متر مربع.
سد الكوت.. يقع في محافظة واسط في مدينة الكوت على نهر دجلة ويعد السد من أطول سدود العراق حيث يـتألف من 56 بوابة. بني السد على ايدي أبناء المحافظة بإشراف البريطانيين عام 1939 ويعتبر من السدود المهمة في العراق لما له من تأثير في خزن المياه ويمكن الاستفادة منه في توليد الطاقة الكهربائية ولكن خوفا على تقادم عمره لا يستخدم لهذا الغرض، تم قصفه بصاروخ من قبل أحد الطيارين الأميركيين عام 1991 لكنه بقي صامدا ولم يتأثر منه الا جزء بسيط جدا وتم ترميمه من قبل الشركات العراقية.

سد سامراء.. هو سد مائي يقع على نهر دجلة قرب مدينة سامراء في العراق أنشئ عام 1955م يرتبط السد عبر قناة تحويل بمنخفض الثرثار غرباً.
سد الدبس.. يقع على نهر الزاب الصغير على بعد نحو ثمانية كيلو مترات جنوبي مدينة ألتون كوبري، وعلى بعد نحو ثلاثة كيلو مترات شمالي محطة كهرباء دبس وعلى مسافة 22 كيلو مترا من شمالي موقع صدر جدول الحويجة الحالي، كما انه يقع على مسافة 35 كيلو مترا من مدينة كركوك، ويبلغ منسوب مقدم السد 254 م في أقصى ارتفاع، اما منسوب اسفل الحوض فيبلغ 246 مترا فوق سطح البحر ويبلغ أعلى تصريف للسد 4300 م3/ثا
سد ديالى.. يقع على مسافة 90 كم شمال شرقي بغداد على نهر ديالى. الغرض الرئيس من السد هو لتحويل تدفق سد حمرين (11 كم من المنبع) إلى قناتي الخالص والصدور لأغراض الري.

ولإجمال الأغراض والفوائد من انشاء السدود العراقية:
• الــــــري (لكون العراق دولة المصب) فإن الهدف الاساسي من انشاءها هو تأمين وتنظيم المياه اللازمة للري من خلال خطط تشغيل صيفية وشتوية مبنية على سياسة تشغيل مركزية لتلبية الاحتياجات المائية على مدار السنة للقطاعات المستخدمة للمياه كافة وفي مقدمتها القطاع الزراعي الذي يستهلك بحدود 85% من حجم المياه المتاحة كما يؤخذ بنظر الاعتبار خلال السنوات الشحيحة تأمين حجم معين من الخزين للسنة التالية في حالة استمرار الشح المائي لسنة ثانية لغرض تأمين الاحتياجات المائية بالحد الادنى للقطاع الزراعي وتأمين مياه الشرب وبشكل عام فإن تنفيذ السدود ستزيد من درجة السيطرة على مواردنا المائية.
• توليد الطاقة الكهربائية يأتي توليد الطاقة الكهربائية كناتج ثانوي بعد تأمين الري. وتعتبر الطاقة التي تولدها السدود طاقة كهربائية نظيفة لا تسبب تلوثاً للبيئة وهذا ما يدعو الى الاستمرار في انشاء السدود عموماً .
• انتاج الثروة السمكية.. تعتبر بحيرات السدود من المسَطحات المناسبة لإنتاج الثروة السمكية.
• الملاحة.. بالإمكان ان تساهم بحيرات السدود في تنشيط حركة الملاحة بين أطراف البحيرة واختصار الطرق البرية.
• نوعية المياه.. تساهم بحيرات السدود العراقية في تحسين نوعية المياه من خلال خزن المياه في موسم الامطار إذ تكون بنوعية جيدة حيث يتم اطلاق المياه من خزان السد بنوعية جيدة للأشهر اللاحقة للخزن التي تتردى فيها نوعية المياه الواردة الى السد لأنها تمتزج مع مياه البحيرة بحيث يكون تأثير المياه الواردة الى بحيرة السد قليلاً نتيجة التخفيف الذي يحصل في تراكيز المياه الواردة الى البحيرة .
• السيطرة على الفيضان في عدد من السنوات الماضية كان موضوع السيطرة على الفيضان يُعتبر الهدف الاول من انشاء السدود ولكن مع تزايد أعداد السدود المنفذة في دول اعالي نهري دجلة والفرات بدأت احتمالية الفيضان تقل في العراق ولكنها تبقى قائمة الحدوث في السنوات الرطبة كما حدث في الاعوام 1967 و 1968 و 1969 وكذلك في سنة 1988 وسنة 1994. وهذا موضوع هام جدا حيث لا يمكن التكهن بأن دورة الفيضانات لن تعود واذا ما حدثت الفيضانات فان تأثيرها يكون بالغ الخطورة مالم يكن هناك استعدادا لها من خلال بناء السدود والاستفادة مما تحققه من حجوم خزنية.

• وهذا ينطبق على وجه الخصوص على نهر دجلة وروافده حيث إن ( 32% من الايرادات المائية السنوية ترد من داخل العراق) وهذا يحقق نسبة عالية من وارد دجلة وروافده. وهنا تتبين اهمية خزن هذه المياه بإنشاء السدود على دجلة وروافده خلال مواسم الايرادات المائية العالية والفيضانات وفي حالات الشح والجفاف وتصريفها بموجب خطط سنوية تعد لتوزيع المياه لأغراض الزراعة والاستخدامات الاخرى وبشكل مسيطر عليه.
• الخوف من الجفاف هو العامل المهم لتغير الدول سياستها بحجز المياه داخل اراضيها وتشغيلها بما يحقق اهدافها الداخلية وهذا يؤدي الى تردي الايرادات المائية في نهري دجلة والفرات كماً ونوعاً نتيجة لقيام كل من تركيا وسوريا ببناء عدد من السدود وخاصة على نهر الفرات والتحكم بإطلاقات المياه في هذا النهر وكذلك ما هو حاصل حالياً في الجانب الشرقي من العراق بسبب قيام ايران بإنشاء السدود لديها مما سبب تقليلاً او قطعاً كلياً للمياه عن كل المغذيات لنهر دجلة من إيران وعلى طول الحدود المشتركــــــــــة انقطاعاً كلياً في جنوب العراق نزولاً الى شط العرب، وكل هذا يدعو للتفكير الى تهيئة خزانات على مجاري المياه الدائمية والموسمية مهما قلت مياهها وحجزها والاستفادة منها في اوقات الشح وهذا ما قامت به وزارة الموارد المائية في وضع إستراتيجية لإنشاء سدود كبيرة وصغيرة في مناطق مختلفة من البلاد للعمل على حجز واحتواء أية كمية متاحة من المياه وتوظيف استخدامها بالشكل المناسب. اذ انه اضافة الى السدود الكبيرة المقامة المعروفة والتي خدمت العراق لعقود طويلة وعالجت مواسم الشح والفيضان خلال هذه العقود فإن الاتجاه قائم حالياً لتحقيق الاحتفاظ بأكبر كمية من المياه وذلك بإجراء الدراسات والتصاميم اللازمة لبناء سدود في عدد من محافظات العراق التي يمكن تنفيذ السدود فيها، أكانت سدوداً صغيرة ام كبيرة.
• تطوير السياحة؛ تعد بحيرات السدود من المناطق المناسبة جداً لتطوير الحركة السياحية في العراق من خلال توفير مواقع جذابة ومريحة للساكنين وللمواطنين الراغبين في التواجد عندها للسياحة والراحة، كما تساهم السدود في تحسين اوضاع البيئة والمناخ في المناطق المحيطة ببحيراتها إضافة الى تحسين الوضع المعاشي للسكان من خلال فرص عمل تهيأ لها في المشروع إضافة الى استغلال الثروة السمكية وتحسين الواقع الزراعي.
ومن السدود غير المنجزة في العراق، أو غير مكتملة الإنجاز، سد بخمه على الزاب الاعلى والذي لو اكمل بناؤه سيعتبر من السدود الكبيرة في العراق حيث ان الطاقة الخزنية بمستوى (550) م فوق مستوى سطح البحر تبلغ (8،1) مليار متر مكعب وانتاج الطاقة الكهربائية بهذا المنسوب تبلغ (840) ميغا واط وبسبب الشحة القائمة يعتبر من الضروري جداً اكمال تنفيذه لأنه سيخزن كميات كبيرة من المياه ويساهم في زيادة الاستيعاب الخزني المهم جداً للعراق وكذلك تنظيم تصريف المياه وان فائدته تعم المشاريع الإروائية على نهر دجلة كافة.

في الوقت الذي فيه نحاول معالجة الشحة وكيفية السيطرة على الموقف يجب ان نضع بعين الاعتبار؛ خطر الفيضانات في حالة حصولها فيما ان الجفاف الحالي لا يمكن ان يستمر فإن دورة الفيضانات يمكن ان تعود في اي وقت ويجب ان تتخذ الاستعدادات اللازمة ومن اهمها بناء السدود وبخاصة الكبيرة منها والمقولة العالمية تقول “لا تصمم السد إلا بعد أخذ اسوأ الاحتمالات للفيضانات الكبرى” وهذا يدعو للتفكير ملياً بعدم الائتمان بأن الشحة قائمة ومستمرة بل قد تعود الفيضانات في اي موسم وان موسماً واحداً غير محسوب حسابه قد يسبب ازمات وكوارث خطيرة على البلاد.
وبالرغم من قلة السدود الصغيرة في الصحراء الغربية في العراق فإن هذه السدود كانت تحوي في عام 2008 ما لا يقل عن (15) مليون م3 من المياه بسبب السيول الموسمية ومازالت المياه متواجدة فيها، وبالرغم من الشحة الحالية فإنها تحوي حاليا مالا يقل عن (7) ملايين م3 يستفيد منها البدو الرحل واصحاب الاغنام والجمال والساكنين في تلك المناطق .
ان المياه الجوفية عموماً في الوسط والجنوب تعتبر عالية نسبياً وتكاد تكون سطحية ولهذا تم التركيز على تنفيذ المبازل، حيث ان الارواء للمشاريع الزراعية يترك كثيراً من الاملاح على سطح التربة مما يتطلب انشاء مبازل وذلك لسحب المياه المالحة الى المصبات الرئيسة ثم الى المصب العام كما تتطلب عمليات استصلاح الاراضي انشاء المبازل الحقلية وغسل المساحات المستصلحة، وفي حالة بناء اي سد فرضاً في المناطق الوسطى والجنوبية من العراق فإن منسوب خزن المياه في السد سيعمل على رفع منسوب المياه الجوفية بشكل قريب جداً من سطح الارض وسيكون التغدق حتمياً للاراضي ولا تنفع كذلك المبازل المنفذة، ولهذا فان هذه المقولة لا يمكن الركون اليها كلياً عدا عن ذلك ضياع مساحات شاسعة جدا لخزن المياه لان الارض مسطحة كما ان التصاريف المتحققة في هذه المناطق تكون مقننة ولا تفي بالغرض. اللهم إلا ما ورد ذكره في المناطق الملائمة طوبوغرافياً.

ومن المهم ان نذكر ان الامطار لا تتساقط باستمرار وليست مضمونة بل تحدث في مناطق كثيرة زوابع رعدية عاصفة تجلب معها امطاراً غزيرة تحدث من جرائها سيول عارمة احياناً فمنها ما يصل الى الانهار ومنها ما يتسرب الى باطن الارض ومنها ما يخزن في السدود سوءاً اكانت سدوداً كبيرة او صغيرة وفي كل الاحوال يسمى الخزن في هذه السدود (حصاداً للمياه).
ومن الإنجازات التي تمت مؤخراً عدد من السدود الصغيرة منها سد (هراوه) في محافظة السليمانية وسدي (شيرين وبلكانه) في محافظة كركوك وسد (كشكان) في محافظة دهوك وسد (قزانية) في محافظة ديالى ويجري العمل حالياً في تنفيذ سد كعرة (4) في محافظة الانبار في الصحراء الغربية. وكل هذه السدود تخزن المياه الكافية والمناسبة في موسم الامطار وتساقط الثلوج وقد شجعت المواطنين على الزراعة والاستقرار وشجعت الغير على الطلب ببناء سدود اخرى غيرها.
ومن المهم هو معرفة مساحة المناطق الصحراوية في العراق التي تبلغ حوالي (208) آلاف كم2 وتشمل منطقة الجزيرة والبادية الشمالية والبادية الجنوبية والصحراء الغربية وان الوارد المائي لها من جراء هطول الامطار يقدر بحوالي (22) مليار م3 وان كمية المياه السطحية الممكن استثمارها وخزنها من خلال انشاء السدود الصغيرة تقدر بحوالي (2) ملياري م3 وهي كفيلة لتحسين واقع حال هذه المنطقة من النواحي الاجتماعية والثقافية والصحية والاقتصادية والبيئية عند توفر الشروط الفنية المطلوبة لإنشاء هذه السدود .

إن الاهتمام ببناء السدود لابد ان يرافقه التقنين التام والاستخدام المنضبط والعقلاني للمياه باستخدام الطرق في الارواء كالري بالرش وبالتنقيط وعدم الركون كلياً الى الاساليب المعتمدة حالياً لان الزيادة السكانية مستمرة والماء المطلوب ليس للزراعة فقط وانما للاستخدامات المختلفة الاخرى اي بمعنى الاقتصاد التام باستخدام المياه حتى لو كان الماء متيسراً بوفرة.
وختاما.. بناء السدود مهم جدا للحفاظ على المياه واقتصادها وإدارتها، إذ يتم تشييد السدود للري، والنشاط الزراعي وتزويد المراكز الحضرية بالمياه الصالحة للشرب وكل ما يتطلبه الاستهلاك في الميدان الصناعي أو السياحي المهم للبلد أي تطوير الجانب الاقتصادي ومن الممكن جدا يعد عاملا أساسيا لرفد ميزانية الدولة العراقية .

 

وحدة الدراسات الاقتصادية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية