قطعت اليابان الطريق على هواوي الصينية الراغبة في الهيمنة على سباق تقنيات الجيل الخامس بعد استقبالها طلب مساعدة من لندن لإنشاء شبكة “جي 5” ما يفتح المجال أمام استعادة طوكيو دورها الريادي في المجال التقني الذي تربعت عليه الصين التي مزجت في منتجاتها بين الجودة والكلفة المعقولة وكوريا التي تميزت بنسق تطور متسارع.
ويستعر في العالم لهيب منافسة محتدمة حيث تتسابق البلدان في جميع أنحاء العالم لطرح شبكات الجيل الخامس اللاسلكية، والتي يمكن أن توفر سرعات للبيانات أسرع 20 مرة على الأقل من الجيل الرابع ووعد بدعم التكنولوجيات الجديدة مثل السيارات ذاتية القيادة والواقع المعزز والروبوتات.
وأوردت صحيفة نيكي اليابانية، الأحد، أن المملكة المتحدة طلبت من اليابان المساعدة في إنشاء شبكة الجيل الخامس “جي 5”، بعد قرارها باستبعاد شركة التكنولوجيا الصينية العملاقة هواوي.
وحظرت المملكة المتحدة، الثلاثاء عملاق التكنولوجيا الصيني هواوي تكنولوجيز من توريد المعدات إلى الشبكات، بدءا من نهاية هذا العام، وكذلك إزالة جميع أجهزة الشركة منها بحلول 2027.
وستكبد هذه الخطوة التي اتخذتها لندن، الشركات خسائر ضخمة، وقدرت فودافون البريطانية حجم خسائر إزالة المعدات التي صنعتها هواوي بنحو 10 مليارات دولار.
وذكرت الصحيفة، أن مسؤولين بريطانيين أخبروا نظراءهم في طوكيو، أن شركات التكنولوجيا اليابانية “ناك” و “فيجوتسي” قد تحل محل هواوي كموردين، وطلبوا دعم الجانب الياباني لتعزيز تقنية الشبكة وفعالية التكلفة.
10 مليارات دولار قيمة الخسائر الناجمة عن إزالة معدات هواوي من شركات التكنولوجيا البريطانية
ويطرح تحول بريطانيا إلى اليابان تساؤلات داخل الأوساط التكنولوجية والاقتصادية في لندن حول عجز شركات الاتصالات البريطانية عن خوض غمار تجربة تطوير تقنيات الجيل الخامس واقتصارها على الاعتماد على برمجيات هواوي.
وبقيت حرب التكنولوجيا تقتصر على واشنطن والصين وكوريا الجنوبية بدرجة أولى لتنساق اليابان من جديد بكيفية مختلفة خصوصا مع تغير الخارطة الرقمية في أعقاب العقوبات الأميركية واستمرار المفاجآت الأميركية لهواوي الصينية.
وتهدف المملكة المتحدة إلى أن تنافس الشركات اليابانية، شركات الاتصالات الأخرى مثل شركة إريكسون السويدية وشركة نوكيا الفنلندية، للترويج لتطوير منتجات منخفضة التكلفة مناسبة لشركات الاتصالات البريطانية لتبنيها.
ويأتي ذلك، بينما تقود واشنطن حملة لحظر هواوي من الشبكات حول العالم، مستشهدة بمخاوف تتعلق بالأمن القومي؛ بينما نفت هواوي أنها تشكل تهديدا لأمن أي دولة.
والثلاثاء، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أنه أقنع دولا كثيرة بعدم استخدام خدمات شركة هواوي، بالتزامن مع إعلان بريطانيا حظر اقتناء معدات الشركة الصينية.
وحثت واشنطن حلفاءها الأوروبيين على التخلص من معدات هواوي، متهمة شركة تكنولوجيا الاتصالات، بأنها تسرب معلومات حساسة للسلطات الصينية.
وتسيطر ثلاث شركات هواوي وإريكسون ونوكيا على ما يقرب من 80 في المئة من سوق المحطات الأساسية لشبكة جي 5 العالمية، بينما تسيطر شركتا “ناك” و”فيجوتسي” على أقل من 1 في المئة.وعلى الرغم من أن إريكسون ونوكيا مهيمنتان في بريطانيا خلال الوقت الحاضر، فقد تتمكن الشركات اليابانية من توسيع حصتها السوقية في البلاد، إذا تمكنت من تلبية متطلبات الجودة وتقديم منتجات منخفضة التكلفة.
وحققت الصين في السنوات الأخيرة طفرة في مجال التكنولوجيا ونجاحا كبيرا في خوارزميات الذكاء الاصطناعي والتعرف على الوجوه والقيادة الذاتية والروبوتات، واكتسبت مزايا تكنولوجية تمكنها من أن تقود أوروبا وأميركا واليابان وكوريا الجنوبية في المجال التقني.
ولا تكتفي اليابان بوضع أسس شبكات الجيل الخامس في دول تتعاون معها على الصعيد التقني بل هي عازمة على المضي قدما من خلال تخطيطها لطرح شبكات الجيل السادس جي 6 بحلول عام 2030.
وتسعى الحكومة اليابانية إلى أخذ زمام المبادرة في تطوير شبكة الجيل السادس من خلال بدء المناقشات مع قطاعات حكومية وخاصة لتطوير التقنية الواعدة والثورية في وقت مبكر.
ويعتبر خبراء أن التكنولوجيا الجديدة ستكون أسرع بعشرة أضعاف من تقنية الجيل الخامس.
وستعقد وزارة الاتصالات اليابانية اجتماعًا لفريق من الخبراء لمناقشة استراتيجية تطوير شبكة للهاتف المحمول من الجيل السادس، ما يعني أن اليابان دخلت مبكرا على خط المنافسة مع الصين لامتلاك هذه التكنولوجيا.
لندن تطلب من اليابان المساعدة في إنشاء شبكة الجيل الخامس، بعد استبعادها لهواوي الصينية
وكانت وزارة العلوم والتكنولوجيا الصينية أعلنت نهاية 2019 إنشاء مركزين بحثيين تكنولوجيين هدفهما تطوير وابتكار الجيل السادس.
من جانبها تعهدت شركات الاتصالات الرئيسية في كوريا الجنوبية الأسبوع الماضي باستثمار ما يصل إلى 25.7 تريليون وون (21.4 مليار دولار أميركي) لإنشاء البنية التحتية لشبكات جي 5 للاتصالات على مستوى البلاد بحلول عام 2022.
ووفقا لما ذكرته وزارة العلوم وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات فقد وافقت شركات الاتصالات الثلاث الرئيسية في البلاد وهي شركة أس.كي تيليكوم، وكي.تي، وأل.جي.يو بلس على ضخ الاستثمارات في إنشاء البنية التحتية لشبكة الجيل الخامس للاتصالات على مدى العامين المقبلين.
وتريد إدارة الرئيس دونالد ترامب أن يفرض الاتحاد الأوروبي قيودا أكثر صرامة على كبرى الشركات المصنعة لمعدات الاتصالات في العالم، في الوقت الذي توسع فيه هواوي تواجدها في جميع أنحاء أوروبا.
واتسعت دائرة الصراعات بين واشنطن وبكين بعد الاتهامات الأميركية بأن الصين لم تقل الحقيقة الكاملة حول أسباب تفشي فايروس كورونا في العالم.
وأظهر ترامب نرجسية خلال تعليقه على القرار البريطاني، حيث قال “أقنعنا الكثير من الدول، فعلت معظم ذلك بنفسي، لا تستخدموا هواوي لأننا نعتقد أنها غير آمنة وتشكل خطرا أمنيا”.
وانتقدت بكين هذا الأمر، وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية هوا تشونينغ الأربعاء إن “القرار ينتهك مبادئ التجارة الحرة والسوق ويضر بالثقة المتبادلة والتعاون البريطاني الصيني”.وأضافت أن “القرار يمثل تهديدا كبيرا لسلامة الاستثمارات الصينية في المملكة المتحدة. الأمر يتعلق بثقتنا في ما إذا كان يمكن أن تستمر السوق البريطانية مفتوحة وعادلة وغير تمييزية”.
ويقول محللون إن الخطوة تعكس تأثير العقوبات الأميركية الجديدة على تكنولوجيا الرقاقات، والتي ترى لندن أنها تؤثر على قدرة هواوي على أن تظل موردا موثوقا به.
ونشر الاتحاد الأوروبي في يناير الماضي مجموعة من التوصيات توضح إمكانية تقييد أو استبعاد تقنية جي 5 عالية الخطورة، مثل هواوي، من الأجزاء الأساسية لشبكات الاتصالات.
لكن التوصيات لم تصل إلى مستوى الحظر الذي سعت إليه الولايات المتحدة، ولا تزال هواوي تشارك بشكل وثيق في شبكات الجيلين الرابع والخامس المخطط لها في العديد من دول الاتحاد، من ضمنها السويد وإسبانيا والنمسا والمجر.
واستبعد رئيس هيئة الأمن السيبراني في فرنسا فرض حظر كامل على شركة هواوي، فيما عارضت شركة دويتشه تليكوم الألمانية، أكبر زبائن هواوي في أوروبا، بحزم أي حظر شامل على البائعين الأفراد.
في الوقت نفسه مازالت الولايات المتحدة تضع شركة هواوي على القائمة السوداء باعتبارها تمثل خطرا على الأمن القومي الأميركي وتطالب الدول الغربية بفرض حظر على استخدام معدات هواوي لدواع تتعلق بالأمن القومي لتلك الدول.
ومنتصف مايو ، قرر ترامب تمديد الأمر التنفيذي الذي وُقِّع في شهر مايو العام الماضي، ومُنعت بموجبه الشركات الأميركية من التعامل مع شركة هواوي الصينية.
صحيفة العرب