بغداد – ردت بغداد بقوة السبت على مؤشرات تفيد بنية طهران تحفيز أنشطة أمنية معادية داخل العراق، عندما أعلنت قيادة القوات المسلحة في البصرة، جنوبا، المباشرة بحفر خندق في محيط منفذ حدودي لقطع عمليات تهريب المخدرات والسلاح من إيران.
وأظهرت صور آليات تعمل تحت حراسة جنود من الجيش العراقي لقطع طرق ترابية غير نظامية يستخدمها مهربون مرتبطون بميليشيات مسلحة، لإدخال المخدرات والأسلحة من إيران إلى العراق ونقل الدولار الأميركي من العراق إلى إيران.
ويدر بيع المخدرات الإيرانية في العراق أرباحا كبيرة، بعد تحول هذا البلد من مجرد ممر لهذه المادة نحو دول أخرى، إلى مستهلك.
وتعتمد إيران على بيع المخدرات في مدن العراق الجنوبية ومبادلة العائد بالعملة الأميركية ثم إعادة إخراجها من الحدود.
كما توفر إيران السلاح للميليشيات التابعة لها وتبيع للعشائر والراغبين في الحيازة كل ما يحتاجون إليه من الأسلحة والذخيرة.
ويتم إدخال معظم هذه المواد عبر طرق ترابية قرب منفذ الشلامجة الحدودي بين العراق وإيران في محافظة البصرة.
وقالت مصادر عسكرية إن قوات الجيش العراقي تلقت تعليمات مباشرة من رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لوقف عمليات التهريب بين إيران والعراق بشكل عاجل، مؤكدة أن قيادة عمليات البصرة شرعت منذ صباح السبت في إنشاء خندق يحميه ساتر ترابي يمتد على طول المساحة المنبسطة قرب منفذ الشلامجة، حيث شقت الميليشيات طرقا ترابية.
ويأتي هذا التطور بعد إعلان السلطات العراقية عن أنشطة أمنية معادية -يعتقد أن جماعات موالية لإيران نفذتها في بغداد ومدن الجنوب- استهدفت مصالح أميركية.
كما جاء أيضا بعد أيام قلائل من إنهاء الكاظمي زيارة إلى طهران، أحيطت بجدل واسع، وتسرب منها أن رئيس الوزراء العراقي رفض طلبا إيرانيا بتسهيل حصول طهران على الدولار الأميركي.
وتحجم الحكومتان العراقية والإيرانية عن كشف طبيعة العلاقة بين البلدين حاليا، وما إذا كانت متوترة فعلا، على خلفية فشل زيارة الكاظمي إلى طهران.
ولم تقف توجيهات الكاظمي عند مستوى وقف تهريب المخدرات والسلاح من إيران إلى العراق عبر منفذ الشلامجة، بل امتدت لتشمل 13 منفذا آخر، أبرزها مع إيران، ومن بينها واحد مع السعودية لم يفتتح أساسا.
وقالت قيادة العمليات المشتركة، وهي أرفع تشكيل عسكري في العراق، إن الكاظمي أصدر توجيهات “لمسك المنافذ الحدودية كافة وإنفاذ القانون فيها ومكافحة التجاوزات وظواهر الفساد وإهدار المال العام”، معلنة شروعها في “تخصيص قوات أمنية لجميع المنافذ ويكون حجم القوة الأمنية المخصصة حسب طبيعة كل منفذ، حيث تم تحديد مسؤولية الحماية للمنافذ كافة على قطعات الجيش العراقي”.
وأشارت القيادة إلى أن القوات المخولة بحماية المنفذ والحرم الكمركي “مخولة بجميع الصلاحيات القانونية لمحاسبة أي حالة تجاوز ومن أي جهة كانت”.
وتقول مصادر إن هذا النوع من الإجراءات يؤثر بشكل مباشر على النشاط الميليشياوي المرتبط بإيران داخل الأراضي العراقية.
وتكشف إجراءات الحكومة عن خطة واضحة لإحكام السيطرة على الطريق البري الرابط بين إيران وسوريا، عبر العراق.
وإذا كانت إيران تستخدم منافذها مع العراق في البصرة وديالى لإدخال السلاح، فإنها تستخدم منافذ الأنبار لنقل السلاح من سوريا إلى العراق.
وربما تقدم هذه الإجراءات صورة للإجابة عن التساؤل الذي يطرح في دوائر متعددة بشأن طبيعة العلاقة بين حكومة الكاظمي وإيران.
لكن الكاظمي، وفقا لمراقبين، لا يريد الدخول في حرب شاملة مع أذرع إيران في العراق المحاصر بأزمتي الاقتصاد والصحة الخانقتين.
لذلك، يتحرك الكاظمي ببطء، وينتقي ملفات لا تثير الصخب الإعلامي بهدف تعزيز نفوذ الدولة مقابل نفوذ الميليشيات.
ويقول مراقبون إنه دون مساندة المجتمع الدولي قد يجد الكاظمي نفسه عاجزا عن مواجهة الزخم الهائل الذي يمكن لإيران صناعته في العراق، من خلال قوى تنظر إلى الدولة وأجهزتها باستخفاف.
العرب