الفرص والتحديات.. كيف ينظر كبار الخبراء لمسار تعافي الاقتصاد العالمي في ظل كورونا؟

الفرص والتحديات.. كيف ينظر كبار الخبراء لمسار تعافي الاقتصاد العالمي في ظل كورونا؟

أدت أزمة وباء كورونا إلى تفاقم التفاوت الاقتصادي، وخلقت العديد من العقبات والتحديات التي تواجه الحكومات وأصحاب الأعمال، لكنها في المقابل وفرت فرصا فريدة لمعالجتها.

موقع “وورلد إيكونوميك فورم” (World Economic Forum) الأميركي نشر تقريرا يستطلع آراء 40 خبيرا من المختصين البارزين في مجال الاقتصاد بشأن مسارات إعادة بناء الاقتصاد وسبل تعافيه بعد انحسار جائحة كورونا.

وحدد التقرير 3 تحديات رئيسية تواجه الحكومات وقادة الأعمال خلال مرحلة تعافي الاقتصاد العالمي من التأثيرات السلبية للوباء هي: إعادة صياغة السياسة الاقتصادية للحد من التفاوت الاقتصادي وتحسين الحراك الاجتماعي، وتحديد مصادر جديدة للنمو الاقتصادي، ومواءمة الأهداف الجديدة مع الأداء الاقتصادي.

وأورد الموقع تعليقا للخبيرة الاقتصادية سعدية زاهيدي المديرة العامة للمنتدى الاقتصادي العالمي رأت فيه أن “الأحداث الأخيرة فتحت نقاشا طال انتظاره حول مستقبل النمو الاقتصادي، ومع خروجنا من الأزمة يجب أن تتفوق جودة واتجاه النمو الاقتصادي على سرعته، وفي هذا النموذج الجديد نحتاج إلى مقاييس تتجاوز الناتج المحلي الإجمالي ومجموعة أدوات سياسية محدثة لضمان أن يكون النمو المستقبلي شاملا ومستداما ويوفر الفرص للجميع”.

وفيما يلي 5 آراء للخبراء الاقتصاديين بشأن الأزمة الناجمة عن وباء كورونا والمسارات المحتملة لتعافي الاقتصاد العالمي.

تفاؤل أسواق الأسهم
اتفق الخبراء على أنه رغم الصورة المختلفة التي ترسمها بيانات الاقتصاد وأسواق الأسهم فإن أرقام البطالة تعد دليلا أفضل للتوقعات الاقتصادية العالمية من الانتعاش الحالي الذي تشهده الأسواق المالية.

ورغم مؤشرات التعافي المبكرة التي شهدتها الأسواق المالية وترجمت في زيادة الإنفاق الاستهلاكي والإنتاج الصناعي فإن المؤشرين ما زالا أدنى بكثير من المستويات السابقة، ويمكن أن يتراجع الانتعاش بسبب موجة جديدة من الإغلاق العام.

رغم مؤشرات التعافي المبكرة التي شهدتها الأسواق المالية فإن الانتعاش قد يتراجع بسبب موجة جديدة من الإغلاق العام (غيتي إيميجز)
معالجة التفاوت الاقتصادي
يعتقد الخبراء الاقتصاديون أن عدم المساواة والتفاوت الاقتصادي زادا في السنوات الأخيرة، حيث لم يتم توزيع مكاسب التغيير التكنولوجي والتكامل العالمي بالتساوي، وقد عزز تفشي فيروس كورونا بعض هذه الأنماط، حيث كان له تأثير أقوى على أكثر الفئات ضعفا، لذلك فإن كيفية تقاسم العبء المالي في المستقبل ستكون حاسمة.

وعلى الرغم من كل الفوضى التي سببها فإن وباء كورونا فتح نافذة من الفرص، حيث خلقت الفجوة التي فرضتها الأزمة فرصة جديدة لإحداث تغيير ممنهج واسع النطاق لمنع “التفاوت الاقتصادي وعدم المساواة” من الخروج عن السيطرة.

أجمع الخبراء على أهمية دور الضرائب في معالجة عدم المساواة التي أدت تداعيات الوباء إلى تسارعها، ورأوا أن تكييف الهياكل الضريبية يعد شرطا عاجلا في سبيل تحقيق ذلك، بما في ذلك مواصلة الجهود الرامية للحد من التهرب الضريبي، والتوصل إلى اتفاقية دولية لفرض ضرائب على الأنشطة الرقمية، بالإضافة إلى إعادة النظر في الضرائب على الثروة وأصحاب الدخل المرتفع.

للضرائب دور مهم في معالجة عدم المساواة التي أدت تداعيات الوباء إلى تسارعها (رويترز)
تعطل سلاسل التوريد
يعتبر تعطل سلاسل التوريد بسبب تداعيات الوباء وما فرضه من إغلاق في أغلب الدول أحد العوامل التي قد تقف حجر عثرة في وجه التعافي الاقتصادي، خاصة بالنسبة للدول النامية، وفقا للخبراء.

وعلى الرغم من أن تراجع التبادل التجاري بسبب عمليات الإغلاق قد يكون مؤقتا فإن الاقتصادات النامية قد تعاني إذا اتخذت الشركات إجراءات لزيادة المرونة في سلاسل التوريد الخاصة بها عن طريق إعادة الأجزاء المهمة إلى الوطن أو الحصول على مصادر من عدة بلدان بالتوازي.

تشجيع الابتكار
يرى الخبراء أيضا أنه من المتوقع أن تؤثر الأزمة على الابتكار الذي يعد محركا رئيسيا آخر للتقدم الاقتصادي طويل المدى إلى جانب التكامل العالمي.

كما يرى هؤلاء أن الابتكار عامل حاسم للتغلب على آثار الوباء ومعالجة عدم المساواة وأزمة المناخ، لكن مساعي الابتكار قد تواجه صعوبات بسبب الانكماش الاقتصادي الذي يهدد موارد البحث والتطوير.

وأشار التقرير إلى أن الحكومات يمكنها وضع التقدم الاقتصادي على المسار الصحيح من خلال تشجيع الابتكار ووضع الإستراتيجيات الضرورية للاستثمار، لكن ذلك سيتطلب تغييرا كبيرا في مختلف القطاعات، ولن يكون ذلك ممكنا إلا من خلال التعاون والعمل المشترك بين المنظمات العامة والخاصة، وانخراط الحكومات بنشاط في إعادة تشكيل القطاعات القائمة وبناء أسواق جديدة.

المصدر : الصحافة الأميركية