تتجه روسيا لتوسيع دائرة نفوذها في أفريقيا من خلال قواعد عسكرية جديدة وزيادة أعداد قواتها في خطوة يقول خبراء عسكريون إن هدفها بناء قوة عسكرية في شكل أفريكوم روسي يكون قادرا على مزاحمة الأدوار التي تلعبها القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، وهو ما بدا أكثر وضوحا في ليبيا، حيث أظهرت الولايات المتحدة انزعاجها من الدور الروسي في دعم قوات الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر.
وذكر تقرير ألماني أن روسيا أخذت تصاريح لإقامة قواعد عسكرية في ست دول أفريقية بينها مصر والسودان، في خطوة تظهر رغبة موسكو في حماية دورها في ليبيا عبر حزام من القواعد يجعل استهداف هذا الدور أمرا بالغ المخاطر، وهو أمر خبرته الولايات المتحدة في سوريا، كما خبرته تركيا التي توجد بدورها في قلب الصراع الليبي، وتراهن على أن الوجود الروسي تكتيكي ويهدف إلى الحصول على تنازلات أكبر في سوريا.
ولم يخف “أفريكوم” في أكثر من بيان، قلق واشنطن من تكرار روسيا للسيناريو السوري في ليبيا، وقلب موازين الصراع لصالحها، مع تتبع تحركات ما تصفهم بمرتزقة فاغنر المدعومين روسيا.
وفي يوليو الماضي، قال أفريكوم إن هناك “أدلة متزايدة من خلال صور الأقمار الصناعية لطائرات الشحن العسكرية الروسية، بما في ذلك قيام طائرات آي.إل-6 بنقل إمدادات إلى مقاتلين من مجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة”.
وأضاف في بيان على موقعه على الإنترنت “يظهر نوع المعدات وحجمها نية للحفاظ على قدرات قتالية هجومية”. لكن روسيا دأبت على نفي تصريحات الجيش الأميركي.
ويعتقد على نطاق واسع أن الصراع الليبي سيكون بمثابة اختبار لنجاعة استراتيجيات المعارك بالنسبة إلى الدول المحورية خاصة الولايات المتحدة وروسيا، وأن نتائج ذلك ستدعم التوسع الروسي في أفريقيا أو تحد منه.
ونقلت صحيفة “بيلد” عن تقرير سري لوزارة الخارجية الألمانية، الثلاثاء، أن روسيا عقدت اتفاقيات تعاون عسكري مع 21 دولة أفريقية منذ 2015، في حين كانت لها اتفاقيات تعاون مع أربع دول فقط في أفريقيا قبل هذا التاريخ.
وأضافت أنه وفقاً لتلك الاتفاقيات فإن موسكو حصلت على ضمانات لإقامة قواعد عسكرية في مصر وجمهورية أفريقيا الوسطى وأريتريا ومدغشقر وموزمبيق والسودان.
ويقول مراقبون إن روسيا باتت توسع نفوذها في أفريقيا ضمن استراتيجية أوسع تقوم على التحرك في أكثر من ملعب، وعدم الاكتفاء بالدور العسكري المباشر، وتشمل هذه الأدوار المنافسة الاقتصادية في وقت باتت فيه أفريقيا ملعبا حيويا لدول مختلفة مثل الصين وتركيا وإيران والولايات المتحدة وفرنسا.
وبحسب الصحيفة الألمانية فإن روسيا تقوم بالسر أحياناً وفي بعض الأحيان بشكل رسمي بتدريب قوات تلك البلاد، حيث لها في هذا الإطار 180 جندياً في جمهورية أفريقيا الوسطى.
وبينت الصحيفة أن روسيا لا تقوم بإرسال جنود رسميين إلى البلدان الأفريقية فحسب، بل تقوم بنشاط فعال هناك عبر قوات شركات أمنية مثل شركة “فاغنر”، رغم نفي موسكو إدارتها لتلك القوات.
ووفقاً لخبراء ألمان فإن موسكو تهدف عبر قوات الشركات الأمنية الروسية تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية وعسكرية في أفريقيا.
ويشير المراقبون إلى أن روسيا تسعى لكسر صورة تقليدية عنها تصنفها كدولة ذات اهتمام عسكري مباشر، ولذلك أخذ رهانها على أفريقيا أبعادا متنوعة، فقد أنفقت مبلغ سبعين مليون دولار لاستضافة القمة الروسية – الأفريقية، التي انعقدت يومي الـ23 والـ24 من أكتوبر 2019 في منتجع سوتشي المطل على البحر الأسود، شارك فيها 34 زعيما أفريقيا.
ووفقا لتقرير صادر عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، ورّدت روسيا إلى الدول الأفريقية، في الفترة ما بين 2015 و2017، معدات عسكرية مستعملة تضم مروحيات عسكرية ونقل، وطائرات، وأنظمة صواريخ مضادة للطائرات.
وعلى هامش تلك القمة التي عقدت في سوتشي، وقّعت نيجيريا مع روسيا اتفاقية لشراء 12 مروحية حربية. وكانت الكاميرون وجنوب أفريقيا وإريتريا من الدول التي أبدت رغبتها في شراء طائرات ودبابات وأسلحة ثقيلة من روسيا.
وقبل فترة وجيزة، وقّعت جمهورية أفريقيا الوسطى، التي تعاني منذ سنوات من الحرب الأهلية، اتفاقية تعاون عسكري مع روسيا، يتواجد بموجبها مستشارون عسكريون روس بصفة رسمية في العاصمة بانغي ليتولوا تدريب وحداتها الأمنية في مواجهة تهديدات الجماعات المسلحة والمتطرفة.
العرب