بيروت – قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن لبنان يواجه أزمة سياسية واقتصادية وسيظل يعاني ما لم ينفذ إصلاحات يضعها المجتمع الدولي شرطاً لحصول لبنان على دعم يخرجه من دوامة الانهيار اقتصادي، كما أعرب عن مساعيه لـ”تنظيم مساعدة دولية” لدعم العاصمة اللبنانية المنكوبة.
وشدد الرئيس الفرنسي أن حضوره ليس دعما للحكومة أو للنظام بل لمساعدة الشعب اللبناني، وأضاف “إن لم يستمع لي المسؤولون سيكون هناك مسؤولية أخرى من قبلي تجاه الشعب”.
جاء ذلك في حديث للرئيس الفرنسي لدى وصوله إلى بيروت في مستهل زيارة رسمية في أعقاب الانفجار الضخم الذي أودى بحياة أكثر من مئة شخص وأصاب آلاف آخرين.
وأبلغ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حشودا من اللبنانيين الغاضبين في وسط العاصمة بيروت بأن الدعم الذي ستقدمه باريس لبلادهم لن يذهب إلى “الأيدي الفاسدة” وإنه يريد اتفاقا جديدا مع السلطات السياسية.
وقال للمحتجين في وسط بيروت بعد يومين من الانفجار الذي أحدث دمارا هائلا بالمدينة “أضمن لكم هذا- المساعدات لن تذهب للأيدي الفاسدة”.
وأضاف “سأتحدث إلى جميع القوى السياسية لأطلب منها اتفاقا جديدا. أنا هنا اليوم لأقترح عليهم اتفاقا سياسيا جديدا”.
وكان ذلك في زيارة دعم ومؤازرة لللبنانيين في محنتهم، وصل في وقت سابق الخميس الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخميس إلى بيروت بعد ثلاثة أيام على الانفجار الضخم الذي حول العاصمة اللبنانية إلى مدينة “منكوبة” في حالة طوارئ، تسودها الفوضى والدمار.
وماكرون أول رئيس دولة يزور لبنان بعد الكارثة التي وقعت ليعاين وضعا “كارثيا” مع مقتل ما لا يقل عن 135 شخصا وإصابة خمسة آلاف بجروح وفق حصيلة لا تزال مؤقتة، فيما لا يزال العشرات في عداد المفقودين وبات مئات الآلاف فجأة بدون مأوى ولا موارد جراء الانفجار.
ومن المقرر أن يزور ماكرون موقع الحادثة ويلتقي بالرئيس ميشال عون ورئيس الحكومة حسان دياب للوقوف على حجم الكارثة قبل أن يعقد مؤتمرا صحافيا.
وقال محافظ بيروت مروان عبّود “إنّه وضع كارثي لم تشهده بيروت في تاريخها”، وأضاف “أعتقد أنّ هناك بين 250 و300 ألف شخص باتوا من دون منازل، لأنّ منازلهم أصبحت غير صالحة للسّكن”، مقدّراً كلفة الأضرار بما بين ثلاثة وخمسة مليارات دولار، في انتظار صدور التقارير النهائيّة عن المهندسين والخبراء. وأشار المحافظ إلى أنّ “نحو نصف بيروت تضرّر أو تدمّر”.
ولا يزال العشرات في عداد المفقودين بحسب الحكومة فيما تواصل فرق الإغاثة عمليات البحث على أمل العثور على ناجين.
ونجم الانفجار عن حريق اندلع في مستودع تخزن فيه منذ ست سنوات حوالي 2750 طنا من نيترات الأمونيوم “من دون أيّ تدابير للوقاية”، بحسب السلطات.
وطلبت الحكومة اللبنانيّة فرض إقامة جبريّة على كلّ المعنيّين بملفّ نيترات الأمونيوم، تزامناً مع فتح تحقيق في الواقعة.
وجاء الانفجار وسط أزمة اقتصاديّة خانقة لم يشهد لها لبنان مثيلاً في الحقبة الحديثة، تفاقمت مع انتشار فايروس كورونا المستجد الذي أدى إلى فرض الحجر لأكثر من ثلاثة أشهر على اللبنانيين.
كما وقعت الكارثة في ظل نقمة شعبيّة على كلّ الطبقة السياسيّة التي يتّهمها المواطنون بالعجز والفساد، فأججت غضباً متصاعداً تجلّى خصوصاً عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
وبدا واضحاً أنّ الإهمال هو السبب الأول للانفجار، ما أثار غضب اللبنانيين الذين يتداولون على مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاغ “علقوا_المشانق”، مطالبين بمحاسبة جميع المسؤولين.
وأرسلت عدة بلدان من ضمنها فرنسا فرق إغاثة ومعدات لمواجهة الحالة الطارئة بعد الانفجار الذي دمر المرفأ وقسما كبيرا من العاصمة وقالت السلطات اللبنانية إنه نتج عن حريق اندلع قرب مواد مخزنة شديدة الانفجار.
من جانبه، أعلن البنك الدولي استعداده لحشد موارده لمساعدة لبنان، حسب بيان صادر عنه الأربعاء.
وبعد ظهر الأربعاء، جمع رئيس الحكومة الفرنسي جان كاستيكس الوزراء الأساسيين في حكومته والمعنيّين بـ”تنسيق كلّ المساعدات ومواد الإغاثة” إلى بيروت.
ووصلت إلى بيروت مساعدات من الكويت، كما عرضت ألمانيا أيضا تقديم المساعدة. من جهتها، بعثت ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية رسالة تعزية إلى الرئيس اللبناني عبّرت فيها عن “حزنها الشديد” لما حصل في بيروت.
وأمر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بتجهيز مستشفى عسكري ميداني لإرساله إلى لبنان.
وستُرسل الجزائر إلى لبنان أربع طائرات وباخرة تحمل مساعدات إنسانيّة وفرقًا طبّية ورجال إطفاء وأغذية ومواد بناء، حسب ما أعلنت الرئاسة الجزائريّة في بيان مساء الأربعاء. بدوره، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي افتتاح مستشفى ميداني في العاصمة اللبنانية.
العرب