في خطوة أثارت تساؤلات وتكهنات المتابعين، بادر الناشطون في محافظة البصرة (جنوبي العراق) إلى رفع خيمهم من ساحة الاعتصامات وسط المدينة، مما أتاح فتح الشوارع التي كانت مغلقة منذ 10 شهور مع بدء الاحتجاجات الشعبية التي شملت العاصمة بغداد والعديد من مدن الوسط والجنوب العراقي، والتي أدت إلى الإطاحة برئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبد المهدي.
يقول علي كريم، أحد المتظاهرين في ساحة اعتصام البصرة، إن رفع الخيم يمثل خطوة نحو التهدئة بعد أن لمس المتظاهرون استجابة وتعاطيا مع الأحداث من قبل حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، مستدركا بالقول إنها لا تمثل إنهاء للمظاهرات التي قد تعود في أي وقت.
تحول إلى الدولة
وأضاف كريم في حديث للجزيرة نت، أن المحتجين لمسوا عملية تحول من اللا دولة إلى الدولة تمثلت في عملية تغيير القيادات الأمنية وسرعة استجابة الحكومة لمسائل تهم المواطنين بحقوق الإنسان، “وهذه تعطي بادرة إيجابية تظهر معها الحكومة أنها تسمع للرأي العام وتحاول أن تتعاطى مع المطالب الشعبية”.
يجد كريم أن هذه التطورات، فضلا عن ما خلفته جائحة كورونا من تحديد حركة المواطنين دفعت باتجاه قيام غالبية المتظاهرين برفع خيمهم من ساحة الاعتصام.
من جهتها أبدت إدارة محافظة البصرة ارتياحها لتعاون المتظاهرين في إعادة فتح الشوارع بعد رفع الخيم، وذلك حسب مسؤول إعلام محافظة البصرة علي يوسف. وأضاف للجزيرة نت أن هذا الإجراء من شأنه تسهيل عملية تقديم الخدمات للمواطنين، حيث قامت الدوائر الخدمية بتأهيل وصيانة الشوارع المغلقة.
وكانت خيم الاعتصامات قد أقيمت وسط البصرة في موقع واحد قرب المجمع الحكومي منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي مع انطلاق الاحتجاجات في عموم العراق، وبلغت نحو 160 خيمة تعرض الكثير منها إلى التلف والتمزيق.
إجراء تنظيمي
ويقول الناشط المدني منتظر البصري إن رفع الخيم وفتح الشوارع لا يمثل انتهاء أو توقفا للحراك المدني في البصرة، بل هو إجراء تنظيمي نحو استمرار المظاهرات من خلال تحديد مكان آخر لا يؤثر على حركة المرور ويوفر حماية أكثر للمحتجين خشية تعرضهم لهجمات كما حصل في ساحة التحرير في بغداد.
وذكر أن أساليب الاحتجاجات السلمية لم تتغير لكن ربما تتطور إلى أشكال أخرى أكثر فاعلية.
وبيّن أن المطالب التي يحملها المتظاهرون تتمثل في تقديم قتلة المتظاهرين للعدالة، وتحديد موعد الانتخابات العامة، وإقرار قانون الانتخابات، وتغيير مسؤولي مفوضية الانتخابات، مشيرا إلى أن الحاليين تم تعيينهم بمحاصصات سياسية.
وجاءت عملية رفع الخيم من خلال مبادرة أطلقتها مجموعة من الشخصيات البصرية، كما يذكر حسام المنصوري مسؤول لجنة المتابعة في حكومة البصرة المحلية، دون أن يكون للجهات السياسية دور في ذلك.
وقال إن المنطقة التي استخدمت ساحة للاعتصامات تضررت كثيرا وتم الاتفاق مع المتظاهرين على رفع الخيم من الشوارع وإرجاعها إلى ساحة القيادة البحرية لغرض فسح المجال للحركة وعودة النشاط التجاري في هذه المنطقة. ولفت حسام إلى أن “المبادرة وجدت استجابة عند المتظاهرين وعملوا على تنفيذها”.
يرى المحلل السياسي عبد الخالق كريم أن الوعي الذي يتمتع به المتظاهرون دفعهم إلى تجميد نشاطهم مع تفشي جائحة كورونا، لكن ذلك لا يعني توقف أو انتهاء حراكهم.
وقال إن المظاهرات كانت تسعى إلى تحقيق بناء ديمقراطي وإجراء انتخابات حقيقية نزيهة مع وجود مؤسسات مستقلة لهذه المهمة، لكن هذه المسائل بقيت معلقة حتى الآن.
وحذر من أنه مع استمرار القوى السياسية من الهيمنة على قانون الانتخابات ومفوضية الانتخابات، فإن ذلك سيكون من عوامل تحفيز تجدد المظاهرات ومنحها زخما جماهيريا أكبر.
وبينما خفت حدة الحراك المدني في البصرة، يواصل حسن عبد العزيز بصمت وحذر إعادة ترتيب محله التجاري لبيع الملابس النسائية المطل على أحد الشوارع الرئيسية لساحة الاعتصام بالبصرة بعد أن اضطر إلى إغلاقه منذ نحو سنة.
المصدر : الجزيرة