رفض مجلس الأمن الدولي مساء الجمعة مشروع قرار أميركي يستهدف تمديد حظر السلاح المفروض على إيران في خطوة من المتوقع أن تعقبها تحركات أميركية جديدة من أجل تطويق التحركات الإيرانية في المنطقة ودرء أخطارها.
وبالرغم من أنها انسحبت منه، من المتوقع أن تدفع الولايات المتحدة نحو إعادة فرض جميع العقوبات الأممية المنصوص عليها في الاتفاق النووي على إيران بعد فشل خطوتها الأولى في مجلس الأمن.
وفور رفض المجلس الدولي قرار بلاده ندد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بذلك وبشدة.
وقال بومبيو في بيان إنّ “فشل مجلس الأمن في التصرّف بشكل حاسم للدفاع عن السلام والأمن الدوليين لا يمكن تبريره”.
وأعلنت إندونيسيا التي تتولى الرئاسة الشهرية لمجلس الأمن أنّ مشروع القرار الأميركي حصل على صوتين فقط، أي أنّ دولة واحدة فقط هي جمهورية الدومينيكان صوّتت إلى جانب الولايات المتّحدة، في حين صوّتت ضدّه دولتان أخريان هما الصين وروسيا بينما امتنعت الدول الـ11 المتبقية عن التصويت. ولم يكن متوقّعاً أن ينجح مشروع القرار الأميركي في الحصول على الأصوات التسعة اللازمة لإقراره، لتنتفي بذلك حاجة روسيا والصين (حليفتا إيران) إلى استخدام حقّ النقض (الفيتو) الذي لوحّتا به لمنع إقراره.
وأكّد بومبيو في بيانه أنّ “الولايات المتّحدة لن تتخلّى أبداً عن أصدقائها في المنطقة الذين توقّعوا المزيد من مجلس الأمن. سنواصل العمل لضمان عدم تمتّع النظام الثيوقراطي الإرهابي بالحرية في شراء وبيع أسلحة تهدّد قلب أوروبا والشرق الأوسط وما وراءهما”.
وأضاف أنّ مجلس الأمن رفض “قراراً معقولاً لتمديد حظر الأسلحة المفروض منذ 13 عاماً على إيران ومهّد الطريق أمام الدولة الأولى في العالم في دعم الإرهاب لأن تشتري وتبيع أسلحة تقليدية، من دون قيود من الأمم المتّحدة، للمرة الأولى منذ أكثر من عقد من الزمن”، مشدّداً على أنّ هذا الأمر يتعارض مع رغبات عدد من الدول العربية وإسرائيل. وازدادت عزلة الولايات المتحدة في مجلس الأمن في ما يتعلق بإيران منذ انسحاب الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق النووي في مايو عام 2018 وهي الخطوة التي جعلت تحركات الأميركيين ضد طهران محل انتقادات حتى من الحلفاء الأوروبيين.
ومن المقرّر أن يخفّف الحظر المفروض على بيع الأسلحة إلى إيران تدريجياً اعتباراً من أكتوبر بموجب أحكام القرار 2231 الذي كرّس الاتفاق النووي الإيراني الذي وافقت عليه الدول العظمى في يوليو 2015.
ولكن الحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة على المواد والتكنولوجيا التي يمكن أن تستخدمها إيران في برنامج الصواريخ الباليستية الخاص بها سيستمر حتى العام 2023.
ومن جانبه، قال الاتحاد الأوروبي إنه سيواصل فرض حظره على إيران بعد رفع الحظر الأول الذي فرضته الأمم المتحدة.
وبموجب الاتفاق النووي المعروف رسميا باسم “خطة العمل الشاملة المشتركة”، التزمت إيران بخفض نشاطاتها النووية مقابل تخفيف العقوبات، لكن انسحاب واشنطن من الاتفاق جعل طهران تخفض من التزاماتها حياله تدريجيا.وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مايو 2018 انسحاب بلاده من الاتفاق وفرض أحادياً عقوبات على إيران في إطار ما بات يعرف بحملة “ضغوط قصوى”.
ومنذ ذلك الحين، اتخذت طهران إجراءات محدودة ولكن متزايدة، لتخفيف التزاماتها بالاتفاق مطالبة في الوقت نفسه بتخفيف العقوبات.
ويدعو مشروع القرار الأميركي، الذي رفضه الاثنين مجلس الأمن، ويستخدم خطاباً متشدداً، إلى تمديد الحظر المفروض على إيران إلى أجل غير مسمّى.
ولا يستبعد مراقبون أن تلجأ الآن الولايات المتحدة إلى استخدام إجراء موضع جدل هددت به في وقت سابق وذلك بحجّة أنّها لا تزال “شريكاً” في خطة العمل الشاملة المشتركة، رغم انسحابها منها، وإذا لم يتم تمديد عقوبات الأمم المتحدة، فيمكنها إعادة فرضها بالقوة إذا رأت أن إيران تنتهك شروط الاتفاق.
ولكنّ بومبيو لم يجدّد في بيانه التهديد بهذا الإجراء.
ورحبت إيران السبت بما أسمتها “هزيمة” الولايات المتحدة في المنتظم الأممي مؤكدة أن “دبلوماسية إيران النشطة، إلى جانب القوة القانونية للاتفاق النووي، هزمت أميركا عدة مرات”.وفي واشنطن أعلن البيت الأبيض أنّ ترامب ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون تباحثا هاتفياً الجمعة في “الحاجة الملحّة إلى تحرّك في الأمم المتّحدة لتمديد حظر الأسلحة المفروض على إيران”.
وتسود مخاوف لدى كل من الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين من عودة تسليح إيران ما يعني تهديد أمن جيرانها في الخليج لاسيما من خلال دعم الميليشيات سواء في العراق أو الحوثيين في اليمن أو غيرهما.
ومن جهتها أقرّت نائبة المندوب الدائم لفرنسا لدى الأمم المتحدة آن غوغين بأنّ رفع حظر السلاح عن إيران “يمكن أن تكون له عواقب وخيمة على الأمن والاستقرار الإقليميين”.
وأضافت “مع ذلك، فقد امتنعت فرنسا عن التصويت على مشروع القرار المقترح لأنّه لا يشكّل ردّاً مناسباً”، مبدية أسفها لأنّ الولايات المتّحدة طرحت المشروع على التصويت من دون أن تسعى للحصول على توافق في مجلس الأمن.
صحيفة العرب