ديون الشركات الأميركية تعيق نمو الاقتصاد وفوز ترامب في الانتخابات المقبلة

ديون الشركات الأميركية تعيق نمو الاقتصاد وفوز ترامب في الانتخابات المقبلة

في الوقت الذي يراهن فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب على استئناف الاقتصاد الأميركي نشاطه، واستعادة انتعاشه سريعاً ليتمكن من التعويل عليه باعتباره أهم دعائم حملة إعادة انتخابه في شهر نوفمبر / تشرين الثاني، تتزايد ديون الشركات الأميركية بمعدلات غير مسبوقة في وقت تتراجع فيه إيراداتها وأرباحها بصورة كبيرة، الأمر الذي يحد بصورة واضحة من سرعة خروجها، وربما الاقتصاد برمته، من الأزمة الحالية بالسرعة التي يتمناها ترامب.
في بداية الأزمة، أقر الكونغرس قانون المساعدات للتخفيف من آثار فيروس كورونا وتحقيق الأمن الاقتصادي، المعروف باسم CARES، حيث خصصت وزارة الخزانة ما يقرب من 500 مليار دولار لمساعدة مجموعة من الشركات الكبرى، مثل الطيران وتصنيع الطائرات والفنادق، كما بعض الشركات التي تقوم بتصنيع الأدوية لمساعدتها في محاولات التوصل إلى لقاح يمنع الإصابة بالفيروس، بالإضافة إلى مساعدة بنك الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) في خلق قوة شرائية في سوق الأسهم والسندات، لتجنب مشكلة سيولة، على غرار ما حدث في أزمة 2008 – 2009 المالية.
ولم تكتف الشركات الأميركية بما حصلت عليه من وزارة الخزانة والبنك الفيدرالي من مساعدات، حيث أغرتها معدلات الفائدة شديدة الانخفاض، كما تراجع الإيرادات، فاندفعت نحو إصدار كميات كبيرة من السندات، ليصل إجمالي ما اقترضته الشركات ذات التصنيف الاستثماري منذ بداية العام وحتى الأسبوع الماضي إلى 1.346 تريليون دولار، وهو ما يتجاوز أي مبلغ تم إصداره في أي عام كامل من تلك السندات، رغم أننا لم نكمل الشهر الثامن من العام حتى الآن.

الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمام معضلة الإنجازات
اقتصاد دولي
الاقتصاد الأميركي ينكمش ويضع ترامب في مأزق
وبينما يؤكد الفيدرالي أنه “لا يفكر في رفع معدلات الفائدة”، تتسابق الشركات لاستغلال معدلات الفائدة المنخفضة وزيادة اقتراضها، وتتوقع شركة الاستثمار، دوبل لاين كابيتال، تجاوز قيمة السندات المصدرة هذا العام 1.9 تريليون دولار.
ورغم إصابتها بشلل تام مع بدايات انتشار الفيروس أواخر شهر مارس / آذار الماضي، استعادت سوق السندات الأميركية عافيتها بدعم من تدخل البنك الفيدرالي، الذي تعهد بعمل كل ما ينبغي لتوفير السيولة في الأسواق.
ولم يكن الاندفاع نحو إصدار الشركات للسندات من طرف واحد، حيث قوبل بإقبال شديد من المستثمرين، وكانت حالة شركة بوينغ لتصنيع الطائرات نموذجاً واضحاً لهذا الإقبال، حيث أعلنت الشركة نيتها إصدار سندات بقيمة 15 مليار دولار، فتقدم المستثمرون بطلبات شراء تقترب قيمتها الإجمالية من 75 مليار دولار، لتكتفي الشركة بقبول 25 مليار دولار منها فقط، رغم تدني معدلات الفائدة المطلوبة.
ومع تزايد اقتراض الشركات، وبالتالي مدفوعات الفائدة، واستمرار الانخفاض في أرباح الشركات بسبب انتشار الوباء وركود الاقتصاد، انخفض متوسط مرات تغطية أرباح تلك الشركات قبل خصم الفوائد والضرائب والاستهلاك نسبة لمدفوعات الفائدة، أو ما يعرف بنسبة تغطية الفائدة Interest Coverage إلى 5.8 لدى شركات التصنيف الاستثماري خلال الربع الثاني من العام الحالي، مقارنة بمتوسط يقترب من 7 مرات خلال العشرين عاماً الماضية، وفقاً لتقرير بلومبيرغ.

مصنع في أميركا (Getty)
اقتصاد دولي
فيتش تخفض تصنيف آفاق الاقتصاد الأميركي من مستقر إلى سلبي
وقالت الوكالة إن النسبة في شهر يونيو / حزيران الماضي كانت الأقل في ما يقرب من 17 عاماً، ولم يختلف الأمر بالنسبة لسندات الخردة Junk Bonds، التي وصلت فيها النسبة إلى 2.3 في شهر يونيو / حزيران، وهو أيضاً أقل مستوى لها منذ عام 2003. ويعبر تدني النسبة عن انخفاض قدرة الشركات على سداد الفوائد المستحقة على القروض التي حصلوا عليها.
وتقول كاثي جونز، مسؤولة استراتيجيات أدوات الدخل الثابت لدى شركة تشارلز شواب للسمسرة والخدمات المالية، إن “قطاع الشركات المثقل بالديون لن يتمكن من النمو إلا بمعدلات ضعيفة، وهو ما سيتسبب في تباطؤ نمو الاقتصاد ككل”.
وتحذر ليل توبكوغلو، مسؤولة ادارة الصناديق بإحدى شركات إدارة الاستثمار بنيويورك، من التباطؤ في استعادة النشاط الاقتصادي لدى تلك الشركات، بما يشمله من خلق للوظائف، وزيادة في الإنفاق الاستثماري، كونه قد يتسبب في آثار سلبية على نطاق عريض في أسواق المال.

وأكدت توبكوغلو أن “أسعار الكثير من السندات تعكس توقعات عودة الأرباح إلى معدلاتها المعتادة العام القادم، إلا أن ذلك قد يمتد لعامين أو ثلاثة”، مشيرة إلى أن ذلك قد يحدث اضطرابات كبيرة في أسواق السندات.

شريف عثمان

العربي الجديد