رأوا فيها مؤسسات قديمة ومكلفة وتقدم خدمات سيئة.. هل أخطأ العملاء عندما أداروا ظهورهم للبنوك؟

رأوا فيها مؤسسات قديمة ومكلفة وتقدم خدمات سيئة.. هل أخطأ العملاء عندما أداروا ظهورهم للبنوك؟

ترسخت في الأذهان صورة سلبية عن البنوك بعد الأزمة المالية العالمية قبل أكثر من 10 سنوات، وهي تدفع اليوم ثمنا باهظا رغم دورها المحوري في التخفيف من تداعيات أزمة كوفيد-19.

في التقرير الذي نشرته صحيفة “ليزيكو” الفرنسية (lesechos)، قال الكاتب إيريك لو بوشي إن البنوك تسببت عبر استسلامها لإغراءات المضاربة وتحقيق الأرباح السريعة عام 2007 بأزمة مالية مدمرة، استوجبت تدخل الحكومات لإنقاذها من الإفلاس، وهي اليوم تدفع ثمن تلك المغامرة رغم تعاملها المختلف مع أزمة كورونا.

ويؤكد الكاتب أن جلّ البنوك في العالم -عدا عن بعض المصارف الكبرى في الولايات المتحدة- تجنّدت لدعم عملائها، ووقفت إلى جانب الشركات الصغيرة والمتوسطة والتجار في أزمة كورونا، لكنّ ذلك لم يغيّر كثيرا من الصورة السلبية الراسخة في الأذهان منذ 2007، مما جعل كبرى البنوك في الولايات المتحدة وأوروبا تتكبد خسائر فادحة نتيجة عزوف المساهمين.

تدهور القطاع المصرفي
ويرى الكاتب أن أزمة كورونا يمكن أن تكون فرصة جيدة لإعادة اكتشاف مزايا البنوك بصورتها التقليدية، تلك المؤسسات التي تتقن تقديم الخدمات لعملائها وتقدم لهم المساعدة في الأزمات والأوقات الصعبة مثلما يحدث حاليا.

لكن المفارقة -كما يقول الكاتب- هي أن المساهمين يقومون حاليا بمعاقبة البنوك رغم دورها المحوري في مجابهة أزمة كورونا، إذ انهارت أسهم المصارف في البورصات بمعدل الثلث.

ويوضّح الكاتب أن القطاع المصرفي كان يعيش في الأساس أزمة كبيرة بسبب انخفاض أسعار الفائدة وارتفاع أسعار الأسهم (تضاعفت 5 مرات منذ عام 2007)، والمنافسة المحتدمة مع قطاع التكنولوجيا المالية، قبل أن تأتي جائحة كورونا وتزيد من حدّة الأزمة.

في هذا السياق، سجلت “مجموعة سانتاندير” (Santander) أول خسارة ربع سنوية منذ 163 عاما، ووصل مصرف “ويلز فارغو” (Wells Fargo) إلى وضع مالي حرج، بينما تراجعت أرباح بنك “إتش إس بي سي” (HSBC) بنسبة 65% في النصف الأول من العام الجاري.

وبينما تبلغ القيمة السوقية لكلٍّ من شركات التكنولوجيا والإنترنت الأربع العملاقة (غوغل وأمازون ومايكروسوفت وآبل) تريليون دولار (ألف مليار)، لا يتجاوز العملاق المصرفي “جي بي مورغان تشيس” (JP Morgan) قيمة 300 مليار دولار، و”إتش إس بي سي” 70 مليار دولار، وبنك “باريبا” (BNP Paribas) الفرنسي 50 مليار دولار.

ولا تصل القيمة السوقية الإجمالية لبنوك عريقة مثل “أوني كريدت” الإيطالي (UniCredit) و”باركليز” (Barclays) و”دويتشه بنك” (Deutsche Bank)، إلى قيمة شركة “زوم” الناشئة لمحادثات الفيديو، والتي تأسست عام 2011.

يشار إلى أن القيمة السوقية لشركة زوم ارتفعت إلى أكثر 129 مليار دولار الثلاثاء قبل الماضي في ظل أزمة كورونا، قبل أن تنزل إلى نحو 109 مليارات دولار أمس، مقارنة بـ16 مليار دولار فقط عند الطرح العام في أبريل/نيسان 2019.

ويرى الكاتب أن القطاع المصرفي قام بدوره كما ينبغي في الأزمة الحالية، إذ أقرضت البنوك عملاءها في الولايات المتحدة وأوروبا ما يصل إلى تريليون دولار.

لكن في ظل الحالة المتدهورة للاقتصاد والأزمة التي تمرّ بها قطاعات حيوية مثل الطيران والسياحة، وحالات الإفلاس المتوقعة بقوة في الفترة القادمة، فإن مجهودات البنوك لن تكون مجدية دون تدخل حكومي يعيد التوازن لسوق الأسهم وينقذ القطاع المصرفي من مصير مجهول، بحسب الكاتب.

ويعتقد الكاتب أن البنوك ما زالت تلعب دورا حيويا في اقتصادات الدول، من خلال تطوير الصناعات الجديدة ودعم الشركات المتعثرة، وهو ما أظهرته أزمة كوفيد-19، غير أنها مطالبة -بحسب رأيه- بأن تطور خدماتها وتخفض تكاليفها وتكسب ثقة عملائها مجددا، أي أن تعتمد نموذجا جديدا يعيد لها -في خضم الأزمة الحالية- ذلك البريق الذي اكتسبته بعد الحرب العالمية الثانية.

ويختم الكاتب بالقول إن المساهمين يرتكبون خطأ جسيما عندما يديرون ظهورهم للبنوك ويعاقبونها على أخطاء سابقة، “لأننا ما زلنا في أمس الحاجة إليها”، بحسب تعبيره.

المصدر : ليزيكو