تعتزم الولايات المتحدة الأميركية بقيادة دونالد ترامب الإعلان من طرف واحد عند منتصف الليلة عن إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران، إلا أن واشنطن تكاد أن تكون وحيدة ضد الجميع في هذا الموقف الذي تعترض عليه القوى العظمى الأخرى، روسيا والصين بالإضافة إلى حلفائها الأوروبيين.
كيف وصلنا إلى هذه المواجهة؟
تحاول إدارة ترامب إعادة فرض العقوبات الأممية التي رفعت عام 2015، عندما تعهّدت طهران بموجب الاتفاق الدولي حول برنامجها النووي، بعدم حيازة السلاح النووي.
في منتصف أغسطس/ آب، تلقّت إدارة ترامب انتكاسة كبيرة في مجلس الأمن الدولي لدى محاولتها تمديد حظر الأسلحة على طهران الذي تنتهي مدّته في 18 أكتوبر/ تشرين الأول. واتّهم وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو فرنسا وبريطانيا وألمانيا في هجوم اتّسم بمستوى نادر من العنف، بأنها “اختارت الانحياز إلى آيات الله” الإيرانيين. وفعّل بومبيو في 20 أغسطس/ آب آلية “سناب باك” المثيرة للجدل التي يُفترض أن تسمح بإعادة فرض العقوبات الأممية على إيران بعد شهر.
حظر تسليح
تخضع إيران لعقوبات حظر تسليح، منذ منتصف العقد الماضي، وتهم تلك العقوبات الأسلحة التقليدية والصاروخية والنووية، وتنتهي تباعاً في 2020 و2023 و2025. وفي عام 2007 وبموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1747 تم فرض حظر بيع الأسلحة التقليدية لإيران ولغاية انصياعها لضوابط وكالة الطاقة الدولية وقرارات مجلس الأمن.
ثم جاء القرار الدولي 2231، في 20 يوليو/ تموز 2015، الذي أوقف العمل بعقوبات 1747، على أن يصار إلى إحيائها وفرضها من جديد على إيران في حال وجود خلل في تطبيق التزاماتها الواردة في الاتفاق.
وينص القرار 2231 الذي يحكم هذه العقوبات التي ينتهي مفعولها في 18 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، على أنه: “إذا أبلغ أحد أطراف الاتفاق عن وقوع ما يعتقد بأنه خلل كبير في تنفيذ الالتزامات، عندئذ على مجلس الأمن أن يصوت على قرار بإحياء العقوبات التي جرى وقفها (عقوبات 1747) في مهلة 30 يوماً. وإذا فشل المجلس في ذلك، يعود العمل بهذه العقوبات بعد فوات المهلة وكما كانت معتمدة في 1747”.
اتفاق 2015
كان يُنظر إلى الاتفاق النووي المبرم بين إيران والمجموعة الدولية في 14 يوليو/ تموز 2015، على أنه حدث تاريخي لافت سينهي سنوات من الصراع بين طهران والقوى الغربية.
ومع دخول الاتفاق حيّز التنفيذ في يناير/ كانون الثاني 2016، وتولي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة كانت الخطوة الأبرز انسحابه من الاتفاق، وما تبعه من إعادة فرض العقوبات الشاملة على طهران وإنهاء الأخيرة معظم تعهداتها النووية.
آلية “سناب باك”، ماذا تعني؟
تتيح آلية “سناب باك” إعادة فرض كل العقوبات الأممية على إيران، إذا طلبت دولة طرف في الاتفاق النووي المبرم مع إيران في 2015 ذلك بدعوى انتهاك طهران للتعهّدات المنصوص عليها في الاتفاق.
وكانت إدارة الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، تتباهى بأنها تمكنت من التنصيص على بند في الاتفاق النووي يتيح لها إعادة فرض العقوبات على إيران، أو “سناب باك” بالعبارة الإنكليزية، إذا فشلت في الالتزام ببنود الاتفاق.
وتتيح الآلية العودة لفرض العقوبات من دون السماح لباقي الدول الموقعة على الاتفاق النووي على الاعتراض على ذلك، من خلال حق النقض (الفيتو)، إثر تخوف المسؤولين الأميركيين حينئذ من إمكانية لجوء الصين أو روسيا لاستخدام الفيتو في حالة إعادة فرض العقوبات.
وبحسب القرار الأممي رقم 2231، فإن أي دولة مشاركة في الاتفاق النووي يمكنها تقديم شكوى لدى مجلس الأمن إذا رأت أن أحد أطراف الاتفاق قد أخل بالتزاماته.
ولدى مجلس الأمن بعد إخطاره بالخرق مهلة 30 يوماً من أجل إصدار قرار بشأن استمرار سريان إنهاء الأحكام المنصوص عليها في القرار 2231.وإذا كان البلد المشتكي، وفي هذه الحالة الولايات المتحدة الأميركية، يرغب في إعادة فرض العقوبات، فيحق له ممارسة حق النقض فيما يخص القرار الجديد، وبالتالي تفعيل آلية “سناب باك” أوتوماتيكيا.
العقوبات التي ستفرض على إيران
من شأن عودة عقوبات الأمم المتحدة أن تلزم إيران بتعليق جميع الأنشطة المتعلقة بالتخصيب وإعادة المعالجة، بما في ذلك البحث والتطوير، وحظر استيراد أي شيء يمكن أن يساهم في تلك الأنشطة أو في تطوير أنظمة إطلاق الأسلحة النووية. وستشمل كذلك معاودة فرض حظر الأسلحة على إيران ومنعها من تطوير صواريخ باليستية قادرة على إطلاق أسلحة نووية واستئناف فرض عقوبات محددة على عشرات الأفراد والكيانات. كما سيتم حث الدول على فحص الشحنات من إيران وإليها والسماح لها بمصادرة أي شحنة محظورة.
تبريرات أميركية
تتذرع الولايات المتحدة بوضعها كدولة “مشاركة” في الاتفاق الذي انسحبت منه، وتعترض كافة الدول الأعضاء في مجلس الأمن تقريباً على إمكانية استفادة واشنطن من هذا الوضع، وبالتالي لم يستجب مجلس الأمن للمسعى الأميركي.
لكن التحدي الأكبر في الخطوة الأميركية هو أنه لا توجد داعمة قانونية للطلب الأميركي وتنفيذه بحسب جميع الدول الأعضاء في الاتفاق، ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيران والصين وروسيا، لأن الولايات المتحدة انسحبت منه قبل أكثر من سنتين ولم تعد طرفا به. كما لم تحضر اجتماعات “خطة العمل الشاملة المشتركة” التي عقدت بعد انسحابها. كما أنها خرقت تلك الخطة والاتفاق عندما فرضت عقوبات أحادية الجانب على إيران بعد انسحابها من الاتفاق، وهو ما يتنافى مع الاتفاقية.
لكن الجانب الأميركي يدّعي أنه يمكنه تفعيل تلك القرارات مجددا وفرض العقوبات الشاملة على إيران. إلا أن قرار مجلس الأمن ذا الصلة، القرار 2231 (2015)، ينص “على أن مجلس الأمن، في غضون 30 يوماً من تلقي إخطار من دولة مشاركة في خطة العمل تبلغ فيه بمسألة ترى أنها تشكل إخلالاً كبيراً بالالتزامات المنصوص عليها في خطة العمل، سيصوِّت على مشروع قرار بشأن استمرار سريان إنهاء الأحكام المنصوص عليها المبينة في قرارات مجلس الأمن السابقة”.
دولي
حاملة طائرات أميركية تدخل الخليج وسط تهديدات بفرض عقوبات على إيران
لكن الخارجية الأميركية تقول إن حظر الأسلحة سيُمدد “لمدة غير محددة” وإن الكثير من الأنشطة المرتبطة بالبرنامجين الإيرانيين النووي والبالستي ستصبح خاضعة للعقوبات على المستوى الدولي. وتضيف أن الولايات المتحدة “ستقوم بكل ما يلزم لضمان تطبيق هذه العقوبات واحترامها”. وقال بومبيو “سنمنع إيران من حيازة دبابات صينية ومنظومات دفاعية جوية روسية”، مضيفاً “ننتظر من كل أمة أن تمتثل لقرارات مجلس الأمن”.
محمد حمامه
العربي الجديد