في الوقت الذي يسجل فيه الدولار الأميركي مزيداً من الخسائر بين سلة العملات العالمية، لكنه يزحف صوب مستويات جديدة مقابل الليرة التركية التي اقتربت من الانهيار مع خسائر تتجاوز 30 في المئة منذ بداية العام الحالي وحتى التعاملات الحالية.
وفي تعاملاتها الأخيرة تراجعت الليرة التركية إلى مستوى منخفض غير مسبوق مقابل الدولار، حيث تركز انتباه المستثمرين على الخطوات المحتملة للبنك المركزي لتشديد السياسة النقدية قبيل اجتماع لتحديد السياسات يوم الخميس المقبل.
ولامست الليرة مستوى متدنياً عند 7.5660، متراجعة من إغلاق يوم الخميس الماضي عند 7.5595. وتشير البيانات المتاحة إلى أن الليرة التركية هوت بأكثر من 30 في المئة منذ بداية العام الحالي، حيث ارتفع سعر صرف الدولار من مستوى 5.8 ليرة في نهاية العام الماضي إلى مستوى 7.56 ليرة في الوقت الحالي، لتربح الورقة الأميركية الخضراء نحو 1.76 ليرة.
الدولار يواصل خسائره عالمياً
عالمياً، تمسك الدولار بنطاقات ضيقة للتداول لكنه يتجه صوب تكبد خسارة أسبوعية مقابل عملات مناظرة رئيسة، بعد أن ألقت بيانات سلبية بظلال من الشك على التوقعات الاقتصادية، بينما ساهمت تعليقات إيجابية من وزير المالية في نيوزيلندا في دعم عملة البلاد.
ووفق وكالة “رويترز”، تخلى الدولار عن مكاسب حققها بعد أن قام مجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي بتحديث توقعاته الاقتصادية هذا الأسبوع، لينزل إلى منطقة سلبية في تعاملات يوم الخميس الماضي. وسجل الدولار في أحدث تعاملات 92.923 مقابل سلة من العملات الرئيسة، ويتجه صوب تكبد خسارة 0.3 في المئة خلال تعاملات الأسبوع.
فيما لم يطرأ تغير يُذكر على الدولار مقابل الين عند 104.81، بعد أن بلغ أعلى مستوى في سبعة أسابيع عند 104.52 يوم الخميس. وخلال الأسبوع، تراجع الدولار ما يزيد على 1.2 في المئة مقابل العملة اليابانية، ويتجه صوب تسجيل أكبر هبوط أسبوعي منذ منتصف يونيو (حزيران) الماضي.
ومقابل اليورو، حوم الين عند أعلى مستوى في شهر ونصف الشهر، البالغ 123.29 الذي لامسه في وقت سابق، ويجري تداوله عند 124.18. وقبعت السوق في نطاقات ضيقة في آسيا على الرغم من أن الدولار النيوزيلندي بلغ أعلى مستوى في أسبوعين عند 0.6785 دولار أميركي بعد أن بدا وزير المالية جرانت روبرتسون إيجابياً بشأن آفاق التعافي في البلاد.
واشترى الجنيه الإسترليني 1.2959 دولار، بعد أن خسر نحو سنت يوم الخميس عقب أن قال بنك إنجلترا المركزي إنه يبحث عن كثب الكيفية التي قد تطبق بها أسعار الفائدة السلبية في ظل ارتفاع الإصابات بفيروس كورونا، وصعود البطالة واحتمال حدوث صدمة جديدة بفعل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
في غضون ذلك، جرى تداول اليورو عند 1.1849 للدولار. وستكون بيانات مؤشر مديري المشتريات لمنطقة اليورو المقرر صدورها الأسبوع القادم محور التركيز فيما يقول بعض المحللين إن صدور بيانات قوية قد تصل بالعملة الموحدة مجدداً إلى مستوى 1.19 مقابل الدولار.
وجرى تداول الدولار الاسترالي عند 0.7310 دولار أميركي، بينما سجل الفرنك السويسري في أحدث تعاملات 0.9086 مقابل الورقة الأميركية. وبلغ اليوان في المعاملات الخارجية 6.7521 للدولار، بعد أن سجل مستوى مرتفعاً عند 6.7332، ويتجه صوب تحقيق مكاسب للأسبوع الثامن.
الثقة في السياسة المالية لتركيا تتراجع
كانت وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني، قد أعلنت قبل أيام، خفض آفاق الاقتصاد التركي إلى درجة “سلبية”، نظراً إلى تراجع الاحتياطي النقدي للبلاد، وضعف الثقة في سياسة أنقرة المالية. ووفق وكالة “بلومبيرغ”، فإن الوضع في تركيا يثير قلقاً بشأن الحصول على تمويل من الخارج، لذلك خُفض تصنيف البلاد إلى درجة BB-.
وهذا التصنيف الممنوح لتركيا من قبل وكالة “فيتش” يقلُ بثلاث درجات عن المعدل المطلوب للاستثمار، وهو المستوى الممنوح لدول تعاني صعوبات اقتصادية مثل البرازيل وأرمينيا. وعزت الوكالة الدولية هذا التصنيف إلى تدخل الدولة التركية بشكل كبير لأجل إنقاذ الليرة، وهو ما أحدث حالة من الشك في سياسة البلاد المالية.
وأشارت وكالة “فيتش” إلى هبوط معدلات العقار بدورها، وسط مخاوف من تفاقم الأزمة في البلاد. ولجأ بنك تركيا المركزي إلى احتياطي النقد الأجنبي من أجل كبح خسائر الليرة التي تشهد هبوطاً مستمراً منذ سنوات.
في الوقت نفسه، حرص البنك المركزي التركي على بقاء إجراءات تؤدي إلى إغراق السوق بالديون، وذلك من خلال الإبقاء على نسب الفائدة في مستويات منخفضة وأقل من معدل التضخم. فيما يعد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، من أكبر معارضي رفع نسب الفائدة، لأن هذا الأمر يؤدي إلى عرقلة الإقراض، بحسب تصوره، وهو ما يكبح تحقيق النمو الاقتصادي.
ومن المتوقع أن ينكمش اقتصاد تركيا بنسبة 4 في المئة، خلال العام الجاري، بحسب وكالة “بلومبيرغ” جرى الإعلان عنه في يوليو (تموز) الماضي. وتراجع احتياطي النقد الأجنبي في تركيا إلى 45.5 مليار دولار في الرابع عشر من أغسطس (آب) الماضي، بينما كان عند مستوى 81.2 مليار دولار في نهاية السنة الماضية ليسجل تراجعاً بنسبة 43.96 في المئة.
على صعيد المعاملات الجارية، فقد أشارت بيانات البنك المركزي في تركيا إلى أن ميزان المعاملات الجارية سجل عجزاً قدره 1.82 مليار دولار في يوليو الماضي، في رقم يلامس تقريباً توقعات بهذا الشأن، وقد يتفاقم هذا العجز أكثر في الأشهر المقبلة في ظل مؤشرات عديدة منها فيروس كورونا وتداعياته.
وأشارت البيانات إلى أن العجز التجاري بلغ 1.85 مليار دولار، بينما سجل ميزان الخدمات، الذي يشمل السياحة، صافي دخل 288 مليون دولار انخفاضاً من 4.6 مليار دولار في يوليو من العام الماضي. وسجل العجز في أول سبعة أشهر من العام الحالي نحو 21.63 مليار دولار، ومن المتوقع أن يرتفع أكثر في الأشهر المقبلة على الرغم من تباطؤ وتيرة الزيادة.
خالد المنشاوي
اندبندت عربي