أشاد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الاثنين، بالمرجع الشيعي الأعلى في العراق، آية الله علي السيستاني، وذلك بعد انتقادات طالته في افتتاحية صحيفة “كيهان” الإيرانية المحافظة السبت الماضي، لمطالبته بإشراف الأمم المتحدة على الانتخابات التشريعية في بلاد الرافدين المقررة في يونيو (حزيران) 2021.
وكتب ظريف في تغريدة بالعربية عبر حسابه على “تويتر”: “يعتبر المرجع الكبير سماحة آية الله السيستاني الحصن الحصين للعراق وصمام الأمن للمنطقة وذخراً للعالم الإسلامي أجمع”.
وأكد ظريف أن إيران “تقدر دور سماحته في استتباب الأمن في العراق واستقراره والحفاظ على سيادته ووحدة أراضيه والتخلص من قوى الاحتلال وبناء العراق الجديد وفق متطلبات شعبه الشقيق”.
وأتى موقف الوزير الإيراني بُعيد تأكيد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة في مؤتمر صحافي، أن ما ورد في “كيهان” لا يعكس وجهة النظر الرسمية. وقال خطيب زادة “لا علاقة لهذا الموقف بأي من مرتكزات الجمهورية الإسلامية”، مشدداً على أنه “بطبيعة الحال، لن نتسامح مع أي شخص يتخطى موقع المرجعيات”.
توفير الشروط
دعا السيستاني في 13 سبتمبر (أيلول) الحالي، الأمم المتحدة للإشراف على الانتخابات، وذلك بعد استقباله جينين هينيس – بلاسخارت، مبعوثة الأمين العام للمنظمة الدولية إلى العراق.
وجاء في بيان لمكتب السيستاني يومها أن “الانتخابات النيابية المقرر إجراؤها في العام المقبل تحظى بأهمية بالغة، ويجب أن توفر لها الشروط الضرورية التي تُضفي على نتائجها درجة عالية من المصداقية”، ومن بينها أن “يتم الإشراف والرقابة عليها بصورة جادة بالتنسيق مع الدائرة المختصة بذلك في بعثة الأمم المتحدة”.
وشجع السيستاني العراقيين على “المشاركة بصورة واسعة” في الانتخابات، محذراً من أن “مزيداً من التأخير في إجراء الانتخابات أو إجرائها من دون توفير الشروط اللازمة لإنجاحها، بحيث لا تكون نتائجها مقنعة لمعظم المواطنين، سيؤدي إلى تعميق مشاكل البلد والوصول، لا سمح الله، إلى وضع يهدد وحدته ومستقبل أبنائه”.
كان هذا الموقف موضع انتقاد في “كيهان”، إذ رأى رئيس تحرير الصحيفة حسين شريعت مداري في افتتاحيته، السبت، أن هذا الطرح “هو ما دون الموقع المحترم و(المنزلة) العالية لآية الله السيستاني. في واقع الحال، الأمم المتحدة هي التي تحتاج إلى موافقة سماحته لتبرير أهليتها”.
ورأى رئيس تحرير الصحيفة المقربة من التيار المتشدد لدى المحافظين في إيران، أن “دعوة الأمم المتحدة للإشراف على انتخابات بلد معين هي (إعلان) إفلاس هذا البلد (سياسياً)”.
وأبدى شريعت مداري اعتقاده بـ”حصول خطأ” من قبل مكتب السيستاني في البيان الصادر عنه، متوقعاً أن يقوم المكتب بـ”تصحيح هذا الجزء”.
وأردف قائلاً “لا يوجد أدنى شك بأن الأمم المتحدة خلافاً لادعاءاتها، لا تتحرك لتأمين السلام العالمي، بل تحولت إلى أداة ضغط بيد القوى المتغطرسة، خاصة أميركا وحلفاءها”.
موقف الرئاسة
وكان الرئيس العراقي برهم صالح دعم موقف السيستاني في كلمته التي ألقاها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، إذ قال إن “البيان الأخير للمرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني عبّر بوضوحٍ عن هذه المهمات اللازمة لأصلاح مسارِ العمليةِ السياسية الجارية في البلد وتنظيفِها مما شابها من فسادٍ وضعف. نَتطلع الى مساعدةِ الامُم المتحدة للتنسيق مع مفوضية الانتخابات لتوفيرِ الدعم الفني والرقابي،وضمانِ نزاهتها”.
دور مفصلي
ويُعد السيستاني أحد أبرز المراجع لدى الشيعة، ويقلده الملايين في العراق وخارجه. ويضطلع رجل الدين المولود في عام 1930، بدور مؤثر في السياسة العراقية منذ ما بعد الغزو الأميركي عام 2003 وسقوط نظام صدام حسين.
وأدى السيستاني في الأعوام الأخيرة دوراً مفصلياً بعد سيطرة “داعش” على مناطق في شمال العراق وغربه في يونيو 2014، بإصداره فتوى “الجهاد الكفائي” التي تجاوب معها عشرات آلاف العراقيين، فحملوا السلاح وقاتلوا إلى جانب القوات الأمنية لاستعادة المناطق التي سيطر عليها مسلحو التنظيم في حينه.
وسبق للسيستاني أن أبدى رفضه “التدخل الخارجي” في شؤون العراق، ودعم في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، التظاهرات الاحتجاجية التي اندلعت في البلاد ضد الطبقة السياسية.
ونادراً ما يظهر السيستاني في العلن، بينما ينقل ممثل عنه خطبه لصلاة الجمعة كل أسبوع. كما يتجنب لقاء شخصيات سياسية، باستثناء ممثلي الأمم المتحدة، التي تُعد غير مُنحازة.
اندبندت عربي