تبدو حكومة غانا عازمة على إتمام صفقة تتعلق بالتنقيب عن الذهب رغم كل الشبهات والانتقادات، مؤكدة أنها ستجني من خلالها الكثير من العوائد المالية الضرورية في ظل الأزمة الحالية.
وقالت مجلة “الإيكونوميست” البريطانية إن غانا -أكبر منتج للذهب في أفريقيا- تخطط لبيع ضرائب التنقيب عن الذهب من أجل توفير السيولة اللازمة للتعامل مع التبعات الاقتصادية لأزمة كورونا والحفاظ على مستويات الإنفاق العام تحت وطأة الديون التي من المتوقع أن تبلغ 70% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام.
لكن هذه الخطوة -حسب الصحيفة- تثير الكثير من الجدل والتساؤلات بين الخبراء وفي الشارع الغاني الذي خرج للتظاهر ضد الصفقة.
في عام 2018، صدّرت غانا ما يربو على 6 مليارات دولار أميركي من الذهب، وتريد الحكومة حاليا أن تجمع ما يصل إلى 75% من الضرائب على حقوق التنقيب في 16 منجما كبيرا لحساب شركة “أغيابا” (Agyapa)، وتخطط بعد ذلك لبيع نحو 49% من الشركة مقابل 500 مليون دولار.
وتقول الحكومة إن الصفقة سوف توفر سيولة نقدية دون زيادة الدين العام، لكن المنتقدين يؤكدون أن هذا الكلام مجانب للصواب.
وفي هذا الصدد، يقول ديفيد ميهالي، من معهد حوكمة الموارد الطبيعية “تبيع الحكومة بشكل أساسي قدرتها على سداد محفظة قروضها العادية الحالية”.
ويشكك المنتقدون في شروط الصفقة، والتي لا تتعلق بكمية معينة من الذهب ولا بفترة زمنية محددة بوضوح.
وفقا للخطة الحكومية، ستستمر شركة أغيابا في الحصول على حصتها من العوائد إذا كان هناك أي تجديد أو تمديد لعقود إيجار التعدين في المناطق المشمولة بالاتفاقية، وهذا من شأنه أن يمنح المستثمرين فوائد إضافية دون أن يوجد ما يُلزمهم بدفع مقابل ذلك للحكومة.
وثائق تعزز الشكوك
وتقول مجلة “الإيكونوميست” إنها حصلت على وثائق تكشف أن الحكومة حددت قيمة شركة أغيابا بمليار دولار. لكن الخبير الاقتصادي بجامعة أبردين، يعقوب عبد السلام، يعتقد أن قيمة الشركة لا تقل عن 2.5 مليار دولار، حتى في ظل حالة عدم اليقين بشأن كمية الذهب التي سيتم استخراجها، وأسعار الذهب عند بيعه.وحسب المتحدث باسم الحزب الحاكم في غانا، فإن الهدف من تقييم الشركة بمليار دولار هو جذب المستثمرين، لكن التقييم الحقيقي سيأتي من السوق عندما يتم طرح الأسهم.
ويقول الخبير بمؤسسة “إيماني” للبحوث في أكرا، برايت سيمونز، إن الحكومة تتناقش مع المستثمرين منذ عامين، وبالتالي فإن تحديد عائدات بمليار دولار ربما يعكس القيمة التي تتوقعها قبل الطرح العام الأولي.
وحسب المجلة، فإن أحد الأسباب التي تقف وراء الفرق الكبير بين ما حددته الحكومة، وما يراه الخبراء، هو المخاطر التي تشكلها غانا بالنسبة المستثمرين، لكن لا أحد يعرف الحقيقة الكاملة لأن الحكومة لم تكن شفافة بشأن التوقعات أو أسعار الفائدة التي اعتمدتها في عملية التقييم.
ويصر تشارلز أدو بواهين، نائب وزير المالية الغاني، على أن هناك “شفافية كاملة” وأن عملية الاكتتاب في لندن ستضمن أن يتم تقييم الشركة بشكل صحيح. لكن كثيرين يتساءلون، حسب المجلة، عن الأسباب التي دفعت بالحكومة إلى تسجيل الشركة في جزيرة جيرسي التي تصنف ضمن الملاذات الضريبية، بدلاً من تسجيلها في لندن.
وقد ردت الحكومة موضحة أنها اختارت جيرسي بسبب كفاءة نظامها الضريبي، وأكدت أنها ستفرض سيطرتها على الشركة من خلال امتلاكها أغلبية أسهمها، وستحصل على أرباح سنوية.
إصرار على الصفقة
تضيف المجلة أن هناك الكثير من الشكوك حول الاتفاقية، فعلى الرغم من أن الحكومة كانت تعمل على إعدادها منذ سنوات، فإن البرلمان مُنح 4 ساعات فقط للتدقيق والمصادقة عليها، وهو ما جعل المعارضة تخرج إلى الشارع رفضا للصفقة.
ويشير المنتقدون إلى غياب الشفافية بشأن تعيين رئيس شركة أغيابا، إذ أُسند المنصب إلى ابن أحد الوزراء في الحكومة الغانية، وهو صديق دراسة لنائب وزير المالية. كما يشارك في الصفقة بنك استثماري أسسه وزير المالية، وفق ما تذكر المجلة البريطانية.
وفي 10 سبتمبر/أيلول، كتب المدعي الخاص في غانا إلى البرلمان يطلب الحصول على معلومات، ويقول إنه يبحث فيما إذا كانت أي عناصر من الصفقة فاسدة. كما تُظهر مذكرة مسربة أن المدعي العام كتب في 22 يوليو/تموز الماضي إلى وزير المالية قائلا إن الصفقة “غير معقولة”.
وحسب المجلة، فإن الحكومة الغانية عازمة على تنفيذ الاكتتاب قبل نهاية هذا العام، وهو ما لن يفسح مجالا كبيرا لإحداث أي تغيير في الصفقة.
أكبر منتجي الذهب في أفريقيا
تصدرت غانا قائمة الدول الست الكبرى المنتجة للذهب في قارة أفريقيا بإجمالي إنتاج بلغ 158 طنا في عام 2018.
جاء في المرتبة الثانية السودان بإنتاج بلغ 127 طنا.
حلت جنوب أفريقيا في المرتبة الثالثة بإجمالي إنتاج وصل 119 طنا.
جاءت مالي في المرتبة الرابعة، بإنتاج 49 طنا.
تلتها غينيا في المتربة الخامسة بإنتاج 47 طنا.
ثم أتت بوركينا فاسو في المرتبة السادسة بإنتاج بلغ 44 طنا في 2018.
المصدر : إيكونوميست + جون آفريك