بعد اعتداء أربيل… ما الذي ينتظر العراق؟

بعد اعتداء أربيل… ما الذي ينتظر العراق؟

بعد ساعات من تعهد رئيس وزراء العراق مصطفى الكاظمي بحماية البعثات الدبلوماسية، نفذ اعتداءً على قاعدة حرير العسكرية القريبة من مطار أربيل شمالي العراق، والتي يتواجد فيها جنود أجانب، بينهم أميركيون.

وبحسب معلومات خاصة حصل عليها مركز الروابط للبحوث والدراسات الإستراتيجية مفادها:” قيام مجهوليين باطلاق صواريخ بتجاه محافظة اربيل من قرية ترجلة التابعة لناحية برطلة قضاء الحمدانية، قيام مجهولين بإطلاق صواريخ عدد ٧ صواريخ من منطقة وادي ترجلة التابعة لقضاء الحمدانية وبالقرب من معمل الجص باتجاه مطار أربيل حيث تشير المعلومات بأن الصواريخ انطلقت من عجلة نوع كيا حمل وادى الحادث الى سقوط الصواريخ بالقرب من قرية دارا بند وهو موقع الحزب الديمقراطي المعارض لدولة إيران وبالقرب من قرية كزنة والقريبة من مطار أربيل وكذلك سقوط صاروخين قرب مخيم حسن شامي والتي تم اسقاطه بمضادات الدفاع الجوي التابعة لمطار أربيل قبل سقوطه على المطار وسقوط الاخر على قرية كأني قرجالة واالاخر على قرية گردة چار الواقعة على طريق الرابط بين محافظة أربيل دهوك”.

وبحسب هذه المعلومات أيضًا فإن السيارة كانت محملة ب 11 عشر صاروخًا، والصورة التالية توضح ذلك، وهي صورة من جملة صور حصريًا لمركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية.

انطلق منها فقط 7 صواريخ والصور التالية الحصرية لمركز الروابط تظهر ذلك

سقطت تلك الصواريخ بالقرب من من قاعدة التحالف الدولي في أربيل من دون وقوع خسائر بشرية، كما سقطت بالقرب من مقر حزب الحزب الديمقراطي الكوردستاني الايراني المعارض.  لكن الملاحظ بهذه الصواريخ بأنها صواريخ أكبر من الصواريخ التي استخدمت في الاعتداءات السابقة، حيث انطلقت تلك الصواريخ على بعد 63 كيلو متر، ويبدو واضح جدا أن المنفذين تلقوا تدريبات عليها من قبل الجيو فيزيائيين الإيرانيين.

بدورها، أعلنت وزارة الداخلية في حكومة إقليم كردستان العراق، أن الصواريخ أطلقت من على متن شاحنة صغيرة من مكان يقع “ضمن حدود اللواء 30 للحشد الشعبي”، وهذه اللواء وفق معلومات خاصة للأمن الكوردستناني  تابع إلى كتائب حزب الله العراقي، فبعد أن نفذوا اعتداؤهم عادوا مجددًا إلى داخل نينوى وربما توجهوا إلى بغداد لتحضير لإعتداء آخر. من جانبه أمر  مصطفى الكاظمي رئيس وزراء العراق  توقيف آمر قائد المنطقة التي انطلقت منها صواريخ.

 

يحمل هذا الاعتداء في طياته رسالة موجهة إلى جهتين: الأولى الولايات المتحدة الأمريكية ومفادها أن إيران لن تسمح في تواجد أي جندي أمريكي فوق الجغرافيا العراقية، وهذه ليست المرة الأولى التي تستهدف بها هذه القاعدة، حيث سبق ان استهدفتها إيران على خلفية اغتيال قاسم سليماني.

وبحسب معلومات خاصة حصل عليها مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية أن الولايات المتحدة الأمريكية أبلغت أعضاء البعثة الدبلوماسية الأمريكية المجازين حاليا بعدم عودتهم إلى بغداد، وهذا مؤشر واضح بأن واشنطن قد تقدم في أي لحظة على إغلاق سفارتها في بغداد. ولهذا الإغلاق مما لاشك فيه تبعاته الإقتصادية والسياسية والعسكرية على العراق.

لم يعد ثمة أدني شك في أن هدف ايران من اشعالها للحرائق في العراق بهذه الاعتداءات التي يتسع نطاقها كل يوم ليشمل الي جانب المقرات الدبلوماسية التي تحظي السفارة الامريكية بالنصيب الاوفر منها ، القواعد العسكرية الامريكية في العراق واستهدافها بصورة مستمرة ومتزايدة ، هو التعجيل بخروج الولايات المتحدة من العراق وارغامها علي التخلي عن دورها هي والتحالف الدولي الذي تقوده في محاربة تنظيم داعش الإرهابي، ليخلو بذلك العراق امام إيران وامام القوي العراقية التي تحتضنها وتخلع حمايتها عليها وتؤازرها بكل اشكال الدعم العسكري والمادي والمعنوي حتي تبقى علي تبعيتها وولائها المطلق لها ولتكون أذرعها وأدواتها في تنفيذ مخططها في العراق.

 أما الرسالة الثانية أن إيران لن تسمح بوجود أي حزب كوردستاني إيراني معارض لها في إقليم كوردستان العراق، وهذا يعني أن على الجميع في العراق أن تكون وجهته السياسية والاقتصادية والاجتماعية طهران ولا غيرها! وبهذا الاعتداء تكون إيران ضربت عصفورين بحجر واحد.

نتساءل ما يجري في العراق بكل القلق والخوف عليه من التداعيات الامنية وغير الامنية المحتملة لهذه الاعتداءات الاخيرة : ما الهدف من هذه الإعتداءات المتكررة والمتعمدة والمدبرة علي مقرات البعثات الدبلوماسية المعتمدة في بغداد والقواعد العسكرية الأمريكية في العراق، إلا إذا كان الهدف هو إفشال مهمة رئيس الوزراء العراقي مصطفي الكاظمي والتعجيل باسقاطه من قبل القوي الداخلية والخارجية التي جاهرت بالتعبير عن تذمرها واستيائها الشديد منه منذ اللحظة الاولي لتعيينه لأسباب يعرفونها مناوئيه، واتهموه بما عجزوا عن إقامة الدليل عليه وهو عن دوره في تدبير عملية اغتيال قاسم سليماني، ومن هنا كان تربصهم به وتكتلهم ضده وتآمرهم عليه للتخلص منه، وجعله عبرة لغيره ممن يحملون الولاء لبلدهم العراق أولًا وأخيرًا.

 هذا الرجل أي مصطفى الكاظمي الذي يحاول علي قدر جهده واستطاعته إرجاع العراق الي عمقه العربي واعادة إلحاقه بالمجتمع الدولي بنمط جديد من العلاقات الخارجية والعربية بعد ان كاد يغرق في عزلته التي فرضها العراق علي نفسه أو فرضها الآخرون عليه فرضا بفعل ظروفه التعيسة التي دمرت له كيانه وقلبت له اولوياته وارجعته كثيرا للوراء. واسقاط الكاظمي باظهاره بمظهر العاجز عن إحكام قبضته الأمنية علي ما يجري في العراق لا يعني في هذا التوقيت الحرج والقاتل إلا شيئًا واحدًا فقط، وهو ترك الفوضي لتعم العراق وتزيد أزماته تعقيدًا فوق ما هي عليه. ولتستدعي مزيدا من التدخل الخارجي في شئون العراق الداخلية بحثا عن حل مشكوك فيه.

هذه أجواء خانقة بل وقاتلة يستحيل علي أي رئيس حكومة محب لبلده كمصطفى الكاظمي أن يعمل ويتحرك فيها. ما الحل الذي يوفر علي العراق كارثة اخري قد تكون قادمة إليه في الطريق مع الفوضي والإنفلات الأمني والفراغ السياسي والسقوط المتتابع للحكومات وانفجار الشارع السياسي العراقي من جديد ؟ وهل كل ما حدث للعراق من تخريب وإضعاف وتفكيك ومن تدمير ممنهج لفاعلية دوره ومن انتزاع له من محيطه العربي والإقليمي لا يكف لكي يتعلم العراقيون الدرس ؟ ولماذا لا يعطون رئيس وزرائهم الوطني المخلص للعراق ورفعته مهلة كافية لكي يعمل ويحاول ويكمل ما بدأه قبل ان يطيحوا به ويعجزوا عن إيجاد بديل أفضل منه ويدفعوا بالعراق الي مصير مجهول؟ لعل الاجابة تأتينا من العراق وليس من خارجه كما يحدث في كل مرة!!

وحدة الدراسات العراقية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية