ترسيم حدود لبنان وإسرائيل.. هل سيؤدي لنزع سلاح حزب الله؟

ترسيم حدود لبنان وإسرائيل.. هل سيؤدي لنزع سلاح حزب الله؟

أعطت الدولة اللبنانية وخلفها جماعة حزب الله، الضوء الأخضر، للانطلاق باتفاق الإطار لترسيم الحدود البرية والبحرية مع إسرائيل، بعد سنوات من جهود ومساع أمريكية لحل الأزمة.

والخميس، أعلن رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، أن المفاوضات ستنطلق مع إسرائيل بشأن ترسيم الحدود البرية والبحرية برعاية الأمم المتحدة، منتصف أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.

كما رحبت الرئاسة اللبنانية، بالتوصل إلى “اتفاق إطار”، متمنية استمرار واشنطن في الوساطة النزيهة بين الجانبين.

ويخوض لبنان نزاعا مع إسرائيل على منطقة في البحر المتوسط، تبلغ نحو 860 كم مربع، تعرف بالمنطقة رقم 9 الغنية بالنفط والغاز، وأعلنت بيروت في يناير/ كانون الثاني 2016، إطلاق أول جولة تراخيص للتنقيب فيها.

ولم تشهد حدود لبنان وإسرائيل البحرية نزاعات عسكرية على غرار الحدود البرية، إذ يسيطر “حزب الله” على منطقة جنوب لبنان المحاذية لإسرائيل، وبين الحين والآخر تحدث توترات، بسبب “محاولات مقاتلي الحزب اختراق الحدود” حسب وصف إسرائيل.

وتثير الخطوة تساؤلات، بشأن دلالتها من جهة اعتراف لبنان بإسرائيل، وإمكانية نزع سلاح حزب الله، وارتباط الخطوة بتطبيع الإمارات والبحرين والحديث عن مفاوضات سرية لتطبيع سوريا، إضافة إلى أسباب حرص واشنطن على الاتفاق في هذا التوقيت.

اعتراف لبناني
المحلل السياسي منير الربيع، يرى أن “اتفاق الإطار الذي أعلن عنه، هو بشكل أو بآخر تنازل من قِبل لبنان، للقبول بالمفاوضات المباشرة مع العدو الإسرائيلي”.

ويقول الربيع: “نبيه بري (رئيس البرلمان) في إعلانه، استخدم مصطلح إسرائيل، ولم يستخدم كيان العدو ولا الأراضي الفلسطينية المحتلة، إنما استخدم الحدود الإسرائيلية، وهذا مؤشر على تحول كبير في الموقف اللبناني”.

ويرجع أسباب موافقة لبنان على الذهاب نحو التفاوض إلى “الضغوطات الأمريكية والإسرائيلية، وتكثيف الضربات والأزمات الاقتصادية التي يعيشها لبنان، والخلاص من الأزمات”.

ويحذر من أن “طريق التفاوض ستكون شاقة وطويلة، وترتبط بموقف حزب الله وإيران من أمريكا”، مشيرا إلى أن “الرهان يبقى إلى ما بعد انتخابات أمريكا، والوصول لاتفاق أمريكي- إيراني، فإذا حصل الاتفاق، فستكون عملية ترسيم الحدود أسهل”.

ويندرج ملف ترسيم الحدود بين إسرائيل ولبنان، ضمن أبرز أولويات الإدارة الأمريكية، ولا سيما قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.

سلاح حزب الله

وبشأن نزع سلاح حزب الله في ظل ترسيم الحدود، يقول الربيع، إن “أمريكا وإسرائيل ستطرحان شروطا عديدة خلال جلسات التفاوض، كسلاح حزب الله، والصواريخ الدقيقة، ونطاق عمل قوات الطوارئ الدولية”.

هذه الشروط سترتبط بالتنقيب عن النفط والغاز، إذ يحتاج إلى استقرار ولا يمكن للاستقرار أن يتوفر في ظل وجود السلاح، لذا لا بد من إبعاد السلاح، حسب الربيع.

في المقابل، يرى الكاتب والمحلل السياسي المقرب من حزب الله، قاسم قصير، أن “ما أُعلن عنه، هو اتفاق إطار، وأن المفاوضات ستأخذ وقتا طويلا”.

ويقول قصير: “طالما العدو ينفذ اعتداءات، ستبقى هناك مقاومة وخيار مواجهة، أما ترسيم الحدود لا يتعارض مع الحق بالمقاومة”.

ويُرفع مطلب نزع سلاح حزب الله، بين الحين والآخر، خلال الاحتجاجات التي تخرج في الشارع اللبناني، منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2019.

من جهته، يرى العميد المتقاعد إلياس حنا، أن “أغلبية أفراد حزب الله على لائحة العقوبات”، لذا فمن الصعب أن يكون هناك أي تخفيف من وطأة العقوبات في ظل ترسيم الحدود.

وفي 17 سبتمبر/ أيلول الجاري، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، فرض عقوبات على شركتين ومسؤول في لبنان، بتهمة ارتباطهم بحزب الله.

ويشدد حنا على أنه “في الوقت الراهن، لا انعكاسات إيجابية (للمفاوضات) على اقتصاد لبنان”، قائلا: “للذهاب نحو التنقيب عن الغاز، العملية ستستغرقُ، وقتا طويلا والدخول في نادي الدول المنتجة، لا بد من 5 سنوات على الأقل”.

وعن زيارة مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، للبنان منتصف أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، يرى حنا أنها “ستسهل المفاوضات”.

تطبيع سوريا

من جانبه، لا يَفصل العميد الركن خالد حمادة، ملف ترسيم الحدود البحرية والبرية بين لبنان وإسرائيل، عن جملة الملفات التاريخية التي تنجزها الإدارة الأمريكية فيما يتعلق بالصراع العربي- الإسرائيلي.

ويقول حمادة: “رأينا اتفاقات التطبيع بين الإمارات والبحرين، ونعلم من خلال الإعلام أن أكثر من دولة تتحضر لإنهاء حالة الصراع مع إسرائيل، بينها سوريا التي شقت طريقها وإن كان بشكل سري، لذا فملف الحدود والنفط لا ينفصلان”.

وعن تسريع ملف المفاوضات، يرى حمادة أنه “مرتبط بالأزمة الاقتصادية، التي حاولت المبادرة الفرنسية إخراج لبنان منها، لكن يبدو أن التسوية السياسية التي كانت مطروحة لم تأتِ بثمارها، لذا فربما يتقدم الاتفاق الأمريكي نحو حل الأزمة من بوابة ترسيم الحدود”.

ويضيف: “كان هناك عرض من (الموفد الأمريكي بين لبنان وإسرائيل) السفير فريدريك هوف (2012)، الذي قدم تصورا لتجزئة المسافة المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل بمعدل الثلثين للبنان والثلث لإسرائيل”، مرجحا أن “هذه المعادلة سارية المفعول”.

ويرى أن ملف ترسيم الحدود سينعكس إيجابيا على لبنان وإسرائيل، قائلا: “عندما يكون هناك توافق دولي على ترسيم الحدود، يعني أن الشركات ستندفع للتنقيب والاستثمار وتطوير مكامن الغاز الموجودة، مما يُشكل مخرجا للمباشرة بدعم الاقتصاد اللبناني”.

ويشدد على أن “ترسيم الحدود -إن حصل- فسيُنهي الصراع العربي– الإسرائيلي الذي يشكل لبنان أحد حيثياته، لكن لبنان لن يقدم على إنهاء هذا الملف، طالما لن يكون هناك إنهاء له في سوريا”.

مفاوضات غير مؤثرة
أما عضو كتلة التنمية والتحرير (يترأسها نبيه بري) النائب محمد نصرالله، فيرى أن “المفاوضات ليست بالجديدة، إنما عمرها 10 سنوات، وتناوب 4 موفدين أمريكيين لمفاوضة الرئيس بري، للوصول إلى نتيجة”.

ويوضح النائب نصرالله، أن “اتفاق الإطار، ليس سوى خارطة طريق، للبدء بالتفاوض الجدي لترسيم البرية والبحرية بشكل كامل، وهذا الاتفاق قائم على أسس تستندُ إلى اتفاق 1996 و1701 تحت راية الأمم المتحدة”.

وتفاهم أبريل/ نيسان 1996، اتفاق مكتوب غير رسمي بين إسرائيل و‌حزب الله اللبناني، تم التوصل إليه بفضل الجهود الدبلوماسية للولايات المتحدة، التي أنهت صراع 1996 العسكري بين الجانبين.

فيما تبنى مجلس الأمن القرار 1701، في 11 أغسطس/ آب 2006، الداعي إلى وقف كل العمليات القتالية بين لبنان وإسرائيل.

ويقدر إجمالي حجم الاحتياطيات البحرية اللبنانية من النفط بـ865 مليون برميل، ومن الغاز 96 تريليون قدم مكعبة.

ويعاني لبنان أزمة اقتصادية حادة، تفاقمها الاضطرابات السياسية التي تعصف بالبلاد، وبلغ إجمالي الدين العام 86.2 مليار دولار في الربع الأول من 2019، وفق أرقام رسمية.

ريا شرتوني

(الأناضول)