نشر موقع قوة النيران العالمية Firepower Global (GFP) المتخصص بتصنيف جيوش العالم من حيث قوتها وامكانيتها ومدياتها وفعالياتها العسكرية، من خلال تحليل البيانات والاحصائيات العسكرية والميدانية والقوة العددية والتسليحية لجيوش الدول وفق(50) في 25 أب 2015
وما يلاحظ في هذا التصنيف تجنبه معالجة مسألتين هما:
1.عدم التطرق لما تمتلكه الدول ذات التسلح النووي من أسلحة وتجاربها الميدانية بهذا الصدد.
2. ابتعد التصنيف عن تحديد الابعاد السياسية والقدرات القيادية والامكانيات العسكرية للقيادات السياسية والعسكرية في البلدان الداخلة فيه.
ومن هنا، اعتمد القائمون على التصنيف عددا من المعايير من بينها:
1.دراسة الموارد الاقتصادية والمالية والامكانيات المتاحة والداخلة والفاعلة في تطوير البنية التحتية لقدرات الجيوش وألياتها ومعداتها العسكرية.
2.موقع البلد الجغرافي، وما يتميز به من امكانات استراتيجية ميدانية ولوجستية تتمثل في موانئه البحرية وطرق المواصلات الرئيسة والممرات المائية المشرف عليها.
3.قدرات الجيش وانتشارها بريا وجويا وبحريا وما يمتلكه من اسلحة ومعدات تساعده على ان يكون متميزا ومتقدما في التصنيف.
4.عدد المجندين في صنوف الجيش ومقدار أعمارهم وطبيعة وصيغة الجهد العسكري والعلمي الذي يقدمونه لمؤسساتهم العسكرية.
وجاءت بيانات التصنيف وفقا للقدرات والامكانيات التي تتمتع بها الجيوش وعلى النحو التالي:
أولا: المستوى العالمي، احتلت الولايات المتحدة الامريكية في المركز الاول تليها روسيا والصين ثم الهند وفرنسا وانكلترا وكوريا الجنوبية وألمانيا واليابان وكندا ثم تركيا فالكيان الصهيوني.
ثانيا: في منطقة الشرق الاوسط، جاء الكيان الصهيوني بالمركز الاول بفضل المساعدات والمعونات العسكرية التي تقدم له من قبل الولايات المتحدة الامريكية خصوصا والغرب في العموم، يليه ايران والسعودية وسورية ثم اليمن ولبنان، ثم العراق في المركز ما قبل الاخير ليأتي بعده الجيش الصومالي.
ثالثا: المستوى العربي، جاءت جمهورية مصر العربية بالمركز الاول تليها السعودية وسورية ثم الامارات العربية المتحدة والجزائر، والمركز الاخير كان من نصيب العراق.
ما يهمنا في هذا التصنيف هو ما جاء من بيانات ودراسات ميدانية وتحليلية عسكرية وضعت الجيش العراقي في التصنيف الاخير مقارنة بقدرات الجيوش في منطقة الشرق الاوسط والاقطار العربية، هذا الجيش الكبير الذي كان ينتمي الى مؤسسة عسكرية رصينة مبدئية حرفية بأدائها متميزة بعطائها عظيمة بتضحياتها لامتلاكها كل مقومات الارادة العسكرية الفعالة والقيادات الميدانية المشهود بكفاءتها، فضلا عن امتلاكه لأفضل الاسلحة والمعدات والتقنيات التكنلوجية الداعمة لعمل وفعالية الجيش العراقي، والتي وصف بها وصنف في حينها على أنه من أفضل جيوش العالم على المستوى الاقليمي والعربي، ولكن بسبب ما ألت اليه ظروف العراق بعد الاحتلال الامريكي لأرضه وتفتيت وشل مؤسساته العسكرية وتسريح قادته من أمريين وضباط ومراتب وضياع وسلب معداته العسكرية وألياته الميدانية وتدمير سلاحه الجوي وطائراته العسكرية المتطورة.
ثم ما جاء بعد الاحتلال من حكومات تعاقبت على حكم العراق منذ منتصف حزيران عام 2004 ولحد الان يمكن لنا أن نؤشر وبدقة أسباب انهيار المؤسسة العسكرية العراقية وجعلها في التصنيف الاخير من جيوش العالم في منطقة الشرق الاوسط والعالم العربي ونجملها بالاتي:
1.ابتعاد المؤسسة العسكرية عن المهنية والحرفية في قيادة الجيش واعتماد الأسس والمعايير الطائفية في تعيين القادة والامريين للمواقع العسكرية .
2.الفساد المالي والاداري الذي اتصفت به المؤسسة العسكرية ووجود المراتب “الفضائيين” وسرقة المال من خلال العقود المزيفة والاسلحة الفاسدة القديمة.
3.ابتعاد القيادات العسكرية عن بناء الجيش العراقي وتأهليه ليكون قادرا عن الدفاع عن العراق وأرضه وحماية شعبه بسبب ضعف الانتماء العقائدي للمؤسسة العسكرية.
4.ضعف الامكانيات العلمية والتكنلوجية التي تساعد على بناء بنية تحتية متقدمة تؤسس لجيش يتصف بكفاءة علمية متقدمة ولديه قيادات ميدانية فعالة.
5. وجود عدد كبير من قادة وعناصر المليشيات الذين انخرطوا بالمؤسسة العسكرية ومنحوا رتبا عسكرية واشرفوا على مواقع ميدانية، وهم بعيدين عن المفهوم الميداني للقيادة العسكرية ولا يمتلكون اي معرفة بالقواعد والاصول العسكرية.
6.فشل القيادات العسكرية وضعف امكانياتها في تعزيز مؤسسات الجيش بعناصر فعالة تساهم في الحفاظ على الاطر والمعايير الصحيحة لقيادة وبناء جيش وطني يساهم بتعزيز حالة الامن والاستقرار ومكافحة الارهاب داخل البلد.
7.فشل جميع الخطط الميدانية التي اعدت لتدريب افراد الجيش العراقي بعد الاحتلال رغم ما انفقته الولايات المتحدة الامريكية من مبالغ وصلت بحدود (25) مليار دولار امريكي من أموال العراق لإعادة بناء المؤسسة العسكرية العراقية، وتأهيل كادرها واعداد المعسكرات والدورات المتقدمة وتعزيز قدرات العراق بأسلحة دفاعية ودبابات ميدانية متطورة وطائرات متقدمة، فشلت بمجملها في أول مواجهة مع مقاتلي “تنظيم الدولة الاسلامية” في حزيران 2014 مما أدى الى انهيار القطعات العسكرية العراقية وتقهقرها وانسحابها، وسيطرة التنظيم على ثاني أكبر محافظة في العراق وهي محافظة نينوى وعدد من مدن واقضية ونواحي محافظات صلاح الدين والانبار .
هذا الفساد العسكري والاداري وضعف الامكانيات وضياع الجهد العسكري وانعدام القيادة الفعالة في ادارة المؤسسة العسكرية جميعها عوامل ساهمت وعززت بإن يكون جيش العراق في مؤخرة جيوش المنطقة بل في أسوأ مراحل تأسيسه منذ عام 1921 .
اضافة لغياب الحرص وفقدان القيم ومبادئ وروح الانضباط العسكري وتسلم قيادات جاهلة في العرف والميدان التطبيقي للعلم العسكري كانت كفيلة بان تكون المؤسسة العسكرية العراقية حالها كباقي المؤسسات العراقية التي احتلت جميعها المواقع الاخيرة في أي تصنيف عالمي منذ الاحتلال الامريكي للبلاد.
وحدة الدراسات العسكرية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية