بروكسل – مارست اليونان وقبرص ضغوطا خلال قمة الاتحاد الأوروبي الجمعة لدفعه لاتخاذ رد فعل أشد صرامة إزاء أعمال التنقيب عن الغاز الطبيعي التي تقوم بها تركيا في مياه متنازع عليها في البحر المتوسط، وذلك بعد أن استأنفت أنقرة عمليات المسح.
وبعد أن مضى أسبوعان على آخر قمة ناقش فيها الزعماء عقوبات اقتصادية، فشل الاتحاد حتى الآن في إقناع أنقرة بوقف التنقيب في المياه المتنازع عليها مع اليونان وقبرص.
وقال رئيس وزراء سلوفينيا جانيز جانزا للصحافيين لدى وصوله إلى القمة “يحدوني الأمل بصدق في أن نتمكن من تقديم الدعم بقوة وبالإجماع لليونان وقبرص في مواجهة أحدث الاستفزازات التركية”.
وقالت تركيا الأربعاء إنها استأنفت عملية مسح بسفينة كانت سحبتها الشهر الفائت بعد أن أعلنت تمديد المسح حتى 12 سبتمبر الماضي متجاهلة الدعوات الدولية لتخفيف التوتر مع اليونان.
وتصر أنقرة على أن أنشطتها في التنقيب عن الغاز تتفق مع القانون الدولي، ولكن الخطوات في هذا الصدد تثير غضب دول الاتحاد.
وأعلن البرلمان الأوروبي مطلع العام 2020 أن الاتحاد الأوروبي قرر فرض عقوبات على المواطنين التركيين محمد فروح عقلين وعلي كوشكون ناموغلو لمساهماتهما في عمليات تنقيب غير قانونية في البحر المتوسط، وهما مسؤولان في شركة البترول التركية ومشاركان بحكم وظيفتيهما في التخطيط لعمليات التنقيب.
ويُمنع المسؤولان بموجب هذه العقوبات من دخول الاتحاد الأوروبي وتم تجميد أصولهما، “علاوة على ذلك، لا يسمح للأشخاص والكيانات من الاتحاد الأوروبي بوضع موارد تحت تصرفهم“.
ويشارك كلا الرجلين في “تخطيط وتوجيه وتنفيذ أنشطة التنقيب عن الهيدروكربون البحرية في شرق البحر المتوسط”، حسب ذات البيان.
وقالت فرنسا وألمانيا في وقت سابق من الأسبوع إن تركيا لم يعد أمامها سوى “أسابيع” لمراجعة موقفها ووقف ما وصفتاه أيضا بأنه استفزاز، لكنهما أحجمتا عن توجيه إنذار قوي وهو ما ترغب فيه أثينا ونيقوسيا.
واتفق زعماء الاتحاد الأوروبي في الثاني من أكتوبر على إمهال تركيا حتى أوائل ديسمبر المقبل قبل النظر في مسألة فرض العقوبات الاقتصادية، وتريد ألمانيا، التي تقود حتى الآن المحادثات الدبلوماسية مع أنقرة، منح فرصة للحوار بسبب العلاقات التجارية الوثيقة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا.
وقال دبلوماسي كبير بالاتحاد “ستكون هناك مساع لتوجيه تحذير قوي (لتركيا).”
وتشعر قبرص بالاستياء لأن تركيا أرسلت أيضا سفينة أخرى إلى المنطقة الاقتصادية لإجراء عمليات مسح سيزمي بالإضافة إلى سفينة الاستكشاف قبالة جزيرة يونانية.
وأشعلت خطوة اتخذتها السلطات القبرصية التركية غضب قبرص، العضو في الاتحاد الأوروبي، عندما أعادت جزئيا فتح بلدة فاروشا الساحلية، وهي منتجع سابق محاط بسياج ومهجور في منطقة خالية منذ الغزو التركي عام 1974 الذي قاد إلى انقسام الجزيرة.
وقال رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس الخميس في بروكسل “تركيا لا تزال مصممة على سلوكها الاستفزازي والعدواني”.
وتتنازع تركيا واليونان حول تقاسم احتياطيات الغاز المكتشفة في السنوات الأخيرة في شرق البحر المتوسط.
وتؤكد أثينا أن لها الحق في استغلال الموارد الطبيعية حول جزرها الواقعة بالقرب من الساحل التركي، لكن أنقرة ترفض معتبرة أن ذلك سيحرمها من عشرات آلاف الكيلومترات المربعة من البحر.
ويختلف البلدان العضوان في حلف الأطلسي بشدة حول حقوق السيادة على الموارد الهيدروكربونية في شرق البحر المتوسط استنادا إلى وجهتي نظر متباينتين حول امتداد الجرف القاري لكل منهما في المياه التي تنتشر فيها جزر معظمها يونانية.
وشهدت منطقة شرق المتوسط خلال أغسطس الماضي مناورات عسكرية وتدريبات مكثفة من قبل الجانبين التركي واليوناني في مشهد اثار مخاوف دولية واقليمية من اندلاع مواجهات عسكرية.
ويراقب الاتّحاد الأوروبّي تصاعد الخلاف بين البلدين بقلق متزايد، وحضّ مرارًا تركيا على وقف أنشطة التنقيب، مهدّدًا بفرض عقوبات على أنقرة إذا رفضت حلّ النزاع بالحوار.
العرب