كوفيد يصوت في الانتخابات الأميركية

كوفيد يصوت في الانتخابات الأميركية

يعتقد المتابعون أن أكثر شيء مثير في الانتخابات الرئاسية الأميركية هذه المرة هي قضية جائحة فايروس كورونا، والتي استحوذت على حيز لا بأس به في حملات المرشحين، وربما ستحدد الفائز في هذا السباق، الذي لم يتبق له سوى ساعات حتى يذهب المقترعون إلى الصناديق لاختيار رئيسهم المقبل.

واشنطن – اشتدت المنافسة قبل يومين من الانتخابات الرئاسية الأميركية حينما نشر كل من الرئيس الجمهوري دونالد ترامب ومنافسه المرشح الديمقراطي جو بايدن عددا كبيرا من المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي حول التعامل مع جائحة فايروس كورونا المستجد.

وكانت الرسالة التي يرغب ترامب في توصيلها عبر تويتر أنه المرشح الأفضل للاقتصاد، وهدد بأن بايدن سيبدأ عمليات إغلاق، لكن التعامل مع الوباء أخذه الناخبون على محمل الجد وقد يكون الفيصل في تحديد ساكن البيت الأبيض الجديد.

ولم يدخر ترامب جهدا في مهاجمة منافسه حيث قال إن “بايدن يريد إغلاق بلادنا، ربما لسنوات. مجنون! لن يكون هناك أي إغلاق. إن العودة الأميركية العظيمة تجري حاليا”، وذلك ردا على منافسه الذي يتخذ نهجا أكثر حذرا تجاه جائحة كورونا، بينما يضغط المرشح الجمهوري نحو إعادة فتح الاقتصاد، قائلا إنه يجري تطوير أدوية ولقاحات.

ويتوقع المراقبون أن تحسم في اقتراع هذا العام عشر ولايات نتيجة الانتخابات الرئاسية حيث يبدّل الناخبون ولاءهم بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي وقد لعبت بنسيلفانيا ووسكنسن وميشيغان وفلوريدا وأيوا وأوهايو دورا أساسيا في فوز ترامب عام 2016 لكن الأمر مختلف اليوم مع وجود جائحة كورونا.

وتظهر الاستطلاعات أنه بإمكان بايدن دفع ولايات جمهورية تقليديا مثل جورجيا وأريزونا وكارولاينا الشمالية وتكساس لتبديل ولائها لتدعم الحزب الديمقراطي هذه السنة.

وطيلة الفترة الماضية، ركزت رسائل بايدن على الرعاية الصحية مؤكدا أنه ساعد في إقرار قانون الرعاية الصحية المعروف باسم “أوباما كير” قبل عشرة أعوام، الذي وسع الحماية الصحية. وقال “كرئيس، سأبني اقتصادا يكافئ العمل وليس الثروة فقط”. وسرعان ما استحوذت حملته على نتائج ستانفورد وكانت الحملة قد حدت بشدة من حجم الحشود في التجمعات أو ألزمت المؤيدين بالبقاء في سياراتهم.

وفي أواخر يناير الماضي، بعد مدة قصيرة من تأكيد أول إصابة بكوفيد – 19 في الولايات المتحدة، بلغ سوق أسهم نيويورك أعلى مستوياته وكان تأثير الصعوبات التي تمر بها بوينغ على الاقتصاد أكبر مصدر قلق بالنسبة للرئيس دونالد ترامب. وقال ترامب في دافوس إن “الحلم الأميركي عاد أكبر وأفضل وأقوى من أي وقت مضى”.

وبعد تسعة شهور، تأكدت إصابة أكثر من تسعة ملايين شخص بفايروس كورونا المستجد بينما توفي ما يقارب من 230 ألفا بالوباء، ما جعل من الفايروس ثالث عامل متسبب بالوفيات لهذا العام. وازدادت قتامة الأرقام عندما أضيفت حوالي مئة ألف وفاة إضافية لأشخاص كانوا مصابين بالمرض ولم يتم تشخيصهم بشكل صحيح إلى الحصيلة.

ورغم الانتعاش الكبير الذي شهده الاقتصاد في الفصل الثالث من العام، خسر الملايين من الأميركيين وظائفهم، ما حطّم إحدى أهم الحجج التي يركّز عادة الرؤساء الأميركيون الساعون للفوز بولاية ثانية عليها، وهي تلك المبنية على قوة الاقتصاد لكن لا تزال هزيمة ترامب في الانتخابات الثلاثاء القادم أمرا غير مؤكد إطلاقا بينما يعتقد الجمهوريون أن الناخبين سيعاقبون خصمه جو بايدن على فشله في تنظيم حملة انتخابية واسعة على الأرض.

لكن سوء إدارته للوباء كلّفته أصوات ناخبين على غرار كيمبرلي ماكليمور من فلوريدا والتي كانت تعمل في المجوهرات قبل أن يضرب الوباء. وقالت ماكليمور، التي لطالما كانت مع الجمهوريين، إنها تعتقد أن ترامب كان يبلي بلاء حسنا في البداية عندما عقد إجازات صحافية يومية وبدا أنه ينصت إلى العلماء، لكنها لاحقا أدركت أنه لا يأخذ الأزمة على محمل الجد.

وجاء في ختام دعاية نظمّتها مجموعة “مشروع لينكولن” التي تضم جمهوريين سابقين جعلوا من هزيمة ترامب مهمتهم “صوّت وكأن حياتك تعتمد على الأمر”. وخلال تجمّعات انتخابية وعبر تويتر، اتّهم ترامب وسائل “الإعلام السخيفة الزائفة” بالتركيز على “كوفيد، كوفيد، كوفيد” للإضرار بفرصه في الفوز بولاية ثانية.

وقدر خبراء في جامعة ستانفورد في دراسة نشرت السبت الماضي، أن تجمعات ترامب الانتخابية، التي عقدت في الفترة من يونيو إلى سبتمبر الماضيين، أدت إلى أكثر من 30 ألف إصابة إضافية بكوفيد – 19 وربما ما يصل إلى 700 حالة وفاة.

واستندت الدراسة إلى نموذج إحصائي وليس إلى تحقيقات فعلية لحالات الإصابة بفايروس كورونا، ولم تستشهد الدراسة بخبراء الأمراض من بين مؤلفيها ولم تخضع لمراجعة نظيراتها.

وفي يونيو، أقام أول تجمّع انتخابي في زمن الوباء داخل قاعة مغلقة في تولسا، والتي ثبت أنها كانت مناسبة محرجة سواء لجهة عدد الحضور كما لجهة إمكانية تسببها بنقل العدوى بشكل واسع. وأظهرت استطلاعات جرت على مدى عدة أشهر أن الأميركيين يرون أن رئيسهم لم يحسن إدارة أزمة الفايروس.

وأعرب 40 في المئة من المستطلعين عن تأييدهم لطريقة تعامله مع الأزمة مقارنة بـ60 في المئة في مارس الماضي، بحسب استطلاع لمؤسسة غالوب، لكن عادة ما يكون هذا النوع من الاستطلاعات عاما بشكل كبير لتحديد إن كان سيكون هناك “تأثير كوفيد” على الانتخابات.

ومع ذلك قام باحثون بتحليل جديد نشرته مجلة “ساينس أدفانسز” العلمية قالوا الجمعة إنهم توصلوا إلى ذلك. وبنوا بحثهم على ردود في أكثر من 300 ألف استطلاع من صيفي العامين 2019 و2020 وربطوها بمعدّلات الوفيات المحلية الناجمة عن كوفيد – 19، ليستنتجوا أن الوباء قد يكون أضر بشكل كبير بالتأييد الشعبي لترامب.

وعلى وجه الخصوص، كان الأشخاص الذين يعيشون في المقاطعات التي شهدت تضاعف معدلات الوفيات في الشهر السابق ليوم استطلاع آرائهم، قالوا إن احتمال تصويتهم لترامب أقل بما معدله 0.14 في المئة، وأن احتمال تصويتهم لمرشحين جمهوريين في الكونغرس أقل بنسبة 0.28 في المئة.

وقد لا تبدو هذه النسب كبيرة، لكن كريستوفر وارشو من جامعة جورج واشنطن قال لوكالة الصحافة الفرنسية إنها “قد تحمل أهمية بالغة حيث تُحدد الكثير من الانتخابات بهوامش ضئيلة. لذا فإن حتى التأثيرات الصغيرة تعد مهمة بما فيه الكفاية”.

ومن المرجّح جدا بناء على هذه النتائج، كما يرى وارشو لأن كوفيد سيتسبب بخسارة الرئيس وأعضاء حزبه نصف نقطة أو نقطة أو أكثر في بعض الولايات والمقاطعات وسيكون ذلك كافيا لبايدن. ففي العام 2000، شكّلت بضع مئات الأصوات فقط الحد الفاصل بين الفائز والخاسر في ولاية فلوريدا.

العرب