ترقب ألماني للانتخابات الرئاسية الأميركية: أمل في تحوّلات محتملة للعلاقات عبر الأطلسي

ترقب ألماني للانتخابات الرئاسية الأميركية: أمل في تحوّلات محتملة للعلاقات عبر الأطلسي

بعد أن تدهورت العلاقات عبر الأطلسي بشكل كبير في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يحدو الأحزاب الألمانية الأمل في أن يصل منافسه الديمقراطي جو بايدن إلى البيت الأبيض. فترامب أمعن، وعلى مدى السنوات الأربع الماضية، في ضرب أسس التعاون التاريخي، وألحق الضرر بالعلاقة الألمانية الأميركية، لاعتبارات أقلّ ما يُقال فيها إنها “شيء لم يفهمه ترامب”.

وتنقسم الآراء في هذا الشأن، إذ تقول بعض الأطراف إنه حتى ولو فاز بايدن، فإنّ النبرة وأسلوب التعاطي سيتغيران، لكن النزاعات ستبقى. وأمام هذا الواقع، برزت العديد من المواقف لسياسيين مخضرمين، بينهم رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البوندستاغ نوربرت روتغن المنتمي إلى حزب المستشارة “المسيحي الديمقراطي”، الذي أكد أنه في حال فوز بايدن، فإن سياسته ستقوم على ترسيخ علاقات أفضل مع شركاء حلف شمال الأطلسي “الناتو” والعودة لتعزيز مسارات التعاون، وبالأخص في السياسة الخارجية، مضيفاً، وفق ما نقلت عنه شبكة “إيه آردي” الإعلامية، اليوم الثلاثاء، أن بايدن سيأخذ ألمانيا والاتحاد الأوروبي بمسؤولية كـ”شريك في القيادة”، لافتاً إلى أنه من المهم الآن الاهتمام بالجوار الشرقي، حيث المشاكل في بيلاروسيا وأوكرانيا وجورجيا، والتعامل مع الجوار الجنوبي، ومنه إلى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.

كذلك، اعتبر روتغن أن بايدن سيقوم بمعالجة العلاقات مع الصين ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ، والأهم أنه من الواضح أنه سيقدم على تعزيز “الناتو”، ويوقف ما أقدم عليه ترامب من انسحاب من اتفاقية باريس للمناخ، حيث من المرجح أيضاً رفع التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب على دول الاتحاد الأوروبي.

في المقابل، كان هناك الكثير من الحذر لدى مسؤولين آخرين، إذ أعرب خبير السياسة الخارجية في الحزب “الديمقراطي الحر” ألكسندر غراف لامبسدورف عن اعتقاد حذر بأن الفوز سيكون في صالح بايدن، مستذكراً ما حصل قبل أربع سنوات مع هيلاري كلينتون، إلا أنه اعتبر أن بايدن يعرف قيمة التحالفات وأنها شيء يصب في مصلحة الولايات المتحدة، ولأن الأصدقاء يجعلونها أقوى، وهذا ما لم يفهمه ترامب أبداً.

وفي السياق، ألمح كل من روتغن ولامبسدورف إلى ضرورة عدم الإكثار من التمنيات، لأن بادين والديمقراطيين ينظرون أيضاً بعين من عدم الرضى للإنفاق الدفاعي لألمانيا على حلف “الناتو”، كما وعلاقاتها الاقتصادية الوثيقة مع الصين، فضلاً عن خط أنابيب الغاز الطبيعي “نورد ستريم 2” من روسيا.

بدوره، قال زعيم الاشتراكي ووزير الخارجية الأسبق زيغمار غابريال إنه يؤيد بايدن، موضحاً أن هناك حاجة لتحالف من الديمقراطيات للحفاظ على توازن العالم، وأن بايدن مستعدّ لشيء من هذا القبيل، وهذا لم ينجح مع ترامب.

أما زميله في الحزب عضو البوندستاغ ونائب رئيس الكتلة البرلمانية للعلاقات الأميركية داغمار فرايتاغ، فقال لموقع “أوراكتيف” إنه وإذا ما وصل بايدن، فستكون هناك فرصة أكبر بكثير لتطوير مناهج مشتركة عبر الأطلسي لحل تحديات القرن الحادي والعشرين.

أما السياسي عن حزب “الخضر” أوميد نوريبور، فأشار إلى أن بايدن سيكون أفضل بكثير لألمانيا من ترامب، لافتاً إلى أنه سيطلب الكثير، لكنه سيتحدث إلينا، ولن يسحب الجنود الأميركيين من دون أن يتواصل مع الجهات الألمانية المعنية أولاً، علماً أن ترامب اتخذ أخيراً قراراً بسحب ثلث قوات بلاده (حوالي 12000 جندي) المتمركزة منذ سنوات داخل قواعد عسكرية في عدد من الولايات الألمانية، وعزا حينها السبب لعدم دفع ألمانيا “نصيبها العادل”، كما وتقويض التضامن “داخل التحالف العسكري”.

في المقابل، يبدو أن حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني الشعبوي فقط يعتمد على ترامب، حيث أمل المتحدث باسم السياسة الخارجية أرمين بول هامبل إعادة انتخابه، مشيراً إلى أنه بالنسبة للعديد من الأميركيين، فقد اتخذ ترامب قرارات اقتصادية جيدة.

وتفيد التحليلات بأنه وعلى الرغم من الصعوبات التي قد تنشأ مع الولايات المتحدة الأميركية في حال وصول بايدن، إلا أنها تبقى أفضل من تحمّل أربع سنوات أخرى من حكم ترامب، إذ عندها سيكون الخوف أكبر من أن يكون هناك المزيد من النزاعات التجارية مع أميركا، وابتعادها عن المنظمات الدولية والتشكيك الدائم بحلف شمال الأطلسي.وفي هذا السياق، طالب كلّ من روتغن ولامبسدورف، في حال أعيد انتخاب ترامب، الحكومة الاتحادية بإنهاء سياستها السابقة تجاه إدارة ترامب، وبدلاً من سياسة “الصبر الاستراتيجي” في الانتظار والترقب، الإقدام ومعارضة نشاط ترامب من أجل المنظمات متعددة الأطراف. ويعود ذلك لكون برلين كانت المدافع الشرس عن التعددية، ولاعباً رئيسياً في مكافحة تغير المناخ، وهو ما أدّى أيضاً إلى انقسامات عميقة بين برلين وواشنطن.

أما موقع “أوراكتيف”، فذكر أنه أياً يكن الفائز، لن يتغير الكثير في العديد من القضايا التي اشتبكت فيها الإدارة الأميركية الحالية مع برلين، من خط الغاز المثير للجدل إلى العلاقة مع روسيا والصين. ولا يتوهم أحد أن جميع المشاكل في العلاقة عبر الأطلسي ستُحلّ بمجرد مغادرة ترامب البيت الأبيض، ومعظمهم متفق على أن الأمور لن تكون كما كانت قبل ترامب، وفق الموقع.

شادي علكوم

العربي الجديد