ترامب ـ بايدن: العالم يقف على خيط مشدود

ترامب ـ بايدن: العالم يقف على خيط مشدود

تضاربت التصريحات العالمية حول الانتخابات الأمريكية، فقرأ كثيرون تهنئة عجولة من رئيس وزراء سلوفينيا بانتخاب الرئيس الحالي دونالد ترامب لدورة ثانية (وهو ما رد عليه الاتحاد الأوروبي مطالبا باستمهال النتائج) كما انتبه آخرون لتمني رئيس البرازيل له بالفوز، واستغرب كثيرون من تكرار الرئيس الإيراني أن بلاده «غير مهتمة بالنتيجة» وتابعت وسائل إعلام كل بلد تصريحات مسؤوليها، كل واحد من زاويته، ردا على تساؤلات حول ما سيحصل في تلك البلد أو ذاك لو فاز ترامب مجددا، أو ربح خصمه الديمقراطي جو بايدن الرئاسة.
تكشف تصريحات المسؤولين القريبين سياسيا من ترامب عن أهمية بقائه بالنسبة إليهم، فسياسات الرئيس الأمريكي لا تؤثر على بلاده فحسب، بل تحدد، إلى حد كبير، بوصلة القضايا الكبرى في العالم.
لقد كان مؤسفا تصادف يوم إعلان نتائج الانتخابات الأمريكية مع خروج أمريكا رسميا من اتفاقية باريس للمناخ، مما سيدفع بالجهد العام لسكان الكرة الأرضية ودولها سنوات إلى الوراء، وهو أمر يعود «الفضل» فيه طبعا إلى ترامب وسياسته المتجاهلة لقضايا تهدد كل ما يعيش على الكوكب لا دولا بعينها.
يضاف إلى ذلك كون ترامب في قلب الحركة اليمينية الشعبوية في العالم، وهو يعتبر محرّكا رئيسيا لها، وهذا ما يفسر الاحترام الكبير الذي تكنّه منظمات اليمين العنصري المتطرّف في أمريكا وخارجها لترامب، ويقدّم وجوده كرئيس لأمريكا، التي هي أكبر اقتصاد في العالم، وأكبر قوّة عسكرية على الأرض دعما فعليا للنظم السلطوية والمستبدة، في كافة أركان العالم، وهو ما يفسّر صلاة قادة المستوطنين الإسرائيليين وقادة منظمة هندوسية يمينية متطرفة للدعاء له للفوز.
ستتأثر منطقتنا العربية، بشكل خاص، بالنتيجة التي سيخلص إليها المجمع الانتخابي الأمريكي، فترامب مسؤول بشكل شخصي عما يسمى «صفقة القرن» وحفلات التطبيع العربية مع إسرائيل، وهو كذلك مسؤول بشكل مباشر عن دعم وحماية محور السعودية ـ الإمارات في المنطقة، فقد دشّن عهده بزيارة السعودية والرقص مع ملكها وإعلان صفقات بمئات المليارات، وتبع ذلك مباشرة حصار قطر، وشرعنة سياسات ولي عهد السعودية محمد بن سلمان في بلاده وخارجها، مما تسبّب بكوارث سياسية هائلة، كما أدت علاقته بـ«ديكتاتوره المفضل» عبد الفتاح السيسي، إلى إفلات الحبل على غاربها بحيث تقلّص الفضاء السياسي المصري وغرقت البلاد في بحر انتهاكات مريعة.
لهذه الأسباب كلها يبدو تصويت الأمريكيين على رئيس جديد لهم أمرا شديد الأهمية للعرب والمسلمين، فزوال حكم ترامب، بغض النظر عن مجمل سياسات خصمه جو بايدن المقبلة فيما لو فاز، سيكون مرحبا به لأنه قد يعني زوال التغطية الأمريكية لأنظمة الاستبداد والقهر والبطش العربية، كما قد يعني احتمال العودة لقرارات الأمم المتحدة فيما يخص القضية الفلسطينية، وتغيير طاقم السياسة الأمريكية المشرف عليها، والذي تنافس في تطرفه مع عتاة المستوطنين الإسرائيليين.

القدس العربي