ساد الارتياح الكبير المجتمع الفلسطيني بعد إعلان خسارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب السباق الرئاسي، والترحيب بانتخاب منافسه الديمقراطي جو بايدن، في ظل توقعات بإعادته السياسة الأميركية تجاه الصراع العربي – الإسرائيلي إلى مربعها التقليدي، عبر “إدارة الصراع وليس حله”.
واعتبر الفلسطينيون إدارة ترمب الأسوأ لهم من بين الإدارات الأميركية السابقة، بعد انتقالها من موقع المنحاز لإسرائيل إلى الشريك لليمين الإسرائيلي في رفضه إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967، ورفضها عودة اللاجئين الفلسطينيين.
رفض خطة ترمب
وقطع الفلسطينيون علاقاتهم السياسية ثم الأمنية مع إدارة ترمب بعد نقلها السفارة الأميركية إلى القدس عام 2018، ضمن خطة ترمب للسلام التي رفضها الفلسطينيون بشدة، واعتبروها تصفية لحقوقهم الوطنية كافة، وتبنياً لمواقف اليمين الإسرائيلي المتطرف.
وكان بايدن رفض خطة ترمب التي تتضمن ضم إسرائيل أجزاء كبيرة من الضفة الغربية، وأعلن تمسكه بمبدأ حل الدولتين، وذلك لضمان إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967.
وتضمّن موقف بايدن كذلك عودة الدعم الأميركي إلى الفلسطينيين، والمقدر بحوالى نصف مليار دولار، وفتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، واستئناف العلاقات مع السلطة الفلسطينية.
ولم تمض ساعات على إعلان بايدن فوزه في الانتخابات الرئاسية، حتى سارع الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى تهنئته ونائبته كمالا هاريس، معبراً عن “تطلعه للعمل معه لتعزيز العلاقات الفلسطينية – الأميركية، وتحقيق الحرية والاستقلال والعدالة والكرامة للشعب الفلسطيني”.
كما عبر رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية عن أمله في أن تشق إدارة بايدن “مساراً سياسياً جدياً على أساس الشرعية الدولية وحل الدولتين، والاعتراف بدولة فلسطين”، مضيفاً أن الرئيس عباس “خير شريك لأي مسار سياسي قد يصل إلى حل”.
استئناف المفاوضات
وطالب عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني، إدارة بايدن بإعادة عملية السلام إلى مسارها الطبيعي، وتطبيق قرارات الشرعية الدولية لإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، وتجاهل خطة ترمب للسلام، واستنئاف العلاقات الفلسطينية – الأميركية، وفتح مكتب منظمة التحرير في العاصمة الأميركية واشنطن.
وأبدى مجدلاني استعداد المنظمة لاستئناف المفاوضات استناداً إلى مبادئ القانون الدولي، مضيفاً أن الفلسطينيين “كانوا دوماً جاهزين للحوار حتى مع إدارة ترمب، قبل أن تنقلب على أسس الشرعية الدولية، وتغلق أي مجال للعلاقة معها”.
ولا يتوقع الفسطينيون أن تكون إدارة بايدن أفضل من إدارتي الرئيسين الأسبقين بيل كلينتون وباراك أوباما، إذ وعلى الرغم من انخراطهما بشكل كبير في عملية السلام، إلا أنهما لم تمتلكا الإرادة السياسية الحازمة بفرض ضغوط على إسرائيل لحملها على تحقيق السلام، بحسب مجدلاني.
أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت علي الجرباوي، فيرى أن بايدن سيعود إلى الموقف الأميركي التقليدي من عملية السلام الذي انقلب عليه ترمب، مضيفاً أن ذلك الموقف يقوم على “إدارة الصراع وليس حله”، عبر إبقاء حل الدولتين حياً، واستمرار المفاوضات مع ترحيل الحل إلى المستقبل، وتحسين الوضع المالي والسياسي للسلطة الفلسطينية لضمان بقائها.
بقاء السلطة يتطلب تقديم تنازلات
لكن الجرباوي يقول إن ذلك يتطلب من السلطة الفلسطينية استئناف علاقاتها الأمنية مع إسرائيل، والعودة إلى المفاوضات المفتوحة، مشيراً إلى أن حل الدولتين يمنح الفلسطينيين باباً للأمل، ويعطي تل أبيب الفرصة للاستمرار في سياساتها التوسعية.
وشدد الجرباوي على صعوبة الجمع بين بقاء السلطة الفلسطينية وحل القضية حلاً مقبولاً، مشيراً إلى أن بقاء السلطة يتطلب تقديم تنازلات تجعل حل القضية بعيد المنال.
وأضاف أن القيادة الفلسطينية ترغب في الحفاظ على وجود السلطة، في ظل عدم استعدادها لاتخاذ قرارات مصيرية تدفع تكاليفها، مضيفاً أن “نجاح بادين يوفر لها المكوث في دائرة الراحة التي تفضل البقاء داخلها والاحتماء بها”.
خليل موسى
اندبندت عربي