نهاية “النموذج” الاقتصادي الأردوغاني القائم على الولاءات العائلية

نهاية “النموذج” الاقتصادي الأردوغاني القائم على الولاءات العائلية

أنقرة – أعلنت الاستقالة المفاجئة لوزير المالية التركي بيرات البيرق نهاية النموذج الذي سعى الرئيس رجب طيب أردوغان إلى فرضه، والذي يقوم على استبدال المقربين سياسيا من قيادات حزب العدالة والتنمية، بالمقربين عائليا، ما أدى إلى تهاوي الليرة وتراكم الأزمات التي يعيش على وقعها الاقتصاد التركي منذ سنوات.

وقال حزب الشعب الجمهوري -المعارض الرئيسي في تركيا- الاثنين إن استقالة وزير المالية بيرات البيرق، صهر أردوغان، من خلال بيان على موقع إنستغرام خطوة غير مسبوقة وترقى إلى “أزمة دولة”، وانتقد أيضا الإطاحة المفاجئة بمحافظ البنك المركزي.

وعزا البيرق استقالته إلى أسباب صحية، بعد يوم من تعيين الرئيس التركي لوزير المالية السابق ناجي إقبال محافظا للبنك المركزي بدلا من مراد أويسال.

ولم يتم إعلان الأسباب التي تقف وراء هذه الخطوة، إلا أن مسؤولين عزوا ذلك إلى تراجع الليرة التركية، واعتبروا أن الصمت الرسمي عليها يعود إلى محاولة أردوغان إظهار أن الأمور تسير عادية حتى لا يعترف بأخطائه ورفض قبول نصائح مسؤولين سابقين مثل علي باباجان، وزير الاقتصاد السابق الذي تحسب له مكاسب الاقتصاد التركي في العهد الأول لأردوغان، ونصائح الرئيس السابق عبدالله غول، أو رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو.

وفي مؤتمر صحافي في أنقرة، قال زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كيليجدار أوغلو إن أردوغان يدير البلاد وكأنها “شركة عائلة”، مضيفا أن البنك المركزي فقد استقلاليته.

وذكر أنه من المخزي أيضا أن وسائل الإعلام التركية الرئيسية لم تشر إلى الاستقالة لفترة تقارب 24 ساعة.

من جانبه أكد علي باباجان -زعيم حزب الديمقراطية والتقدم المعارض، في تركيا- أن بيان استقالة البيرق يمثل إعلان إفلاس لحكومة أردوغان ونظام حكمه.

وقال إن “ما حدث ليس بيان استقالة، وإنما بيان إفلاس، هو إعلان إفلاس للحكومة والنظام”.

وتوجد روايات متضاربة عن هذه الاستقالة، فهناك رواية تقول إن الرئيس التركي اضطر إلى التضحية بصهره لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، خاصة بعد أن توسعت دائرة الغضب من السياسات الاقتصادية المهزوزة، ما يهدد شعبية أردوغان وحظوظه في الانتخابات الرئاسية القادمة 2023.

وتكشف رواية ثانية عن أن البيرق استقال فعلا، ولم يُقل، بسبب غضبه من عدم استشارته في تعيين محافظ البنك المركزي الجديد ناجي إقبال، الذي توجد بينه وبين البيرق خلافات قديمة.

ويشير المحلل والإعلامي التركي ياوز بيدر إلى أن هناك عداء معروفا بين إقبال والبيرق.

وقال بيدر في تصريح لـ”العرب” إن البيرق لجأ إلى وساطة والده صادق البيرق، الذي كان المرشد الرئيسي لأردوغان، وكان وراء صعوده السريع في حزب العدالة والتنمية. لكن أردوغان رفض الرد على مكالمات والد البيرق، ما دفع بيرات إلى تقديم استقالته بعد أن اعتبر تعيين خصمه بمثابة طعنة في ظهره.

ويعتقد المحلل التركي الذي يرأس تحرير موقع “أحوال تركية” أن ما يهم أردوغان هو أن يداوي إقبال وفريقه الجديد في البنك المركزي الجراح، وأن القضية هي ما إذا كان هناك مجال أكبر للمناورة التكتيكية أمام الرئيس التركي من خلال التضحية بعناصر من العائلة لإنقاذ الاقتصاد الذي يتعرض لضغط كبير في ظل غياب الثقة وفراغ الخزانة.

وخلال عامين من تولي البيرق منصب وزير المالية، عانت تركيا من أزمة عملة في عام 2018، قبل أن تصل إلى مستويات متدنية قياسية عدة مرات مقابل الدولار هذا العام.

وأثار البيرق غضبًا شعبيا عارما حين قلّل من أهمية الانخفاض الحاد في سعر الليرة في أغسطس الماضي. وخاطب الأتراك في مقابلة تلفزيونية حيّة آنذاك قائلا “هل تتلقون رواتبكم بالدولار؟”.

وأضاف “هل لديكم أي أعمال بالدولار؟”، في تصريحات انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.

والبيرق متزوج من ابنة أردوغان الكبرى إسراء، ولديهما أربعة أطفال. وهو مقرب من أردوغان وكثيرا ما رافقه في رحلات واجتماعات سياسية مع قادة العالم.

العرب