واشنطن تراهن على “القبة الحديدية” كسلاح فعال ورخيص في وجه المسيّرات

واشنطن تراهن على “القبة الحديدية” كسلاح فعال ورخيص في وجه المسيّرات

واشنطن – بدأ الجيش الأميركي في اختبار نظام “القبة الحديدية” الإسرائيلي ليفتح الباب لسلاح رخيص لمواجهة هجمات المسيّرات التي باتت أطراف عديدة تعتمدها في المعارك لما تتسم به من كلفة أقل وفاعلية أكبر في الوصول إلى أهدافها.

وقامت القوات البرية الأميركية، الجمعة، بتنشيط بطاريتين من منظومة “القبة الحديدية” متعددة المهام، التي اشترتها واشنطن من إسرائيل، وذلك بقاعدة “فورت بليس” بولاية تكساس.

وقالت القوات البرية في بيان لها إنها “قامت بتنشيط بطاريتي دفاع جوي من طراز القبة الحديدية بقاعدة فورت بليس في تكساس لاختبارها وتقييمها ودمجها في أنظمة الدفاع الجوي والصاروخية الحالية لتلك القوات”.

وأوضح البيان أن “أنظمة القبة الحديدية ستزوّد القوات البرية بالقدرة على الدفاع مؤقتًا عن قواعدها الصاروخية الثابتة وشبه الثابتة للدفاع الصاروخي ضد مجموعة متنوعة من التهديدات الجوية والصاروخية”.

وأشار إلى أنه “بعد تسليم البطاريات الأولى إلى القوات البرية بعد عمليات الاختبار، ستتم إضافتها إلى نظام قيادة الحرب المتكاملة للقوات البرية، وبعد أن تصبح أنظمة القبة الحديدية جاهزة للعمل، ستقرر القوات البرية أين سيتم نشرها في النهاية”.

ويقوم نظام القبة الحديدية باكتشاف مجموعة متنوعة من الأهداف قصيرة المدى وتقييمها واعتراضها، مثل الصواريخ والمدفعية وقذائف الهاون، إضافة إلى اعتراض الطائرات المسيّرة.

وتسعى الولايات المتحدة من خلال هذا الاختبار إلى الاستفادة من المنظومة الإسرائيلية التي طوّرت لمواجهة صواريخ الفصائل الفلسطينية وتزويد قواتها الموجودة بها في مناطق النزاعات مثل سوريا والعراق، فضلا عن فتح المجال للإسرائيليين لتزويد حلفائها خاصة في منطقة الخليج.

وباتت المسيّرات تهدد الخليج برمّته سواء تلك التي تنطلق من اليمن أو العراق أو إيران، وسيكون خطرها أشد خصوصا مع عجز واضح للمنظومات الصاروخية الأميركية المكلفة مثل باتريوت في التصدي إليها مثلما أثبت ذلك الهجوم المدمر على منشآت أرامكو في السعودية التي نفذها الحوثيون بمسيّرات حصلوا عليها من إيران.

وستكون دول الخليج مجبرة على البحث عن مصادر أخرى للحصول على المسيّرات إن لم تبادر الولايات المتحدة بتوفيرها، وذلك في سياق التوازن العسكري الإقليمي، خاصة أن دول الخليج لن تقف مكتوفة الأيدي أمام امتلاك إيران لهذه المسيّرات وتحويلها إلى خطر على الأمن القومي لدول مثل السعودية.

وينعكس الأمر بالنسبة إلى تركيا التي أصبحت تهدد مصالح الخليجيين في أكثر من جبهة. وتعتمد تركيا في جانب كبير على المسيّرات لتثبيت نفوذها في سوريا وليبيا، واستهداف المقاتلين الأكراد في العراق، فضلا عن تغيير موازين القوى في المواجهات الأخيرة بين أرمينيا وأذربيجان في إقليم ناغورني قره باغ.

ويقول خبراء إن نظام القبة الحديدية الفعال ضد المسيّرات والصواريخ سيستفيد الآن من مناخ السلام في المنطقة بعد الاتفاقيات التي عقدتها إسرائيل مع الإمارات والبحرين والسودان. كما أنّ الحصول على شهادة أميركية سيوفر سهولة أكبر في ترويجه ويفتح طريقا إلى “التطبيع” الفعلي لدى بعض الدول التي تبدي حرجا في التعامل المباشر مع إسرائيل ومنتجاتها.

ويشير الخبراء إلى أن نظام القبة الحديدية يمتلك عدة مزايا من بينها أنه يعمل في جميع الأحوال الجوية بما في ذلك الطقس السّيء. كما أنه يقدر على اعتراض الصواريخ بعد ثوان من إطلاقها، ويمكنه التعامل مع صاروخ واحد أو مع مجموعة من الصواريخ أو المسيّرات في نفس الوقت.

وقد ساهمت حركة حماس من حيث لا تدري بصواريخها البدائية التي تطلقها من غزة في تشجيع الإسرائيليين على تطوير هذا النظام ليصبح سلاحا فعالا ورخيصا ضد المسيّرات.

وفي أغسطس الماضي، وصلت طائرة “أنطونوف “، التي تعد أكبر طائرة لا زالت موجودة في العالم، وهي تحمل شاحنات الجيش الأميركي التي سيتم تجهيزها بأجزاء منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية.

وقالت وزارة الأمن الإسرائيلية، وقتها، في بيان لها إن “نظام القبة الحديدية الذي طورته إسرائيل سيستخدم لحماية القوات الأميركية من مجموعة واسعة من التهديدات الباليستية والجوية”.

وطلب الجيش الأميركي من الكونغرس عام 2018 ميزانية قدرها 373 مليون دولار لشراء البطاريات من شركة “رفائيل” الإسرائيلية، وهي الجهة المعنية بتطوير الأسلحة والتقنية العسكرية في إسرائيل.

وكشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية في تقرير سابق أن البطاريتين ستشملان 12 قاذفة، وجهازي استشعار ومركزان للإدارة و240 صاروخا اعتراضيا.

وقالت إن “الجيش الأميركي كان يبحث منذ عدة سنوات عن نظام يمكنه حماية قواته من الصواريخ والقذائف الانسيابية والطائرات دون طيار وقذائف الهاون وغيرها من التهديدات في ساحة المعركة”.

وتابعت “في الماضي حاولت الولايات المتحدة بناء أنظمة اعتراض تقوم على صواريخ جو- جو أميركية الصنع، لكن تكاليفها كانت باهظة للغاية، وفشلت هذه الأنظمة في تلبية جميع الاحتياجات التشغيلية للجيش”.

العرب