إيران تلزم ميليشيات حليفة بالتهدئة وتجنب غضب ترامب

إيران تلزم ميليشيات حليفة بالتهدئة وتجنب غضب ترامب

بغداد – تتعامل إيران بجدية كبيرة مع هجوم أميركي مفاجئ يمكن أن يقدم عليه الرئيس دونالد ترامب قبل أن يخلي مكانه في العشرين من يناير المقبل، ولهذا ضغطت طهران على الميليشيات الحليفة لها في أنحاء الشرق الأوسط بتجنب أيّ مغامرة تمهّد الطريق أمام الاستهداف الأميركي المرتقب.

وقال مسؤولون عراقيون إن إيران وجهت رسالة مشددة إلى الميليشيات في العراق ولبنان على وجه الخصوص بأن تكون في حالة تأهب قصوى وتجنب إثارة التوترات مع الولايات المتحدة التي قد تمنح إدارة ترامب سببا لشن هجمات في أسابيعها الأخيرة.

ونقلت وكالة أسوشييتد برس عن أحد السياسيين العراقيين قوله إن إسماعيل قآني، قائد الحرس الثوري، طلب من ميليشيات عراقية إيقاف الهجمات على المصالح الأميركية في العراق والمنطقة، وأن تتحلّى بالهدوء.

ويعكس هذا الطلب تزايد قلق الإيرانيين بشأن سلوك ترامب غير المتوقع وعدم اليقين في الفترة الانتقالية الفوضوية إلى حين تولي الرئيس المنتخب جو بايدن السلطة في غضون شهرين.

وكانت صحيفة نيويورك تايمز ذكرت أنّ ترامب استطلع آراء عدد من مستشاريه وكبار المسؤولين بشأن إمكانية “التحرّك” في غضون أسابيع ضدّ موقع نووي إيراني. لكن هؤلاء المستشارين، ومن بينهم نائبه مايك بنس ووزير الخارجية مايك بومبيو ووزير الدفاع بالوكالة كريستوفر ميلر ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي، “أقنعوه بعدم المضيّ قدماً في شنّ ضربة عسكرية ضدّ طهران خوفاً من أن تؤدّي إلى نزاع واسع النطاق”.

وبعد ساعات فقط من تسليم قآني رسالة إيران إلى الميليشيات الحليفة في بغداد، وأثناء وجوده في العراق، سقطت أربعة صواريخ كاتيوشا على المنطقة الخضراء شديدة التحصين في بغداد، وقال مسؤولون أمنيون إن الهجوم كان يستهدف السفارة الأميركية.

ويمكن أن يشير الهجوم المخالف لتعليمات تجنّب التصعيد إلى خلاف محتمل داخل صفوف الميليشيات، أو إلى خطة متعمدة من الفصائل لتقديم رسائل مختلطة وإبقاء نواياها غامضة.

وتبنت ميليشيا تطلق على نفسها اسم جماعة “أصحاب الكهف” عملية استهداف السفارة الأميركية في بغداد بعد اعتقال عدد من عناصرها في مدينة الفلوجة. ويعتقد أن لها صلات مع كتائب حزب الله التي نفت أيّ دور لها في الهجوم، وزعمت أن الهدنة التي بدأت في أكتوبر لا تزال قائمة.

وكانت إيران والميليشيات الحليفة لها قد رحبت بهزيمة ترامب في الانتخابات. وقد تصاعدت التوترات مع إيران في ظل رئاسته، ووصلت إلى ذروتها في مطلع السنة الحالية مع الضربة الجوية الأميركية التي أودت بحياة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني، في مطار بغداد.

كما سحب ترامب الولايات المتحدة من جانب واحد في 2018 من الاتفاق النووي الإيراني مع القوى العالمية، بهدف منع طهران من تطوير أسلحة نووية، وأعاد فرض عقوبات عليها، مما أدى إلى شل اقتصادها.

والخميس، حذر حسن دهقان مستشار المرشد الأعلى الإيراني من أن أيّ هجوم أميركي على إيران يمكن أن يؤدي إلى “حرب شاملة” في المنطقة. لكنه عاد ليخفف من نبرته حين قال “نحن لا نرحّب بالحرب. ولسنا نهدف إلى بدئها”.

ويُنظر إلى العراق، الذي اندلع على أرضه التنافس بين الولايات المتحدة وإيران، على أنه ساحة محتملة للحرب. وأدت الهجمات المتكررة على السفارة الأميركية في بغداد في الأشهر الأخيرة إلى تهديد إدارة ترامب المحبطة بإغلاقها، وهي خطوة أثارت أزمة دبلوماسية ورسائل دبلوماسية أرسلت عبر القنوات الخلفية وأدت إلى هدنة غير رسمية قبل أسابيع قليلة من الانتخابات.

وفي لبنان، خاطب أمين عام حزب الله المدعوم من إيران، حسن نصر الله، أتباعه وحلفاءه وطلب منهم التيقظ خلال الأسابيع المتبقية من رئاسة ترامب.

وقال نصر الله في تصريحات متلفزة في وقت سابق من هذا الشهر “يجب أن نكون خلال الشهرين المقبلين في حالة استعداد وحذر شديدين”، وحث أتباعه على الاستعداد لمواجهة أيّ خطر أو عدوان، والرد بالمثل “إذا ذهبت الحماقات الأميركية أو الإسرائيلية إلى هذا الحد”.

ويعتقد مراقبون أنه من الصعب على ترامب أن ينفّذ هجوما خاطفا على إيران، مشيرين إلى أن الصعوبة ليست في توجيه ضربات خاطفة لمواقع نووية أو عسكرية أو سيادية إيرانية، ولكن في كيفية مواجهة ردود فعل إيران التي تمتلك أذرعا في أماكن متعدّدة في الشرق الأوسط كما في أفريقيا وأميركا اللاتينية. كما أن عامل الوقت يضغط على ترامب ولا يساعد على مغامرة من هذا النوع.

العرب