هل تستعين إيران بحلفائها في جولات التفاوض القادمة؟

هل تستعين إيران بحلفائها في جولات التفاوض القادمة؟

اياد العناز

افصحت المفاوضات الأمريكية الإيرانية عن العديد من الأمور السياسية والاقتصادية والعسكرية التي أصبحت من الظواهر التي بدأت تأخذ مداها في أروقة وقاعات الاجتماعات وتلقى بظلالها على النتائج والتوقعات القادمة لما ستسفر عنه الحوارات بين واشنطن وطهران، ومن أهم الأمور المتداولة الموقف السياسي الإيراني بمناقشة الجوانب الرئيسية المتعلقة بالبرنامج النووي والبحث عن أدوات ووسائل علمية وطرح أفكار ميدانية حول مديات الالتزام الإيراني بمستوى التخصيب أو نقل كميات اليورانيوم المخصب خارج النسب المقررة سنة 2015 إلى دولة أخرى أو أن تكون تحت رعاية ومراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مع رفض أي إضافة للنقاش حول مواضيع أخرى تتعلق بالمشروع السياسي الإقليمي الإيراني والعلاقة مع الفصائل والمليشيات المسلحة التي تتلقى الدعم من قبل القيادات العسكرية في فيلق القدس والحرس الثوري والتي تنشط في عواصم الأقطار العربية وبعض دول منطقة الشرق الأوسط.
وتعتمد إيران في تحديد مسار المفاوضات على رؤيتها وقدرتها على الوصول لاتفاق سياسي مع الإدارة الأميركية قبل الخامس والعشرين من تشرين الأول 2025 والذي يتعلق بما ورد في اتفاقية العمل المشتركة من رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران والسماح لها بالعودة للأسواق العالمية للطاقة والتجارة وفتح الأسواق الإيرانية أمام الاستثمارات الأميركية والغربية مع اعتماد صيغ واضحة في كيفية التعامل مع برنامج الصواريخ الباليستية والأسلحة المتطورة.
ترى إيران أن حماية أمنها الداخلي والدفاع عن وجودها الإقليمي واستمرار تأثيرها الدولي يتأتى من احتفاظها بجزء من برنامجها النووي واقناع الجانب الأميركي باستخدامه لأغراض سلمية مع وجود أسلحة الدفاع المتمثلة في الصواريخ الموجهة والطائرات المسيرة.
الولايات المتحدة الأمريكية تدرك وتفهم الرؤية الإيرانية التي تذهب الاحتفاظ بقدر مناسب من برنامج نووي مدني والحفاظ على نظامهم السياسي بوجود تشكيلات الحرس الثوري والباسيج الإيراني اللذان يشكلان الداعم الرئيسي لقوة النظام، مع الالتزام بعدم صناعة القنبلة الذرية، ولهذا فإن المبعوث الشخصي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب والملف بالتفاوض مع الجانب الإيراني أكد على مصداقية الردع والشمولية الكاملة لكل الشروط الأمريكية مناقشتها بشكل موحد وعدم تجزئتها وإظهار حالات العزم والقوة والثبات في جولات الحوار واتخاذ الخطوات المناسبة لكل فقرة من الفقرات المتعلقة بالبرنامج النووي والصواريخ البالستية والمشروع الإقليمي السياسي الإيراني والعلاقة مع المليشيات والفصائل المنتمية إليها ،والتأكيد على مسألة الوصول إلى اتفاق نووي خلال شهرين أو الاتجاه نحو الخيار العسكري والذي لا ترغب فيه إيران.
والأمر الثاني يتعلق بمحاولة إيران إشراك حلفائها الرئيسين ( روسيا والصين) في المفاوضات أو التدخل لدى الإدارة الأميركية لاقناعها لتخفيف الضغط السياسي والاقتصادي عنها وإيجاد وسائل وطرق كفيلة بنجاح المفاوضات بأقل الخسائر التي من الممكن أن تصيب إيران، وهو الأمر الذي ناقشه وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في زيارتيه لكل من روسيا والصين وطرح على المسؤولين في البلدين إمكانية العمل بصورة جماعية عبر لقاءات ثلاثية تضم ( إيران وروسيا والصين) لتوحيد الرؤى في مواجهة الشروط الأمريكية والحفاظ على المصالح العليا لهذه البلدان، خاصة بعد أن أصبحت خيارات إيران محدودة في مواجهة أمريكا بعد المتغيرات السياسية الوقائع والأحداث الميدانية التي أدت إلى فقدانها لاذرعها وحلفائها في سوريا والجنوب اللبناني، وما لمسته في الجولتين الأولى والثانية من سياسة الحسم التي طالب بها المفاوض الأمريكي ( ستيفن ويتكوف) بوضع جدول زمني للمفاوضات على أن لا تأخذ وقتًا طويلًا.
وتنظر الأوساط السياسية الإيرانية إلى دعوة الرئيس مسعود بزشكيان للولايات المتحدة الأمريكية للاستثمارات الاقتصادية في إيران بشئ من الحذر والتأني ملاحظة إمكانية تجاوز الاتفاقية الصينية الإيرانية المشتركة التي دفعت بموجبها الصين لإيران 400 مليار دولار للاستثمار في معادنها وثرواتها الطبيعية.
ويمكن أن نقرأ ما اوردته صحيفة ( خراسان) الإيرانية عن واقع الشروط الأمريكية بأن ( أمريكا تريد رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران مقابل استسلامها والتخلي عن مكونات قوتها) انها إشارة إلى البرنامج النووي والسلاح الصاروخي والدور السياسي الإقليمي، وهذا الرأي يناظر ما قاله المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ( ستيفن ويتكوف) في لقائه مع قناة فوكس نيوز الأمريكية ( إن الهدف من المحادثات هو التحقق من أن البرنامج النووي الإيراني سلمي والتأكد من الصواريخ التي لديهم).
مهما عمدت إيران على استخدام معايير معينة واختبار أساليب أخرى في وحاراتها مع الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن واشنطن ملتزمة بالتحقق وتنفيذ ما جاء برسالة الرئيس ترامب الموجهة للمرشد الأعلى علي خامنئي، والتي تتضمن شروط التفاوض وألية التنفيذ وصولاً لاتفاق دائم عبر عملية متدرجة، وهي الحالة التي تعلمها إيران وأن ليس لها إلا القبول بالتفاوض والالتزام بالأساس والمرتكزات التي يفرصها واقع الحال.

وحدة الدراسات الإيرانية 

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجة