لوبي الخارجية في عهد أوباما يهيمن على إدارة بايدن

لوبي الخارجية في عهد أوباما يهيمن على إدارة بايدن

واشنطن – كشفت التعيينات الأولية للرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن سيطرة العناصر التي عملت في وزارة الخارجية خلال فترة الرئيس الأسبق باراك أوباما، وشكلت هذه الوزارة لوبي استمر نفوذه في عهد الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب وسعى إلى عرقلة التوجهات الخاصة بالشرق الأوسط وخاصة ملفات إيران وقطر والسعودية، وهو ما يثير في المنطقة مخاوف من مراجعة جذرية للسياسات الأميركية في عهد ترامب والتي عملت على بناء التوازن بين إيران ومحيطها الخليجي.

ووقع اختيار بايدن على اثنين من كبار مسؤولي الأمن القومي هما أنتوني بلينكن لتولي وزارة الخارجية وجيك سوليفان ليكون مستشارا للأمن القومي.

ويعتبر بلينكن أحد المقربين من بايدن على مدى أكثر من عشرين عاما، حيث عمل مساعدا له في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، كما شغل منصب مستشار الأمن القومي لبايدن قبل أن يصبح النائب الرئيسي لمستشار الأمن القومي لأوباما ثم نائب وزير الخارجية من 2015 إلى 2017.

وساعد بلينكن على تطوير الاستجابة الأميركية لما بات يعرف بالربيع العربي، والاضطرابات التي شهدتها دول مثل تونس ومصر وليبيا وسوريا، والتي أوصلت الإخوان إلى الحكم في بعض البلدان، وفتحت الباب أمام موجة إرهابية واسعة، وهو ما قد يثير تحفظات لدى دول عربية وإسلامية بشأن فتح إدارة بايدن قنوات تواصل مع الإخوان كورقة ضغط في الوقت الذي يقابل فيه الشرق الأوسط وأوروبا جماعات الإسلام السياسي بحزم أكبر.

وعارض بلينكن مساعي السعودية لإنشاء “ناتو عربي” إذا كان موجها ضد إيران، معتبرا أن “حلف ناتو عربي يعني بالنسبة إلينا جبهة موحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) إلا أن السعودية تراه جبهة ضد إيران وسيسحبوننا إلى الانقسام السني الشيعي”.

كما بدا الوزير الجديد معارضا للتقارب بين إدارة ترامب والرياض، ولـ”إبداء الدعم غير المشروط للمملكة”، معتبرا أن ذلك شجع السعوديين على قطع العلاقات مع قطر، ما يجعل واشنطن تخاطر بقاعدة عسكرية أساسية (العديد).

ويدافع بلينكن عن الاتفاق النووي مع إيران، وقد كان ضمن الفريق المفاوض، وهو يعتبر أن خروج الولايات المتحدة من الاتفاق خطأ لأن “إيران ستبدأ مجددا ببناء وتطوير ترسانة نووية محتملة، وسيضطر الرئيس الأميركي إلى بذل جهود كبيرة لتوحيد صف المجتمع الدولي في سبيل مواجهة هذا الأمر”.

وحصل بلينكن على دعم الرئيس الأسبق أوباما الذي قال إنه “رائع، ذكي، كريم، دبلوماسي ماهر، يحظى باحترام كبير في جميع أنحاء العالم وأنا أعلم أنه سيقوم بعمل رائع”.

ولا يستبعد مراقبون أن تفتح إدارة بايدن الباب أمام عودة قوية لأنشطة اللوبيات المرتبطة بقطر وإيران في وزارة الخارجية تماما مثلما كانت في عهد الوزير الأسبق جون كيري، ما قد يفتح أبواب التواصل الأميركي مع أذرع محسوبة على إيران مثل الحوثيين في اليمن، أو تخفيف الضغوط عن أنشطة ميليشيات موالية لها في لبنان والعراق في تناقض مع سياسة تصعيدية انتهجها ترامب. كما قد يمنح قطر فرصة إحياء شبكاتها القديمة في سوريا وليبيا واليمن ومحاولة استثمارها في البحث عن دور جديد بعد أن حددت إدارة ترامب مجال حركتها ووضعت علاقاتها بالمتشددين تحت الأضواء.

ويُعدّ جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الجديد، المقرب من وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، من أوائل مسؤولي إدارة أوباما الذين أجروا محادثات خلفية مع النظام الإيراني في سلطنة عمان أدت إلى الاتفاق النووي الإيراني في عام 2015.

وسبق أن قال بايدن إنه سيعاود الانضمام إلى الاتفاق إذا استأنفت إيران أولا الالتزام حرفيا بالاتفاق. وتعهد بالعمل مع الحلفاء “لتقوية الاتفاق وتمديده وفي الوقت نفسه التصدي بفاعلية لأنشطة إيران الأخرى المزعزعة للاستقرار”.

ويبلغ سوليفان من العمر 44 عاما عندما يتولى منصبه، وهو أصغر شخص يشغل هذا المنصب منذ أن خدم ماكجورج بوندي في إدارة الرئيس جون كينيدي.

وفضلا عن تكليف جون كيري بمهمة المبعوث الخاص لمكافحة تغير المناخ، اختار بايدن ليندا توماس غرينفيلد لمنصب سفيرة الأمم المتحدة، وهي دبلوماسية محترفة، من أصل أفريقي، وسبق أن شغلت منصب المدير العام للسلك الدبلوماسي، ومساعدة وزير الخارجية للشؤون الأفريقية.

ورغم أزمة تسليم السلطة، التي تسير نحو الانفراج مع إشارات من ترامب إلى التسليم بالأمر الواقع، تحرك جو بايدن سريعا لوضع فريق متناسق ومتضامن، ووضع الدبلوماسية كأولوية له لتلافي الأخطاء التي خلفتها سياسة ترامب التي تأثرت بمزاجه الشخصي ورغبته في حسم الخلافات بسرعة وحزم ما أربك علاقات واشنطن مع الصين وأوروبا.

وقال بايدن في بيان “ليس لدينا وقت نضيعه عندما يتعلق الأمر بأمننا القومي والسياسة الخارجية. أحتاج إلى فريق جاهز في اليوم الأول لمساعدتي في استعادة مقعد أميركا على رأس الطاولة، وحشد العالم لمواجهة أكبر التحديات التي نواجهها، وتعزيز أمننا وازدهارنا وقيمنا”.

واعتبر السيناتور بوب مينينديز، وهو كبير الديمقراطيين في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، أن “من مصلحتنا ومن أجل أمننا القومي ضمان أن تكون لدى الرئيس المنتخب حكومته المفضلة، وخاصة أن وزارة الخارجية قد انهارت في ظل الإدارة السابقة وتحتاج إلى إعادة بناء لإدارة الدبلوماسية العالمية والدفاع عن مصلحتنا الوطنية”.

العرب