اليوم الأحد، ذكرى مرور 73 عاما على صدور القرار الأممي، بتقسيم فلسطين إلى دولتين يهودية وعربية، منحت فيها إسرائيل بحسب مراقبين “دعما مطلقا”، لم ينل منه أصحاب الأرض حقوقهم المشروعة بعد.
وتحل ذكرى القرار “غير العادل”، وفق مراقبين، بالتزامن مع مرور 43 عاما على إحياء المنظمة ذاتها “اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني” ، للمناداة بمطالب أصحاب الأرض، بعد 30 سنة من تجاهل إسرائيلي.
وتمر ذكرى التقسيم “غير العادل”، في وقت تطوي فيه القضية الفلسطينية مرحلة قاسية مرت بها في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المهزوم برئاسيات الولايات المتحدة، والذي بدوره قدم للإسرائيليين دعما غير مسبوق.
وقدم ترامب مطلع العام صفقة رفضت عربيا وغربيا لحل القضية الفلسطينية، تمنح إسرائيل ما أشبه بقرار التقسيم، بينما لا يزال دعمه لسياسة الاستيطان، تستغلته إسرائيل في سرقة الأراضي بالضفة الغربية المحتلة، وقتل تطلعات الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة، وفق تقارير محلية.
وقال خبير فلسطيني إن المستجدات الحاصلة على القضية، من استيطان وسيطرة إسرائيلية على الأراضي لا تزال تُغيّب “تطلّعات فلسطين نحو إقامة الدولة”.
قرار 181 ومعاناة 73 عاما
في 29 نوفمبر/ تشرين ثاني 1947، أصدرت الأمم المتحدة قرارا رقم (181) تحت اسم “قرار التقسيم”.
وافق على هذا القرار نحو 33 دولة، وعارضته 13 دولة أخرى، فيما امتنعت نحو 10 دول عن التصويت.
القرار نصّ على إنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين (1920 – 1948 ) إلى جانب تقسيم أراضيها إلى ثلاثة أجزاء:
– الجزء الأول تقام عليه دولة عربية “تبلغ مساحتها حوالي 4 آلاف و300 ميل مربع، تقع على منطقة الجليل الغربي، ومدينة عكا، والضفة الغربية، والساحل الجنوبي الممتد من شمال مدينة أسدود وجنوبا حتى رفح، مع جزء من الصحراء على طول الشريط الحدودي مع مصر”.
وتُمثّل الدولة العربية ما نسبته 43.5 في المئة من مساحة “فلسطين التاريخية” (تبلغ مساحتها حوالي 27 ألف كيلومتر مربع).، حيث امتلك العرب الذين بلغ عددهم آنذاك نحو 67 في المئة، غالبية تلك الأراضي.
– الجزء الثاني “تقام عليه دولة يهودية، مساحتها 5 آلاف و700 ميل مربع، تقع على السهل الساحلي من حيفا وحتى جنوب تل أبيب، والجليل الشرقي، بما في ذلك بحيرة طبريا و”إصبع الجليل”، و(صحراء) النقب”.
تُمثّل تلك الدولة نحو 56.5 في المئة من إجمالي مساحة فلسطين التاريخية، رغم أن أعدادهم آنذاك لم تتجاوز نسبة 33 في المئة من إجمالي سكان فلسطين وكانت تشكل آنذاك “أقلية سكانية”.
– الجزء الثالث والذي يضم “القدس ومدينة بيت لحم والأراضي المجاورة لهما”، يوضع تحت الوصاية الدولية، وفق القرار.
رفض فلسطيني وعربي وتضامن سنوي
لاقى هذا القرار رفضا فلسطينيا وعربيا، كونه يمنح أكثر من نصف فلسطين، لليهود، معتبرين أنه “قرار غير عادل”.
ورغم قبول السلطات الفلسطينية بحل الدولتين عبر مفاوضات للسلام عديدة، خاضتها في عقود سابقة، إلا أنه لا جديد يلوح بخصوص الاعتراف الإسرائيلي بتلك الدولة.
وتركز فلسطين سنويا فعالياتها على يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني، لاسيما في الكلمات الرئاسية.
وتُحيي الأمم المتحدة، الأحد، اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، والذي يتزامن مع إصدار الجمعية العامة لقرار تقسيم فلسطين.
واعتاد الفلسطينيون إحياء هذا اليوم، في جميع أماكن تواجدهم، من خلال فعاليات ثقافية شعبية ورسمية، غير أنهم صاروا مع انتشار فيروس كورونا هذا العام، يميلون للمناسبات الإلكترونية.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة، قد دعت عام 1977، للاحتفال بهذا اليوم والذي يوافق (29 نوفمبر/ تشرين الثاني) من كل عام.
وقالت الأمم المتحدة عبر موقعها الرسمي، في هذا اليوم: “تعقد اجتماعات خاصة يُدلي فيها مسؤولون رفيعو المستوى في المنظّمة الأممية، وفي منظمات حكومية دولية، وممثلون عن المجتمع المدني، ببيانات بشأن قضية فلسطين”.
وأشار الموقع إلى أن “هيئات حكومية ومنظمات المجتمع المدني، تنظّم بالتعاون مع مراكز الأمم المتحدة للإعلام، أنشطة متنوعة في مختلف أنحاء العالم”.
قرار لم تقف إسرائيل عند حدوده
في المقابل، لاقى قرار التقسيم “الجائز”، استحسانا إسرائيليا حيث ما زال كتّاب يشيدون به.
ونفذت إسرائيل الشق المتعلّق بها من القرار، حيث أعلنت في 14 مايو/ أيار لعام 1948، قيام دولتها على الأرض الفلسطينية دون توضيح حدودها، متجاهلة حتّى هذا اليوم الشق الثاني من القرار.
ولم تقف إسرائيل عند حدوده، بل رسخت وجودها في الوقت الحالي في أكثر من 85 في المئة من أراضي فلسطين التاريخية، إلى فرض سيادتها على ما تبقى من الأراضي الفلسطينية وهو ما تقل نسبته عن 15 في المئة فقط.
وسيطرت منظمات يهودية عام 1948 على غالبية أراضي فلسطين، وطردت سكانها الأصليين منها وارتكبت مجازر بحقّهم.
ووقعت آنذاك ثلاثة أرباع مساحة فلسطين تحت السيطرة الإسرائيلية، في حين حكمت الأردن الضفة الغربية، وأما قطاع غزة فقد خضع للإدارة المصرية.
لكن إسرائيل عادت في الخامس من يونيو/حزيران 1967، واحتلت الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة مع شبه جزيرة سيناء، ومرتفعات الجولان السورية.
وصدر قرار من مجلس الأمن الدولي، في نوفمبر/ تشرين ثاني 1967، حمل رقم 242، وطالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضي التي احتلّتها.
وعام 1993، بعد توقيع اتفاقية أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، خضعت بعض المناطق في الأراضي الفلسطينية لحكم ذاتي تحت سيطرة “السلطة الوطنية الفلسطينية”.
غير أن الاستيطان يمثّل أحد أبرز التحديات أمام رغبة الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة على أراضٍ “متصلة” ( على حدود ما قبل حرب 1967)، عاصمتها القدس الشرقية المحتلة.
ويخالف الاستيطان القرارات والقانون الدولي، حيث أصدر مجلس الأمن الدولي في 23 ديسمبر/ كانون الأول لعام 2016، قرار رقم 2334، والذي يطالب بـ”وقف فوري لكافة الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة”.
كما اعتبرت الأمم المتحدة، في أكتوبر/ تشرين أول الماضي، الاستيطان “عملا غير قانوني إضافة لكونه أحد العقبات الرئيسية أمام السلام، ويقوّض حل الدولتين”.
ورغم المواقف الدولية المُعارضة للاستيطان، أعلنت الحكومة الإسرائيلية، في السنوات الأخيرة، رفضها إخلاء المستوطنات بل ذهبت إلى حد التلويح بضم 60 في المئة من مساحة الضفة الغربية .
ووفق آخر الاحصائيات الصادرة عن جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني، فإن نحو 653,621 مستوطنا، يقيمون في 150 مستوطنة، و116 بؤرة استيطانية، في الضفة الغربية المحتلة ومدينة القدس، 47 في المئة منهم في محيط القدس.
وتسيطر المستوطنات على 10 في المئة من أراضي الضفة الغربية، بينما تسيطر إسرائيل على18 في المئة من أراضي الضفة لدواعي عسكرية، فيما يعزل الجدار نحو 12 في المئة من أراضي الضفة.
وتستغل إسرائيل تقسيم الضفة الغربية إلى ثلاثة مناطق، وفق اتفاق أوسلو الثاني الموقّع عام 1995مع منظمة التحرير الفلسطينية، لإحكام السيطرة على 60% من أراضي الضفة الغربية المصنفة “ج”، وتخضع لسيطرتها الأمنية والإدارية.
قرار غير عادل
يصف وديع أبو نصار، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الإسرائيلية، القرار الأممي القاضي بتقسم فلسطين، بـ”غير العادل”.
ويقول: “من وجهة نظر الفلسطينيين القرار غير عادل، أما من وجهة نظر دولية فالقرار نوعا ما عادل ويعطي لليهود دولة خاصة بعد معاناتهم من الاضطهاد في الحرب العالمية الثانية”.
ويوضح أن مشكلة القرار اليوم أن اليهود “لم يطبقّوا إلا الشق الخاص بهم من هذا القرار، متجاهلين بشكل كامل كل ما هو متعلق بالفلسطينيين”.
واستكمل قائلا: “في كل العالم، القرارات الأممية تنطبق على الضعفاء، بينما يتجاهل الأقوياء هذه القرارات”.
ويذكر أن المستجدات الحاصلة على القضية الفلسطينية، من استيطان وسيطرة إسرائيلية على الأراضي وإغراق الفلسطينيين بالأزمات المختلفة، تُغيّب “تطلّعاتهم نحو إقامة الدولة”.
وقال عن ذلك: “الأولوية اليوم لدى الغالبية العظمى للفلسطينيين، توفير الاحتياجات المعيشية، لا يوجد جهد حقيقي لبناء دولة”.
(الأناضول)